أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مرآة صغيرة














المزيد.....

مرآة صغيرة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


ذلك المكان، المألوف لعيني كما روحي، بدا مختلفاً نوعاً فيما كنت أقلّبُ البصر بين مفردات عمارته العتيقة. حولي، في الحديقة، تترامى إليّ مفردات أخرى بشتى اللغات، متماهية بأصوات الضحك والمرح. لغتي الأم، كانت عندئذٍ تسترسل على لسان صبيّة حسناء أعرفها حق المعرفة. إلا أن شعرها الأشقر، الذي لطالما شبهته بشلال من السبائك الذهبية، قد انقلبَ الى الأسود الفاحم. وما فاقمَ من خيبتي، هوَ استرسال الفتاة بحديثٍ حميم مع شابّ غريب. على غرة، اختفى الصخبُ من حولي ووجدتني وحيداً في الحديقة.
" لا بد أن الدرسَ قد بدأ.. "، فكّرتُ ببعض القلق. كنت متردداً، أراوح قدميّ عند عتبة الدرج الرخاميّ العريض، المؤدي إلى مدخل قاعات الدراسة. غيرَ أن الممشى الضيق، المفضي إلى بوابة الجامعة الكبرى، ما لبثَ أن استقبل خطاي. ولأنني كنت أعرفُ الأنظمة، فما كان مني سوى التوجّه نحو البوابة الأخرى، الأصغر. على الجانب الآخر من الممشى، كان ثمة شابّ يبدو أنه يقصد المكان نفسه. هكذا تركته يسبقني، كي أرى ما إذا كان سيُسمح له بالخروج. حينما وصلت لحجرة الاستقبال، كان ذلك الشاب قد عاد أدراجه. ثمة، ما أن حاولت الانسلال إلى الخارج، حتى أوقفني أحدهم بنداءٍ أقرب للفظاظة.
" بطاقتك يا هذا..! "، خاطبني وهو يتفحصني باهتمام. وإذا بشخص آخر، يجلس هناك، يلوّح ببطاقة في يده ثمّ يقربها من زميله الفظ وهو يهمس شيئاً في أذنه. عند ذلك، أشار إليّ هذا الأخير بيده أن أتابع سيري. خارجاً، رأيتني متسمراً أمام الأسوار فيما سؤال يحوّم فوق رأسي: " بطاقتي الجامعية، كيف وصلت ليد ذاك الخفير؟ ". ما أيقظني من حيرتي، هو ضجيج المكان من حولي والأشبه بمثيله قبل حين في الحديقة. إذاك، كان الطلبة يخرجون من البوابة الكبرى، القريبة نوعاً. ما أدهشني، هو رؤية البنت الحسناء ثانيةً برفقة صديقها، وكانا قد أضحيا بالقرب مني. صديقها، كأنما لحظ اهتمامي. فلم يتأخر بالهمس إليها، فيما كانت عيناه تومئان نحوي. على الأثر، أخرجت الفتاة مرآة صغيرة وراحت تتأمل صورتها فيها. حينما لوّحت بأداة زينتها، انعكست صورتي فيها بلمحة.
" آه! كم تبدو شائخاً بشعر رأسك ولحيتك، الرمادي؟ "، خاطبني سرّي. في بحران الحيرة، الذي اجتاحني مجدداً، راحت صورُ الماضي تترى أمام عينيّ. الآن، كنت متيقناً بأن هذه الفتاة لا يمكن إلا أن تكون ابنة لـ " تلك! ". محبطاً، تقدمتُ إلى الدرب الفاصل مبنى الكلية عن أقرب محطة للمترو. وصلت إلى نهاية الطريق، لأقف مشدوهاً: ثمة تحتي تماماً، كانت تقبع المدينة بعماراتها المنيفة وشوارعها الفسيحة. من ذلك المرتفع الشاهق، كنتُ أتملى منظرَ المدينة الكبرى، وفي آن واحد، أبحث عن طريق مناسب. خوفي من الأماكن المرتفعة، جعلني أتمسك بجذع شجيرة. وإذا بالبنت الحسناء تغرّد بإزاء موقفي، داعيةً صديقها للحاق بها. المنحدر الخطر، الأشبه بمدرجٍ رومانيّ، كان من المستحيل أن يؤدي إلا لهاوية الهلاك ما لم يكن المرء متأنٍ للغاية في التدرج عليه. حاولتُ أن أصرخَ بالبنت، التي كانت آنئذٍ تتقافز بمرح، بيْدَ أن صوتي اختنق مع العتمة البهيمة، المتساقطة فجأة على المشهد.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرهط
- عالم واقعي، عالم افتراضي 2
- حقيبة يد
- حُمّى البَحر
- عالم واقعي، عالم افتراضي
- الملك الأسير
- كنت معهم؟
- صاحب الزمان
- داليدا
- الحسن باكور
- بائعة الورد
- الكنز
- الفونسو
- سيرَة حارَة 53
- سيرَة حارَة 52
- سيرَة حارَة 51
- سيرَة حارَة 50
- سيرَة حارَة 49
- أربع حكايات
- سيرَة حارَة 48


المزيد.....




- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مرآة صغيرة