دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4742 - 2015 / 3 / 8 - 15:07
المحور:
الادب والفن
يقال، أنّ رجلين امتهنا اللصوصية كانا في طريقهما إلى المدينة ظهرَ يومٍ ربيعيّ مُشرق. فيما كانا يسيران، لفت نظرهما منزلٌ جميل، منعزلٌ، يقوم على طرف الدرب. فكرة واحدة، لمعت عندئذٍ في رأس كلا الرجلين: " لا بدّ أنهم أغنياء، أصحابُ هذا المنزل المنيف، المتوحّد ".
المرأة المسنّة، التي تخدم في المنزل، كانت في المطبخ تحضّر غداءً بسيطاً، حينما اقتحم رجلان غريبان المكانَ بغتةً. أحدهما، أشهر خنجراً في وجه المرأة، فيما الآخر انطلق يجول بخفة في أنحاء المنزل. هذا الأخير، قال للخادمة بعدما تأكد أنّ أسيادها غائبون عن البيت: " سندعكِ وشأنك، ولا شك، فيما اذا أخبَرْتِنا عن مكمن المال والمجوهرات ".
" لا بدّ أن تقسما على هذه النعمة! "، خاطبتهما العجوزُ برباطة جأش وهيَ تشير الى قدر الطعام. ثم أضافت " ولكن عليّ أولاً أن أنهي مهمتي قبل مجيء السادة ". فعلا ما طلبته، وليسَ بدون قليل من الدهشة. المرأة، تابعت طهيَ الغداء. لما انتهت مما بيَدها، تحركتْ باتجاه الدور العلويّ كي تدلّ اللصين على كنوز الدار. حينما شاهدَ اللصان الكنزَ، بدا لهما من الوفرة حتى أنّ شعوراً بجوع ضارٍ، داهمٍ، اجتاحهما على الأثر. تركا المكان، مخلّفَيْن جثة العجوز، المقتولة للتوّ، وهيَ غائصة في بركة دمها. هناك، في المطبخ، ما كان من أحدهما إلا الإعرابَ في سرّه عن هذه الحكمة: " إنّ قسمَة الكنز على اثنين هيَ عملية غير مربحة كثيراً! ". هكذا بادرَ اللصُ الحكيمُ إلى سحب الخنجر نفسه، الذي قتل به الحادمة، لينهال به طعناً في جسد صاحبه، المشغول بالأكل.
" الآن، أستطيع القولَ بأنّ قسمَة عادلة قد تحققت! "، قالها الحكيمُ وهوَ مسترخ بكسل إثرَ تناوله الغداء. برهة، على الأثر، وإذا بوَجع هائل يتسللُ رويداً إلى بدن الرّجل، متبوعاً بالغثيان. حينئذٍ، أدركَ بأنّ الطعامَ هوَ سببُ بلائه. " ويلي! لقد دسّتْ عجوزُ النحس السمَّ في الطعام!! "، تمتمَ المحتضرُ بأسى فيما كان يتطلع بالتناوب إلى جهة الجثتين.
أما الكنز، فلم يُمَسّ أبداً.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟