أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - السقاء














المزيد.....

السقاء


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4816 - 2015 / 5 / 24 - 19:54
المحور: الادب والفن
    


تحت سماء ألقة، تناثرت فيها نتفُ سُحُبٍ وردية، سار التاجرُ مع زوجته يتقدمهما خادمٌ عابسٌ. كانا في طريقهما إلى حديقة الدار، المونقة بأزاهيرها وأطيارها. نسمة رخيّة، محمّلة بعبير شجيرات الليلك والزيزفون، هبّت على غرّة. تلك النسمة العطرة، كانت تطوي بين جنحيها هذه الحكاية.
في غروب يومٍ ربيعيّ، دافيء، تناهى سقاءُ الماء إلى دربٍ مفروشٍ برمل أحمر تترامى عليه ظلال أشجار النخيل والزيتون. ثمة، في نهاية الدرب، كانت تبدو مزرعة مزدهرة يتطاول من بين أغراسها بناءٌ منيف. أمام مدخل المزرعة، المشكّل قوساً حجرياً مزخرفاً بالجبص، توقف الرجل وهوَ يضع جانباً قربة الماء الجلدية. قال يُخاطب نفسه بصوت عال " سبحان مقسّم الأرزاق على خلقه، يعطي ويحرم من يشاء "
" أيها السقاء! سيّدي يدعوك إلى حضرته.. "، صدرَ نداءُ أحدهم خِلَل سور المدخل. وكان هذا خادمٌ للدار، فما لبث أن قادَ السقاء إلى أيوان رائع يقع على طرف الحديقة. هناك، كان عددٌ من الرجل المعتبرين قد تربعوا على أرائك مكسية بالخمل الأرجوانيّ اللون، وقد سطع فوق رؤوسهم نور مصباح كبير، معلّق بالسقف. مجلسُ الراح، بدا كأنما قد بدأ يحتفي للتوّ بالسمّار ـ مثلما سبقَ للرجل السقاء أن شهده في أماكن أخرى. وهو ذا أحدُ الحضور، وكان أكثرهم تأنقاً وهيبة، يتوجه إليه: " سيعتني خادمنا بقربة الماء، فما عليك إلا الجلوسَ قليلاً ومؤانستنا بحديثك "، قالها بنبرة تجمع بين الترحيب والتفكّه.
" لستُ واثقاً من قدرتي على امتاعكم بحديثي، إلا أنني في المقابل أعرض عليكم أعذبَ ماءٍ في هذه الحاضرة السلطانية "، أجابَ السقاء مُخاطبَه وهو يحني رأسه بحركة تبجيل.
قبل أن يخلط صاحبُ الوجاهة الماءَ بقدح الشراب، فإنه أخذ رشفة منه. فما عتمَ أن هز رأسه تعبيراً عن الرضى. لما سُئل السقاءُ عن مصدر مائه، أجابَ أنه من نبعٍ يقع في أحد أرباض المدينة: " وهوَ مُختفٍ داخل أجمة كثيفة ولا أحد يعرف مكانه غيري ".
في اليوم التالي، حينما همّ السقاء بوضع قربته على صخرةٍ مشرفة على النبع، فإنه لحظ رمحاً مغروزاً في وسطه تماماً. وما أثار دهشته عندئذٍ، هو الراية الخضراء المتدلية من الرمح. تلك، كانت ذات الراية، التي سبقَ أن شاهدها على قبّة ايوان الأنس في الليلة المنصرمة. إلا أن الدهشة الحقة، عليها كان أن تتملكه حينما انتهى إلى أصل الرمح المغروس في رمال النبع: جوهرة ثمينة، نادرة، كانت إذاك في انتظار صاحب الحظ السعيد.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدينة الغريبة
- أنا الإله
- عالم واقعي، عالم افتراضي 3
- مرآة صغيرة
- الرهط
- عالم واقعي، عالم افتراضي 2
- حقيبة يد
- حُمّى البَحر
- عالم واقعي، عالم افتراضي
- الملك الأسير
- كنت معهم؟
- صاحب الزمان
- داليدا
- الحسن باكور
- بائعة الورد
- الكنز
- الفونسو
- سيرَة حارَة 53
- سيرَة حارَة 52
- سيرَة حارَة 51


المزيد.....




- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - السقاء