أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - الحركة الشيوعية العراقية وثقافة الموت















المزيد.....

الحركة الشيوعية العراقية وثقافة الموت


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 4738 - 2015 / 3 / 4 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحركة الشيوعية العراقية وثقافة الموت
عبدالأميرالركابي

لاتنتمي الشيوعية العراقية الى الشيوعية المعروفة، لاالتاسيسية شيوعية ماركس وانجلس،ولا الروسية اللاحقة اللينينية، اوحتى الى الاضافات اللاحقة العالم ثالثية، مثل ماركسية الصين، او كوبا اوغيرها، واذا كان لكل من تلك الشيوعيات التي تشكل بمجموعها الشيوعية المعاصرة، ميزته، واضافته الاجمالية للمبنى الهائل للنظرية المقصودة وتجاربها، فقد اختصت الشيوعية العراقية من بينها باضافة غريبة واستثنائية، لاتنتمي لاية التماعة ايجابية عصرية تذكر ضمن اجمالي تاريخ الشيوعية، هذا اذا لم تكن قد تميزت بالقحط والعقم في المجالين النظري والعملي معا، سوى النكوص بالنظرية المعاصرة نحو عوالم ليست من الحاضر.
ومما يبرر الانتباه لهذا الجانب، او الظاهرة الخاصة، قوة دفق هذه التجربة وغزارتها، واتساع الا سهام الشعبي والمجتمعي فيها، الامر الذي يثير التساؤل حول الاسباب التي حالت بينها وبين ان تكون واحدة من تلك العلامات، او المحطات المؤهلة لاضافة اي جانب يعتد به الى البناء الشيوعي العام.
وبلا شك فان عقم تلك التجربة، ولاابداعيتها، انما يعكس الحال، او الظرف التاريخي الذي نشات ضمنه، والشروط الواقعية التي زرعت فيها، وهو يدلنا على نوعية الاوضاع، او الحالة التي كان العراق يمر بها مع بدايات القرن العشرين، كما يرينا قوة اثر الموروث، وكيفية تغلبه على الافكار المنقوله والمستعارة، هذا على اعتبار مايلاحظ طغيانه على مناخ تلك الحركة، واجمالي ممارستها من ناحية ميلها الى تضخيم جانب "المظلومية"، مع البحث الشغوف عن التقديسية التضحوية، وتغليب ثقافة الموت.
ومع ان الجوانب التنظيمية والعملية لاقت هنا مناخا خصبا، دعمه تاريخ قديم سابق من العمل السري ايام العباسيين، اتبعته حركات معارضة نشات في حينه، وانبعثت في العصر الحديث ايام الاحتلال العثماني، الا ان نزعة تحويل الفكرة بحد ذاتها الى واقع، هو الاخر استمد من تلك التجارب التي تحبذ الانتظارية التاريخية، وبدل الصراع الطبقي المفترض، والمقر بالاصل ايديلوجيا لاواقعيا، تغلب منطق "الانتظارية المهدوية" فتلاقى مع فكرة الحتمية التاريخية الماركسية، بما حول الشيوعية العراقية الى قوة "تفكير" لا قوة "تغيير" الا بالمعنى التاريخي البعيد، والذي لايمكن تحديده او وضع آجال نهائية بخصوص تحققه الواقعي، الامر الذي جعل من هذا الجانب مجالا لمتاهة لامحددة تاريخيا.
عدا عن ذلك، لعب جانب المظلومية دورا في التعبئة النفسية، وهو ثقافة معممه ومجتمعية في مكان من العراق، لها سابقة تمثلت في القرن الثامن عشر والتاسع عشرضمن سياق التشكل الحديث، باعادة تشييع القبائل الجنوبيه العراقية من قبل الدعاة النجفيين والحليين "الموامنة"، فالتشيع العراقي الحالي، ليس هو التشيع العباسي الذي اختفى كليا بين القبائل الجنوبية بعد انهيار البناء العباسي، واعيد بعثه ضمن حركة التجديد الديني المعاصرة الحديثة، ومع تغير العصر والدلالات، فان مفهوم المظلومية كاد يقارب احيانا المازوخية الجماعية، واعاد حضور تقليد تاريخي موغل في القدم عن "القربان" والاضحية، كان قد تجدد في الحقب الوسيطة، وهكذا جرى الانزلاق من دون وعي او سابق تصميم، نحو صناعة امثولة عمومية ونموذجية خاصة، ومع ان ماركس وانجلز ولنين وماوتسي تونغ، لم يعدم احد منهم او يستشهد، لكي يحتل مكانته التي احتلها في تاريخ الشيوعية، الا ان الشيوعيين العراقيين لايجدون مايعلون به من شان تاريخهم وقادتهم في المجالات النظرية والعملية، فيعمدون للتغني بتضحياتهم كحزب جماهيري، كما يعلون من قيمة استشهاد مؤسس الحزب "فهد" ورفاقة عام 1949 وسلام عادل ورفاقه عام 1963 . والمعلوم ان اكثر من امين عام للحزب الشيوعي او من هو بموقعه، قد اعدم، اواغتيل حتى عام 1963 ،وان واحدا ممن جاءوا بعد هذا التاريخ، ظل امينا عاما لمدة 40 عاما، ومازال حيا يرزق، ليصبح والحالة هذه، مشابها من حيث الموقع والمصير لغيره من الامناء العامين للاحزاب الشيوعيه العربية، التي لاشبه في الجوهربينها وبين الشيوعية العراقية، الامر الذي عزز نزعة وسياسة تمجيد الموت والتضحيات)حزب الشهداء(، تعويضا عن فقدان الفعالية الملفتة التي ميزت تاريخ الحزب خلال الحكم الملكي، وابان الفترة التي اعقبت ثورة 14 تموز1958 .
والمعلوم ان الفترة الاولى الدينامية والثرة والتاسيسية، امتازت تاريخيا بغلبة الجناح الجنوبي اي تيار "فهد" على تياربغداد، الذي اطلق عليه فهد تسمية "تيار الافندية" للحط منه، ولاخراجه من جادة الشيوعية الحقة اللينينة، كما فعل في كتيبه المنسوخ عن كتاب لنين "مالعمل"، والمسمى: "حزب شيوعي لا اشتراكية ديموقراطية"، وكأ ن العراق فيه تيار "اشتراكي ديموقراطي" يتوهمه "فهد" ويقحمه على واقع العراق، مكررا محفوظات كان تعلمها في روسيا ابان دراسته النظرية هناك، قبل عودته للعراق عام1937.
وهذا الجزء من العراق، اي ارض السواد لم يكن اكثر تبلورا من الناحية الطبقية مقارنة ببقية اجزاء العراق، لكنه موضع بداية التشكل الوطني الحديث بعد فترة الفوضى والانهيار،او "الانقطاع الحضاري"، الذي اعقب دخول هولاكو بغداد عام 1258 ،فهنا بدات اولى طلائع البنى الحديثة تتشكل، مع ظهور "الاتحادات القبلية" في جنوب العراق منذ القرن السابع عشر، وفي "المنتفك" حيث ظهر اول واهم اتحاد قبلي حديث، تاسست الشيوعية الفهدية التي ظلت منتصرة مابين العشرينات وعام 1963 ، قبل ان يسود تيار اخر، من نوعية مختلفة، وباسس وتوجهات " افندوية" و"كردوية"، مع بقاء الجانب الشعوري والتبريري خاضعا لضرورات التاسيس الاول من ناحيتي، الانتظارية، وتقديس الموت، و اعلاء مكانة واسطرة مناسبات الاستشهاد الفهدي والعادلي، مع اسبقية لاعدام "فهد". كحدث اعلى ضمن سلم القيم التضحوية.
يشبه هذا المنحى البنائي النفسي والشعوري، ومن ثم السياسي، حالات وظواهر معروفة في التاريخ العراقي وتاريخ منطقة السواد العراقية، وبالاخص امثولة استشهاد "الحسين بن علي بن ابي طالب" و "المهدي المنتظر"، وهي توجه نظرنا لظاهرة اجتماعية معاصرة ذات دلالة عميقة، تحكي كيفيات تحور فكرة عصرية و "علمية" كما يردد عادة، تستند لما يعرف ب " المادية التاريخية"، لسياقات تاريخية، ولشروط التشكل الحديث، ضمن كيان طابع تشكله امبراطوري، وليس وطنيا على وفق المفاهيم الوطنية الاوربيه الشائعه، والطاغية على التفكير عالميا منذ نهضة اوربا الحديثة، وثورتها الصناعية. كذلك يلفت النظر بصورة خاصة، التحوير الذي حول مثل تلك النظرية من المبررات الطبقية المفقودة في مجتمع لم يعرفها في جينه، الى انتماء محركة الموروث والبنية التاريخية الخاصة، فالحزب الشيوعي العراقي، لم يشهد الزخم الشعبي الذي عرفه، بقوة الدفع الطبقي، او التبلور البنيوي البرجوازي، بل تحورت النظرية والانتماء هنا من الماركسية المعاصرة، نحو احكام سابقه على التحول التاريخي البرجوازي.
وهكذا اصطبغت الشيوعية العراقية بالعامل المعاش والموروث، واتخذت سماته، لتتحول فعليا الى قوة تستمد قوة وعدها التغييري، لا من داخل "الماركسية اللينينية" المنقولة، بل من آليات التاريخ الخاص وظواهره، وبالعوامل الفاعلة والتغييرية فيه سلبا وايجابا، كما يقررها الواقع والبنية العراقيتان بضوء تجارب العراق التاريخية، ولا يهم في مثل هذه الحالة الاستماع الى الترديدات الايديلوجية، من قبيل تلك التي تتغنى بالنظرية العلمية، والاسترشاد بها وبقوانينها، فليس ذلك بمهم، وهو لايعكس سوى جانب العقيدة التي تؤسس عليها المشاريع والظواهرضمن ظروف معينة، لا الواقع ونوع التحويرات الفعلية والمعاشة.
اذا جرت اليوم دراسة الاضافات على الشيوعية الماركسية الاوربيه، روسيا او صينيا، او كوبيا، فان العراق وشيوعيته، يجب ان تلحظ تجربته على ضوء انتكاسه بالنظرية الى الموروث الخاص التاريخي، لدرجة انتمائه اليه، لا الى العصر الراهن.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتلال الامريكي الثاني للعراق: خاصيات احتلال كيان امبراطور ...
- الاحتلال الامريكي الثاني للعراق: خاصيات احتلال كيان امبراطور ...
- بيان تاريخي صادر عن - مؤتمر شيوعي عراقي - لم ينعقد بعد( 2/2)
- بيان تاريخي صادرعن -مؤتمر شيوعي عراقي- لم ينعقد بعد(1/2)
- الحركة الوطنية الايديلوجية العراقية وهيمنة منطق الهزيمة
- العراق: بلاد مهشمة ولاثورة ثقافية (1/2)
- هل كان ماركس شيوعيا؟
- ماركسية عربية لمابعد ماركس
- في طريق اعادة بناء الحركة التشاركية - الشيوعية - العراقية / ...
- في طريق اعاد بناء الحركة التشاركية - الشيوعية - العراقية/( 1 ...
- في طريق اعادة بناء الحركة التشاركية -الشيوعية- العراقية 2م2 ...
- على طريق اعادة بناء الحركة التشاركية - الشيوعية- العراقية 1/ ...
- كتابنا يجبر الحزب الشيوعي العراقي على الاحتفال ب- انتفاضة ال ...
- مابعد العثمانية ومابعد الغرب
- هل من صراع تاريخي داخل-الوطنية العراقية- اليوم؟: الهزائم الك ...
- هل من صراع تاريخي داخل -الوطنية العراقية-اليوم ؟1/2
- انشقاق 1967 في الحزب الشيوعي العراقي: التكرار ام الانتظار
- لمناسبة قرب صدوركتابي عن - انتفاضة الاهوار المسلحة في جنوب ا ...
- من يتحمّل مسؤولية فشل وهزيمة المشروع الوطني العراقي الحديث؟
- التساؤلات التي لاتطرحها قوى العلمانية العراقية على نفسها؟


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - الحركة الشيوعية العراقية وثقافة الموت