أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 52














المزيد.....

سيرَة حارَة 52


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4728 - 2015 / 2 / 22 - 22:54
المحور: الادب والفن
    


في طفولتنا، لطالما رافقنا الجنازات عبرَ جادّة أسد الدين، وصعوداً من ثمّ إلى التربة. كنا في الطريق نتسلّى بصحبة " محمد عبو "، الشاب المبتلى بالتشوّه الجنيني ( المنغولي )، المعتاش على الصدقة في مناسبات الوفاة وغيرها. ولا تكتمل تسليتنا سوى بمراقبة انشغال حفار القبور، " أبو غالب "، في عمله أو خلال مساومته لأهل الميت.
أبو غالب ( وهو من آل حسو حصيرة )، كان يسكن في مدخل زقاق الآله رشي، المجاور لزقاقنا. وعلى الرغم من أنه كان رجلاً مسناً، فقد تميّز بالهمّة والنشاط. وأتذكّره بقامته القصيرة وشرواله الكرديّ والقبعة الصوفية، التي لا يحيدها عن رأسه في كل الفصول. وإحالةً لمهنته، كنا نتداولُ آنذاك ما يشاع عن كونه يقضي الوقتَ متلهياً بمسبحته وهو يردد: " اللهمّ ارزقني ميتاً! ".
ثمة طرائف عديدة تناقلها الأهالي عن أبو غالب، الذي كان يعمل في المهنة مع رفيقه، " أبو صلاح ". هذا الأخير، كان يسكن في الكيكية بالقرب من منزل عمتي الكبرى المطل على الجادة. ولكن الرجل ما لبث أن اختلف مع رفيق الكار، ثمّ صار يعمل لحسابه الخاص وينافسه على " الزبائن ". أبو غالب، من ناحيته، كان متردداً في أمر الحج الى بيت الله الحرام. إلا أنه سافر أخيراً الى الأرض الطاهرة. فلما عاد، سأله أقاربه ما اذا كان قد تبرّك بلمس قبر الرسول. فأجابهم قائلاً: " أجل، وقد تمنيت على الله عندئذٍ ألا يقبض روح أحد من زبائني قبل عودتي من الحج!! "..

*
" محمد شريف آله رشي "، كان من وجهاء الحارة؛ رجلاً محافظاً ومتديناً. على ذلك، نفهم سببَ تشدده مع ابنه " عبد الرحمن "، الذي ظهر نبوغه بالفن منذ فتوته.
كان عبد الرحمن يتسلل من منزله مساءً، لكي يحضر عرساً هنا أو حفلة هناك. ثمّ صارَ يغني في بعض المناسبات، سواءً بالكردية أو العربية، مما زادَ بالتالي من حنق والده وسخطه لدرجة حبسه أحياناً داخل جدران المنزل. " أنت بالوعة هذه الأسرة..! "، كان الأبّ يخاطب ولدَهُ مذكّراً إياه بأشقائه الذين كانوا طلبة مجتهدين. ولكنّ اسمَ عبد الرحمن آل رشي، في نهاية الأمر، لم يطغَ فقط على أسماء أخوته ( وقد صاروا شخصيات بارزة في مجالات العلم والوظيفة )، بل وأيضاً صارَ مشهوراً في سورية والمشرق كله.
" تركوين "، هوَ من الألقاب الطريفة في الحارة، وكان معرّفاً به العمّ الوحيد للفنان الكبير عبد الرحمن آله رشي. وبما أن هذا الرجل هو حمو خالي، فإنني سألت والدي ذات مرة عن لقبه الغريب. عند ذلك، أعلمني الأبّ بأن اللقبَ يعني " ذو الضرطة الكاوية "؛ وأنّ صاحبه استحقه بسبب بخله الشديد. كان " تركوين "، حسبما تستعيده ذاكرتي، عجوزاً طاعناً في االسن، بلحية ناصعة ومسترسلة على صدره. وكان يملك دكاناً صغيراً، يقبع بين عدد من محلات السمانة والخضرة والألبان؛ ممن عُرفَ أيضاً أصحابها بألقابهم المضحكة: " علي كَرّي "، " عزو نيسكي "، " علي بطة ". إلا أنّ صاحبنا، ذا الضرطة الكاوية، اشتهر بالطريقة الطريفة التي كان يفتتح بها صباحه. فإنه كان يشمل بنظره البضاعة المتراكمة فوق الرفوف، فيباركها بصوت مسموع: " السلام عليكِ، أيتها القطرميزات!! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 51
- سيرَة حارَة 50
- سيرَة حارَة 49
- أربع حكايات
- سيرَة حارَة 48
- سيرَة حارَة 47
- سيرَة حارَة 46
- سيرَة حارَة 45
- سيرَة حارَة 44
- سيرَة حارَة 43
- سيرَة حارَة 42
- سيرَة حارَة 41
- سيرَة حارَة 40
- سيرَة حارَة 39
- سيرَة حارَة 38
- سيرَة حارَة 37
- سيرَة حارَة 36
- سيرَة حارَة 35
- سيرَة حارَة 34
- سيرَة حارَة 33


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 52