أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 47














المزيد.....

سيرَة حارَة 47


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4712 - 2015 / 2 / 6 - 00:15
المحور: الادب والفن
    


1
كان عبد الكريم الأيوبي، ( أبو عناد )، من أوائل النشطاء الشباب في النوادي الكردية بنهاية الأربعينات، فاتقن لغته الأم قراءة وكتابة وصار ينشر الوعي القومي بين أهله وأفراد عشيرته.
لاحقاً، صار هذا الرجل ذو الأخلاق النبيلة من أبرز وجهاء الحيّ، وكان أحد ممثليه في مجالس الادارة المحلية؛ وهيَ المجالس التي تمّ ابتداعها إثر انقلاب حافظ الأسد العسكري عام 1970. وكما هو معروف، فإن الوجيه محمود بكري آلوسي ( أبو شيركو ) كان مقرباً من قائد الانقلاب والذي أعلن نفسه رئيساً. هذا الوجيه، هو أيضاً من زعامات جسر النحاس، المتأججين بالشعور القومي الكردي.
بعيدَ الانقلاب مباشرةً، أسنِدَ منصبُ رئيس الوزراء للسيد محمود الأيوبي؛ وكان من النشطاء البعثيين النادرين في حيّ الأكراد. عند ذلك، بادر وجهاء الحيّ إلى زيارة رئيس الوزراء في منزله لتهنئته بمنصبه الجديد، البارز. وقد ارتأى أعضاء الوفد أن يكون " أبو عناد " هو المتكلم باسمهم، بالنظر لانتسابه لجماعة الأيوبيين. هناك، في صالون رئيس الوزراء العتيد، وقف " أبو عناد " الخطيبُ المفوّه ليعبّر عن افتخار أحفاد صلاح الدين بابنهم البار، الأستاذ محمود الأيوبي. هذا الأخير، قاطعَ الخطيبَ فجأةً، موضّحاً أن في الأمر سوءُ فهم: " مع احترامي لجدّك السلطان صلاح الدين، ولكن كنيتنا تتصل بالصحابي أيوب الأنصاري الذي أقام في حوران.. ". هنا، بقيَ " أبو عناد " متسمّراً في مكانه، ثمّ راح يردد على الأثر كلمات مبهمة: " صحيح، جدكم هو أيوب الحوراني! والنعم، والنعم! ". ثمّ ما لبث أن جلسَ وهو في غاية الإحراج. ما أن خرجَ الوفد من منزل رئيس الوزراء، حتى بدأ بعضهم يعلّق ساخراً على ذلك الموقف الطريف. عندئذٍ، التفت إليهم " أبو عناد " منفجراً بسخط وغضب: " ابن الحرام! إنه يفتخر بأيوب الحوراني، ولا يشرفه الانتساب لصلاح الدين الأيوبي! تفووو "..

2
كنت من السذاجة في عمري المبكر، أنني أعتقدت دوماً بأن الفنانين، الذين يظهرون في جهاز التلفزيون، هم من أهالي حارتنا. رائد الكوميديا، عبد اللطيف فتحي، كنت أراه يومياً بشخص شبيه له؛ هوَ زوج فريال، ابنة جيراننا من آل حج عبده. صديق والدي الحميم، بديع ديركي، كنتُ أعتقد جازماً بكونه الممثل الكوميدي نزار فؤاد. بل حتى الزبال مصطفى، وهو الوحيد بين أبناء كاره المنتمي لحارتنا، فإنني كنت أظن أنه الممثل المصري محمد شوقي، المعروف بأدواره الثانوية الطريفة.
" ديبو "؛ ابن كبير أعمامنا، كان صاحبَ مزاج، فلا تخلو سهراته من زجاجة العرَق وصحون المازة. بدَوره، كان ابن العمّ يعتقد بأنّ من يظهرون على شاشة التلفزيون في بيته، إنما يشاركونه في الشراب والطعام بشكل أو بآخر. وقد علّق ذات ليلة على ظهور معبودته، المطربة سميرة توفيق، بأن التفت إلى الحاضرين ليقول: " لقد ازداد وزنها منذ أن حلّت في منزلي! ".
امرأة ديبو ( وهيَ كبرى خالاتي )، كانت معتادة على طبعه ومزاجه، فتتضاحك بتسامح حينما كان يُعبّر عن هيامه الشديد بمعبودته تلك. بل ان الخالة علّقت ذات مرة على الغمزة المثيرة، التي اعتادت سميرة توفيق على رشقها للمشاهدين، قائلةً وهيَ تخاطب زوجها: " هذه الغمزة لك، أبو صلاح..! ". فتضرّج وجه ابن عمّنا من الحبور والغبطة، فراحَ يفتل شاربيه بكثير من الزهو..

3
في زمننا الحاضر، لو اشتاق المرء إلى رؤية الحارة القديمة، فما عليه سوى الارتقاء قليلاً باتجاه السفح؛ هناك، حيث الأزقة الضيقة وأبواب البيوت العتيقة والجدران الكهلة. هذا على الرغم من حقيقة، أن معظم منازل السفح، خصوصاً في الأزقة العليا، تعتبر حديثة بالنسبة لمثيلاتها في الجادات التحتانية؛ والتي يعود أكثرها للعهد العثماني وبعضها إلى ما قبله حتى زمن صلاح الدين.
ذات ليلة من الزمن الفائت، كان ابن كبرى خالاتنا عائداً من سهرة لدى صديق يقيمُ بالجادة الفوقانية. ثمّة عند دخلة " الزعاويط "، اعترضه شابان وطلبا منه العودة أدراجه. دقق ابن الخالة بملامح هذين الشخصين الفتيين، على الضوء الخافت لمصباح الشارع، فعرفهما فوراً. أحدهما كان " ابن بوبو "، المعروف بمشاكله في الحارة. أما الآخر، فلم يكن سوى " ابن الباراوي "، الفار من الخدمة في سرايا الدفاع. هذا الأخير، اعتذر من ابن خالتنا بأنه ورفيقه قد أقسما يميناً قبل قليل بألا يدعا أحداً يمرّ من هذا الدرب. فما كان من ابن الخالة، الذي لاحظ أنّ الشابين قد تعتعهما الخمرُ، سوى الانكفاء على أعقابه. هكذا عليه كان الاضطرار إلى أخذ طريق طويل، عبرَ دخلة " مدرسة الهداية "، كي يلتفّ من هناك إلى زقاق الكيكية ومنه إلى زقاقنا. في اليوم التالي، حينما حضرَ إلى بيتنا وقصّ علينا تلك الواقعة، فإنني مزحتُ معه: " ابن خالتنا، العكَيد، يخاف من صبيين بعمر أولاده؟ ". فرد عليّ بلهجة مرجة: " لقد كنتُ في مثل عمرهما كذلك؛ وكنت مستعداً لإطلاق النار فوراً على من يخالف يميناً أقسمته وأنا سكران!! "..



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 46
- سيرَة حارَة 45
- سيرَة حارَة 44
- سيرَة حارَة 43
- سيرَة حارَة 42
- سيرَة حارَة 41
- سيرَة حارَة 40
- سيرَة حارَة 39
- سيرَة حارَة 38
- سيرَة حارَة 37
- سيرَة حارَة 36
- سيرَة حارَة 35
- سيرَة حارَة 34
- سيرَة حارَة 33
- سيرَة حارَة 32
- سيرَة حارَة 31
- سيرَة حارَة 30
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية 2
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية
- سيرَة حارَة 29


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 47