دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4912 - 2015 / 9 / 1 - 12:12
المحور:
الادب والفن
يُحكى، أنّ ملكاً غراً ومغروراً استبدّ بالرعية زمناً.
إلى أن جاء ذلك اليوم، المتعيّن فيه على الناس إسماع صوتهم عالياً. عندئذٍ، جمعَ الملك حاشيته وقادة عسكره كي يستأنسَ برأيهم. وكان نادراً ما يلجأ إلى تدبيرٍ كهذا. إلا أنه، في المقابل، ما كان يأبه بأي رأي يخالف رأيه. وإذاً، تحلق القومُ في قاعة العرش الكبرى، نصف الدائرية، المزخرفة بأبهى النقوش والمفروشة بأفخم الأثاث والرياش.
" إنها مؤامرة..! "، اختتمَ الملك كلمته الطويلة والمضجرة. هذه الجملة، المنطلقة كالصيحة مجدداً، جعلتْ الحضورَ يرفعون رؤوسهم ثانيةً باتجاه مولاهم. ولكنه بدا لوهلةٍ أكثر حيرة من الآخرين، قبل أن يستعيد زمام نفسه ويعيد نفس الجملة: " أجل، إنها مؤامرة..! "
" أجل، إنها مؤامرة! مؤامرة! مؤامرة..! "، ترددت الجملة كالصدى في أنحاء القاعة. هذه المرة، شاء الملك أن يرفع رأسه: كان ثمة ببغاء، زاهي الريش، ينتصب على حافة النافذة المطلة على مشهد الحديقة. وما أحنق الملك بشدة، أن الطائر كان يقف هناك كالمتربّص.
" ما هذا؟ "، صاحَ الملك منفعلاً وهوَ يشير بسبابته إلى الببغاء. هذا الطائر، ما لبث أن صاحَ بدَوره وكأنه يُجيب سؤال الملك الغاضب: " إنها مؤامرة..! ". رئيس الديوان، من ناحيته، فكّر بسرعة وقلق أنه الملوم في هذا الموقف الطارئ، المحرج. فأعطى للفور إشارة لأحد الحراس. إلا أن الطائر، ويا للعجب، ما أسرعَ أن انطلق محلقاً في أرجاء القاعة الواسعة، العالية السقف، فيما كان يردد نفس الجملة: " إنها مؤامرة! مؤامرة..! ". تراكض بعض الحضور هنا وهناك، ملهوجين، مطلقين صيحات اعتباطية، عاجزة. في اللحظة التالية، هوت شعلة كبيرة من الأعلى ونزلت رأساً فوق الملك: الببغاء، كان خلال طيرانه المتخبط قد اصطدمَ بالمسرجة الهائلة، المعلقة بسقف القاعة بوساطة سلسلة مذهّبة. أحاط القومُ بمولاهم وكلّ منهم يحاول إطفاء النار، المتشبثة بملابسه الحريرية، الرهيفة. في الأثناء، كانت صيحة الملك تصدى، قويةً ورهيبة وجريحة، في أنحاء المكان: " إنها مؤامرة! مؤامرة! مؤامرة..! ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟