أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - المدينة الغريبة














المزيد.....

المدينة الغريبة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


رأيتني في المدينة الغريبة، التي لطالما عشقتُ دروبها المزينة بأشجار البرتقال والزيتون.
كان الوقت ليلاً، حينما التقيت صديقي واتفقنا على السفر صباحاً إلى مدينة ساحلية، قريبة. عندما رآني أهمّ بالنهوض للمغادرة، فإنه بادر الى اعطائي جريدة محلية: " ضع فلوسك فيها؛ فإنها لن تجلب نظرَ اللصوص المنتشرين في الطرقات! "، قالها ثم بادر بنفسه الى تدبّر الأمر.
خرجتُ إلى الظلام المدلهم، في طريقي إلى الفندق. كنتُ متأبطاً لفة الفلوس بحرص، متطلعاً حولي في حذر. إلا أن شرودي، على الأغلب، قادني إلى درب وعر بلا أضواء تقريباً. ثمّة، صادفتُ شابين يتحدثان بصوت مرتفع، ما لبثا أن التزما الصمت بمروري حذائهما. وكنت قد انحدرت أبعد قليلاً، حينما سمعتُ صوتاً محذراً " عندك يا هذا! ". تسمرت في مكاني وقد طغى الرعب على كياني: هوة رهيبة، كأنها وادٍ بلا قرار، كانت إذاك مفتوحة تحت قدميّ مباشرةً. عندما اقترب صاحب الصوت من موقفي، تمسكتُ به وتراجعت الى الخلف. سرنا هنيهة وقد شملنا الصمت، حتى بانت أضواء شوارع المدينة مجدداً. عندئذٍ، سألني " المنقذ " عن وجهتي. فما أن أخبرته باسم الفندق، حتى تهلل وجهه: " طريقنا واحد؛ فأنا أعرف صديقك جيداً، لأننا نعمل هناك معاً! ".
ما أن دخلنا بهو الفندق، إلا وفتاة جميلة تقترب منا. سحنتها الحنطية ذات التقاسيم المتناسقة، بدت أليفة لعيني. وهيَ ذي تحييني باسمي وكما لو أنها تساعد ذاكرتي: " أنا خطيبة صديقك، السابقة! ". من اعتبرته منقذي، ما لبث أن تركني بعدما قال لي بود " ستدلك هي على الغرفة، التي سنقضي ليلتنا فيها. فقد قررنا السهر حتى الصباح لتوديعكما ". حينما بقيت لوحدي مع البنت الحسناء، فإنها اقتربت مني مجدداً لتخاطبني بكلام فاجأني: " دعهم يقضون الوقت ثمة، ولنذهب الى غرفتك! ". هناك، في الحجرة تلك، راحت تبثني مزيداً من الكلام الغريب؛ عن اعجابها بي منذ أن التقتني لأول مرة، وأنها لم تكن تحب خطيبها أبداً.
على الأثر، وجدتني وحيداً في غرفة الفندق. عند ذلك، انتبهت الى لفة الفلوس المطوية في الصحيفة. كانت ورقة من الفئة المالية الصغرى، العشرين، تطل برأسها من أسفل اللفة وكأنما كي تطمأنني على رفيقاتها. على السرير العريض، تمددت محاذراً ألا أغفو. بعد فترة، انتترت واقفاً وفكرة مرعبة قد دهمتني " لقد غلبني النوم وفوّت عليّ موعدَ السفر! ". غير أن الظلام، المتبدي خِلَل النافذة، أعاد الطمأنينة الى داخلي. لفة النقود، ما فتأت على الطاولة القريبة. مددت يدي إليها ورفعتها، وإذا بها خفيفة للغاية " آه! لن يكون باستطاعتي السفر. بل انني لا أقدر على دعوة الفتاة حتى الى المقهى! ". ولكن، هي ذي فكرة أخرى: " كيف سأدفع حساب الفندق في آخر الأمر؟ ". ثم انتبهت إلى حقيقة محزنة ومخيفة في آن؛ وهيَ أنني كنتُ ألهي نفسي بتلك الأفكار. فخلال غفوتي المبتسرة، كنتُ قد رأيتُ شبحاً يتسلل إلى داخل الغرفة: ذلك الشبح، كنتُ أتعرف فيه آنئذٍ، وعلى التوالي، أشخاصَ المنقذ والصديق والفتاة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا الإله
- عالم واقعي، عالم افتراضي 3
- مرآة صغيرة
- الرهط
- عالم واقعي، عالم افتراضي 2
- حقيبة يد
- حُمّى البَحر
- عالم واقعي، عالم افتراضي
- الملك الأسير
- كنت معهم؟
- صاحب الزمان
- داليدا
- الحسن باكور
- بائعة الورد
- الكنز
- الفونسو
- سيرَة حارَة 53
- سيرَة حارَة 52
- سيرَة حارَة 51
- سيرَة حارَة 50


المزيد.....




- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - المدينة الغريبة