دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 10:40
المحور:
الادب والفن
ملك العالم، من يَخضع لإرادته البشرُ والبهائم والطير، كان ذلك اليوم على مائدة العشاء العامرة بما لذ وطاب. الحاشية، لم يكن قد فشى فيها بعدُ ثمالة الخمر، حينما لاحظ أحدهم أن مولاه بدأ بالتململ في جلسته على كرسيه العالي، المزخرف بالموزاييك المذهّب والمصدّف، المظهّر بالبروكار الناصع البياض.
" آه، لا بدّ أنني تسممتُ! "، ندّت عن الملك وهوَ يقبض على بطنه بيدَه المثقلة بالخواتم المجوهرة. وقبل أن يفيق الحضور من هنيهة الذهول، كان مولاهم قد بدأ يفرغ ما بجوفه في صحن أمامه. أحدهم، هُرع للفور نحوَ المريض وقد بدت على ملامحه علامات الرعب. إلا أن اشارة حاسمة أوقفت اندفاعه: " لا فائدة. أشعر بالسم يسري في بدني كما النار، التي ستحرق روحي ثمّة! "، قالها الملك وهوَ يشير باصبع الشاهدة نحو سقف القاعة المعتم نوعاً.
" لتكن روحي فداءً لروحك، أيها الملك العظيم.. "، هتفَ ذلك الرجل نفسه من كان أول الملاحظين لحالة مولاه. هنا، رفع الملك رأسه عن المائدة وراح يحدق ملياً بالرجل. قال له أخيراً " سيكون لك ذلك.. "، ثم أتبع القولَ بإشارة لأحد الحراس.
ملك العالم، استعاد رونقه وحيويته في اللحظة الدموية، التي تبعت سقوط جسد المداهن المسكين بضربة سيفٍ محترفة. بل وراح العاهل يتضاحك بحبور، فيما كان يرفع قدحه طالباً من الحضور أن يشربوا نخبَ من وصفه بـ " المواطن المخلص الشهيد ".
في صباح اليوم التالي، اجتمع الناسُ في ساحة المدينة كي يشهدوا وضعَ نصبٍ في أحد أركانها تخليداً لمن افتدى بروحه حياةَ ملك العالم. كان كثيرٌ من المحتشدين قد عبّروا عن مشاعرهم المؤثرة، حينما التفت نحوهم حكيم المدينة ليخاطبهم بنبرته المعتادة، المتهكمة: " أجل، إنه شهيدٌ. ولكن روحه الطيبة، التي افتدت روحاً خاطئة، هيَ في طريقها إلى الجحيم لا إلى الفردوس الموعود ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟