|
سيرَة حارَة 38
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 18:59
المحور:
الادب والفن
" نجلاء "؛ هيَ ابنة عم جارنا، الملاصق جدار منزل عائلته لجدار منزلنا. قبل الاقتران بابن عمها هذا، كانت تعيش مع أسرتها في زقاق الحسنية، المتصل بزقاقنا عبرَ حارة الكيكية. منذ صغري كنت أعرفُ هذه الفتاة ( التي ستُعرَفُ لاحقاً بالفتنة الفائقة )، طالما أنّ أقاربنا يقيمون هناك وأقاربها هم جيراننا، إلا أنها كانت آنذاك ما تفتأ مثلَ زهرةٍ بريّة، مُهْمَلة على طَرَفِ غابة؛ زهرة، ستغتالها فيما بعد سكينُ الغيرة والغدر....! " عبدو "، ابن عمّ حسناء الحارة، كان أشبه بفزاعة الطيور، المنصوبة في الحقول؛ بطوله الفارع ونحف بدنه وسمرة بشرته. لقد خطط باكراً على ما يبدو لامتلاك ابنة عمه، التي تصغره بنحو عشرين عاماً: فلأنه لم يكن يروق لأبي الفتاة، فقد صارَ صديقاً مقرّباً لشقيقها الكبير، شبه الأبله. كان يمدُّ هذا الأخيرَ بالمعجون المخدّر من جعبة شقيقه الأصغر، الحشاش....! في فترة خطبة " نجلاء "، كنتُ بعدُ في الصف الثامن الاعدادي، ألتقيها أحياناً في منزل أولاد عمومتها الآخرين، المقيمين بمقابل منزلنا. لقد كانت وقتئذٍ كوردة متفتحة في أوان الربيع، تنشرُ عبَقَها مع كلّ نسمةٍ عابرة. وتميّزت أيضاً بخفّة الظل، ولكن بدون طيش الفتيات العابثات. ذات مرة، كنت لدى أولئك الأصدقاء. وكانت " نجلاء " موجودة ثمّة، تدخن سيجارة وتتحدث مع قريباتها. فلحظتْ هيَ أنني أكادُ لا أرفع عينيّ عن عينيها الخضر، الساحرتين، فما كان منها سوى أن نفخت دخان لفافتها باتجاهي وسط ضحك الحاضرين. وهذا ما سبقَ أن فعلته أيضاً في حفلة عرس احدى قريباتها، وكنت موجوداً حينذاك بحكم حداثة سنّي. وبما أنني وأقراني كنا في إبان وقت المراهقة، فقد كان كلّ منا يتوهم أنه الأقربُ إلى قلب صاحبة الحُسْن، الأسنى..
* كانت " نجلاء " من الفتنة في ليلة عرسها، أنّ ربّة الحُسْن لو تجسّدت عندئذٍ لأعين الحاضرين لما تبّدتْ أكثر منها جمالاً. كانت تتهادى بقوامها الرشيق والفارع، تجرّ وراءها ذيل فستان الفرح، المنسجمة نصاعته مع لون بشرتها الألماسية. جدائل الشعر الأشقر، كانت إذاك تتطاير في نسيم الليلة الصيفية فتنهمر أحياناً كشلال ذهبيّ على عشب العينين، الأخضر....! ولأنني كنتُ بمثابة الأخ لأولاد عمّ العروس، علاوةً طبعاً على حداثة سنّي، فقد رأيتني ألجُ إلى مكان العرس على أثر اختتام الزفة الرجالية ( العراضة ). هذا المكان، لم يكن سوى منزل أهل العريس نفسه، الملاصق لمنزلنا. ثمة، كان التندّرُ بالفارق بين العروسين، سنّاً وشكلاً، يتردد على لسان أولئك الأقارب؛ وخصوصاً الشباب منهم، الذين ما لبثوا أن تهامسوا بخبث: " انظروا كم هو مستعجلٌ لإنهاء الحفل، حتى أنه يدفع عروسَهُ دفعاً نحوَ غرفة النوم "....! " نجلاء "، لم تمكث كثيراً في منزل حَمَويها. كانت أم العريس امرأة متزمتة، ولم يكن يرضيها بحال وقوف كنتها أمام باب البيت وتجاذبها الحديث مع الأقارب أو الجيران. ويبدو أن تلك المرأة لم تهتم آنذاك بحقيقة، أنّ زوجة ابنها كانت أقرب إلى طفلةٍ بسنوات عمرها غير المتجاوزة السادسة عشر. ذات صباح، رفضَ شقيق زوجها الأصغر أن يجلبَ لها علكة المسك من الدكان، فاتجهتْ إليّ ترجوني بطلبها. منذئذٍ، أخذتُ ألبّي طلبات حسناء الحارة عن طيب خاطر. إلى أن انتهرتني الحماة في احدى المرات، حينما ظهرتْ فجأةً من وراء ظهر الكنّة بسحنةٍ عابسة. مع استئجار " نجلاء " حجرةً في منزل أقارب لها في الزقاق، صرتُ ألتقي معها هناك غالباً بما أنّ أولادهم كانوا من أقرب أصدقائي. أم هؤلاء الأخيرين، عاتبت ذات يوم قريبتها الشابّة على عدم تحفظها أمامي، فما كان منها إلا الاجابة ضاحكةً: " إنه مثل ابني! ". وكان هذا " الابن "، في واقع الحال، لا يكبرها سوى بعامٍ واحد........!!! للحكاية بقية
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيرَة حارَة 37
-
سيرَة حارَة 36
-
سيرَة حارَة 35
-
سيرَة حارَة 34
-
سيرَة حارَة 33
-
سيرَة حارَة 32
-
سيرَة حارَة 31
-
سيرَة حارَة 30
-
مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية 2
-
مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية
-
سيرَة حارَة 29
-
سيرَة حارَة 28
-
سيرَة حارَة 27
-
سيرَة حارَة 26
-
نساء و أدباء
-
سيرَة حارَة 25
-
سيرَة حارَة 24
-
سيرَة حارَة 23
-
سيرَة حارَة 22
-
سيرَة حارَة 21
المزيد.....
-
صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
-
كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
-
أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
-
السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي
...
-
فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
-
-تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط
...
-
-لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
-
فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون
...
-
لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
-
مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|