أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - وصفُ أصيلة














المزيد.....

وصفُ أصيلة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4870 - 2015 / 7 / 18 - 10:36
المحور: الادب والفن
    


كنتُ وقرينتي في الطريق بالقطار إلى مدينة " طنجة "، قادمَيْن من العاصمة المغربية، التي شغلنا فيها ببعض الأوراق الرسمية. هكذا وجدتنا في كابين الدرجة الأولى، وكان يشاركنا فيه سيدة شابة سبقَ أن استقبلتنا بابتسامة مرحّبة رصَّعتْ وجهها البشوش، الأسمر. اختيارنا للدرجة الأولى، كان لسبب وحيد؛ هو امكانية استعمال مرحاضٍ نظيف في رحلة طويلة تستغرق حوالي ثمان ساعات.
جوّ ذلك اليوم من شباط / فبراير، كان ربيعياً ورائعاً. وبهذا الشعورُ الرخيّ، بدأ حديث التعارف مع شريكتنا الشابة. عندما استرسل الحديث بين السيدتين، رأيتني أنهضُ كي أطل من نافذة الممر على مناظر الدرب، الخلابة. كانت تتوالى أمام ناظري التلالُ الحمراء، المتراكمة فيها جدعات الصبّار ذات الأزهار الصفراء، المتوهّجة بالفتنة تحت أشعة الشمس. في أسفل ذلك المشهد المتحرك، كانت تتناثر أشجار الزيتون، الداكنة الخضرة، وقد بدت كأنها الحارسة المباركة لدرب المسافرين. وأسفل أكثر، حتى جوانب طريق سكة الحديد، بدا قصبُ المساكب وهوَ يسبحُ في مستنقعاتٍ لا نهائية. شعرتُ بالظمأ، فعدّت إلى الكابين. فما هيَ إلا هنيهة وحضرَ مفتش التذاكر. حيا الرجلُ السيّدة الشابة بودّ، وكما لو أنه يعرفها. بعد انصراف الموظف، أشرتُ عبرَ النافذة نحو الأراضي المغمورة بالمياه مُتسائلاً: " أهيَ مزروعة بالرز؟ ". فأجابتني المرأة متبسّمة " بل هذه آثار الفيضان، الذي ضربَ الاقليم خلال الأسبوع المنصرم! ".
أما المفاجأة الجميلة في رحلتنا، فقد جدَّت في وقوف القطار بالمحطة التالية، " القنيطرة ". كنتُ وقتئذٍ أستعيدُ ما تحتويه خزنة ذاكرتي عن معاناة معتقلين سياسيين في سجنٍ مشنوع الصيت، يرتبط باسم هذه المدينة، وإذا بأحدهم يدلف من الباب. كان رجلاً أسمرَ، رَبْع القامة، يحمل بيده حافظة جلدية صغيرة. بعدما ألقى التحية، جلس بقرب السيّدة: " إنه زوجي؛ محمد البقالي..! "، خاطبتنا ببساطة قبل أن تشرع في الكلام معه. وما لبثت المرأة أن قالت لزوجها مومئة نحوي: " إنه أيضاً مهتم بالأدب ". على الأثر، رحنا نتبادل الأحاديثَ عن الوضع الثقافي في بلدينا. وكان هوَ قد أبدى بعض الدهشة من معرفتي بالأدب المغربي، وخصوصاً ما يتعلق بالطاهر بنجلون ومحمد شكري. عن هذا الأخير، قال لي محدّثي: " كنت أعرفه شخصياً. كان دائب الحضور لمدينتنا، أصيلة، التي ارتبط فيها بصداقات حميمة مع عدد من كتّابها وأبرزهم المهدي أخريف؛ الذي سأعرفك به عندما تزورنا ". وكان الرجل قد دعانا لزيارة " أصيلة "، المدينة المغربية الشهيرة بقصبتها القديمة كما وبمهرجانها الثقافي الدولي. بعد قليل، نهض الرجلُ مستأذناً وتناول حقيبة يده. القطار، كان عندئذٍ قد تناهى إلى محطة جديدة: " عليّ العودة إلى العمل.. "، قال لي مبتسماً وقد لحظ مدى استغرابي. عند ذلك حَسْب، عرفتُ أن هذا الشخص المثقف ( الذي اعتقدتُ أولاً أنه التحق بزوجته من محطة القنيطرة ) لم يكن سوى سائق قطارنا بالذات: " سآخذ الآن مكان معاوني..! "، قالها قبل أن يضيفَ مودّعاً " سنلتقي إذاً بعد الغد في أصيلة ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملك العالم
- صراط التجربة
- الإرهاب هو الحل
- المهدي والخليفة
- عالم واقعي، عالم افتراضي 4
- قاطع الطريق
- الحاجب
- الكوري الشمالي والكوردي الشمالي
- السقاء
- المدينة الغريبة
- أنا الإله
- عالم واقعي، عالم افتراضي 3
- مرآة صغيرة
- الرهط
- عالم واقعي، عالم افتراضي 2
- حقيبة يد
- حُمّى البَحر
- عالم واقعي، عالم افتراضي
- الملك الأسير
- كنت معهم؟


المزيد.....




- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...
- بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحص ...
- المعمار الصحراوي.. هوية بصرية تروي ذاكرة المغرب العميق
- خطه بالمعتقل.. أسير فلسطيني محرر يشهر -مصحف الحفاظ- بمعرض إس ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - وصفُ أصيلة