أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 41














المزيد.....

سيرَة حارَة 41


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4689 - 2015 / 1 / 12 - 19:35
المحور: الادب والفن
    


في منتصف الثمانينات، كنتُ قد عدتّ من موسكو بعد قضائي هناك قرابة العامين. ذلك كان بعيدَ رأس السنة ببضعة أيام، عندما رأيتني وجهاً لوجه مع " نجلاء " في زحمة سوق الحرير، المتفرّع عن سوق الحميدية. كان الوقتُ مساءً، حينما شعّتْ ابتسامتها الساحرة خِلَل الجوّ البارد والمكفهر. معطفها الأرجوانيّ، الأنيق والمبطن بالفرو، بدا وكأنما يكسو بدَنَ بنتٍ مراهقة لا أمّ لأربعة أولاد....!
اتفاقاً أيضاً، تسرَّبَ إليّ فيما بعد خبرٌ غريبٌ عن حسناء الحارة. فابنة عمّها كانت صديقة حميمة لشقيقتي الكبيرة، والتي بدَورها بثتْ ما سَمعته أمامَ العائلة. خبرُ عَزْمِ " نجلاء " على الهجرة إلى القاهرة، أثارَ ولا غرو دهشتي الشديدة. حتى ذلك الحين، كانت قد أمضتْ نصفَ دزينة من السنوات قانعةً بأدوار الكومبارس في فرق المسرح العسكري. وهيَ ذي الآنَ، وقد أضحَتْ على حدّ الثلاثين، يُداعبها مجدداً حلمٌ قديمٌ بالنجوميّة والشهرة والمجد....!
" عبدو "، بحَسَب الخبر نفسه، كان يُحاول جاهداً صرفَ امرأته عما اعتبرها فكرةً جنونية. آنذاك، كان الرجلُ يعمل ممرضاً في مستشفىً حكوميّ. وكان قد تمكّن من كراء بيتٍ صغير، يقع بمقابل بيت حَميه. هذا الأخير، كان قد توفيَ قبل ذلك بعدة أعوام. أما الحماة، الملولة، فإنها حاولت ما أمكن التخفيفَ من مخاوف صهرها. إلا أنه بدأ يفقد أعصابه، خصوصاً عندما جاءه جوابُ " نجلاء " القاطع حولَ مصير أولادهما: " لم يعودوا صغاراً، ووالدتي ستساعدك في الاهتمام بهم بعد سفري! ". عند ذلك، استسلمَ الرجلُ للقنوط والإحباط. فانقطعَ عن العمل ولزمَ البيت. بعد نحو أسبوع، عادَ " عبدو " فجأةً إلى مزاولة عمله في المستشفى. ثمّ أتبعَ ذلك بمصالحة زوجته، التي كانت قد هجرتْ المنزل وأقامت لدى والدتها. بدا أنّ الرجلَ، وكما في كلّ مرةٍ، سَيرضخُ للمرأة التي لطالما أحبها بجنون وخاصمَ من أجلها عائلته وأقاربَهُ وتقاليدَ حارَتهِ.

*
كان فجراً متجهّماً، كئيباً، من يوم شتويّ باردٍ. غادرتُ منزلَ أحد الأصدقاء، الكائن في طلعة جامع النصر؛ ثمّة، أينَ قضيتُ سهرتي. في مروري تحت ظلال برج الكهرباء، إذا بعينيّ تلمحان عن بعد تجمهراً للخلق في النزلة المؤدية لموقف الحافلات العامّة. أكملتُ طريقي دونما حاجةٍ لإلقاء السلام، طالما أن أولئك الرجال كانوا مطرقين برؤوسهم وقد شملهم صمتٌ مُريب. إذاك، كنتُ أتخطى دونما انتباهٍ منزلاً للإيجار قد وقعتْ فيه للتوّ جريمةٌ همجيّة....!
مساءً، فتحتُ عينيّ على صوت الأمّ وهيَ تدعو أحدهم إلى الدخول لإيقاظي. عندما سطعَ الضوءُ، ميّزتُ هيئة صديقي " حسون " المتسمّرة في وسط الحجرة. " أحقاً، أنك كنتَ نائماً طوال هذا النهار؟ "، تساءلَ بعد فترةٍ من الصمت. أومأتُ بالإيجاب فيما أنا أتأمله. ملامحُهُ، كانت عندئذٍ توحي بشخصٍ مثقل بخبَرٍ مُستطير. فما أن استفهمتُ منه عن جليّة الأمر، حتى انهدّ على الأريكة بمقابلي. ثمّ بدأ على الأثر يقصُّ ما كان قد عرفه عن جريمة قتل " نجلاء "، التي جرَتْ في فجر اليوم نفسه....!
" عبدو "، بدا عند المساء أفضل حالاً، بصَرف النظر عن لحيته الخشنة وسحنته الشاحبة. عندما عادَ من السهرة مغ العائلة، كانت كلمات الحماة الطيبة ما تفتأ ترنّ في أذنه. لقد سبقَ أن اعتبرتها مجرّدَ نزوةٍ، نيّة ابنتها بالهجرة الى مصر: " فهل نسيتَ أنها في شهرها الرابع؟ "، اختتمتْ كلامها وهيَ تطمئنُ الصهرَ. هذا الأخير، ربما كان وقتئذٍ مشغولَ الفكر بشيء آخر. لقد استطاع أن يستلّ، خفيةً، حقنة مورفين ومبضعَ جراحة من مكان عمله في المشفى. قبل موعد آذان الفجر، حمل " عبدو " طفلته النائمة، ذات الأعوام الخمسة، ثم نقلها الى حجرة أشقائها. بعد ساعةٍ أخرى وفي مخفر الحيّ، تفاجأ رجالُ الشرطة المناوبين بدخول رجلٍ نحيل وطويل القامة: " لقد ذبحتُ امرأتي بهذا السلاح دفاعاً عن الشرف، وها أنا أسلّمُ نفسي ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 40
- سيرَة حارَة 39
- سيرَة حارَة 38
- سيرَة حارَة 37
- سيرَة حارَة 36
- سيرَة حارَة 35
- سيرَة حارَة 34
- سيرَة حارَة 33
- سيرَة حارَة 32
- سيرَة حارَة 31
- سيرَة حارَة 30
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية 2
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية
- سيرَة حارَة 29
- سيرَة حارَة 28
- سيرَة حارَة 27
- سيرَة حارَة 26
- نساء و أدباء
- سيرَة حارَة 25
- سيرَة حارَة 24


المزيد.....




- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 41