العبيد

دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4889 - 2015 / 8 / 7 - 14:52
المحور: الادب والفن
    

يبدو أن " مدينة الشمس "، شبه الاسطورية، كانت واحة في الصحراء غربي نهر النيل. تشديدنا على الشبهة، يُحال إلى حقيقة أنه لا المصادر التاريخية ولا البعثات الأثرية قد أثبتت امكانية وجود هكذا مدينة. إلا أن حكايتنا، في كل الأحوال، تداولتها أجيال عديدة بشكل شفاهيّ حتى أمكنَ تسجيلها كتابةً.
أحد العبيد الشبان، الفارين من قصر الحاكم الرومانيّ في الاسكندرية، اهتدى اتفاقاً لواحة نخيل فيما كان على الرمق الأخير عطشاً واملاقاً بعدما هلك فرسه خلال الطريق. هذا العبد، ولنقل أن اسمه " أتون "، دأبَ فيما بعد على نسب المدينة لإسمه. إذ كان قد اكتشفَ، ومنذ يومه الأول في الواحة، أن عبيداً آخرين قد سبقوه إلى كنفها الآمن، المخضوضر. على أنّ الرجل، على الأرجح، كان هوَ من تعهّد أمام أولئك الأخوة بمحاولة جذب مزيدٍ من الفارين إلى الواحة.
ثلاثة أعوام على الأثر، وكان المكان المقفر والموحش قد تحوّل إلى بلدة مزدهرة ذات مساكن مبنية جميعاً من القصب، المجلوب من ضفاف النبع الراقد تحت ظلال النخيل. هذه الأخوية، كانت تتشكل عموماً من أسر ارتبط رجالها ونساءها بوحدة المصير أكثر من الحب. " أتون "، ومع كونه أحد أعضاء المجلس السيادي المنتخب، إلا أنه تمتع دوماً بصفة كبير القوم وبشكل اعتباريّ. فإن قوانين الأخوية، ولا غرو، كانت موضوعة من قبل أناس ذاقوا طعم الحرية أخيراً ولم يكن من الممكن أن يسمحوا لكائن من كان بإعادتهم إلى خلافها. وإنه " أتون " من كان قد اقترح على المجلس، ذات مساءٍ ربيعيّ منعش النسيم، فكرة مد قناة من النيل إلى البلدة لحل مشكلة الماء ومحاولة استصلاح المزيد من الأراضي للزراعة.
الابن البكر للسيّد " أتون "، كان قد بلغ سنّ الخامسة حينما انتقلت أسرته إلى منزل منيفٍ أشبه بأحد قصور الحكام الرومان، المحليين. عشرات العبيد، باتوا آنئذٍ في خدمة منزل السيّد ومزرعته الكبيرة. هؤلاء العبيد، كانوا أساساً عناصرَ من فصائل عسكرية رومانية وقعوا بالأسر خلال معارك جرت على أطراف الصحراء غير بعيد عن " مدينة الشمس ". التوسّع بالاسترقاق، صار لاحقاً أمراً طبيعياً بالنظر لحاجة ملاكي الأراضي الزراعية إلى من يعمل فيها بدون أجر.
وتقول خاتمة الحكاية، أن هؤلاء العبيد قد تواصلوا بشكل سريّ مع حاكم الاسكندرية، وهم من كانوا عوناً لجيشه خلال هجومه الكاسح والمظفر على " مدينة الشمس "، الذي انتهى بتدميرها وابادة جميع مواطنيها قتلاً وصلباً.

#دلور_ميقري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات