أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - الحركة الوطنية الايديلوجية العراقية وهيمنة منطق الهزيمة















المزيد.....

الحركة الوطنية الايديلوجية العراقية وهيمنة منطق الهزيمة


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 4702 - 2015 / 1 / 27 - 12:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مايزال منطق الهزيمة التاريخية التي حلت بالحركة الوطنية العراقية، بتجليها "الحزبي الايديلوجي"، يهيمن على الحياة العامة، بما يوجه النظر الى تاخرتبلور الرؤية او التصور الفكري المؤذن بحلول ما بعد هذه الحقبة، ناهيك عن ان يمهد لتجاوزها باتجاه الحقبة الرابعة من تاريخ التشكل الوطني العراقي الحديث، بعد الحقبة القبلية، والدينية، ومن ثم الايديلوجية الحزبية المستعارة التي خيمت على الوعي والممارسة الوطنية منذ الثلاثينات من القرن المنصرم، ودخلت ازمتها بعد ثورة تموز 1958، قبل ان تتحول الازمة الى مازق شامل عند نهاية الستينات، وبالتحديد مع صعود التيار الاكثر تخلفا من "حزب البعث" الى السلطة.
لم تخرج التناولات العلنية، ولا التعليمات الحزبية الداخلية، او الاعلامية الخاصة بالاحزاب المذكورة برمتها عن نهج التبرير، ولم يسبق ان اخضعت تجاربها للفحص والمحاكمة من منطق علاقتها بمصادرها التي استعارت منها منظومة تفكيرها، او بالبنى الوطنية، او اخضعته للتحليل الواقعي المجتمعي التاريخي، الامر الذي يتعدى قدراتها ويتناقض مع حالتها المرضية المديدة، فاستمرت تتصرف بابتذال كقوى تنتمي لعالم مافوق الواقع والتاريخ، واذا عادت للتاريخ، او فكرت بالتعرض له، فانها تحاكمه بالايديلوجيا، متصورة اياه على ضوء ترسانتها المعرفية المقحمة على ماهو معيش، الامر الذي ينسحب على مختلف ظواهر الممارسة السياسية والفكرية الصادرة عنها.
ولاتتعامل هذه القوى مع الماضي سوى بتكرار نغمة التضحية والصوابية التي تدعي انها ميزت تاريخها، كما انها تبالغ في ذكر واستحضار مناسبات واعداد شهدائها، او من دخلوا السجون والمعتقلات من كوادرها واعضائها، بينما تلقي اللوم على الظروف او ترمي المسؤولية التي افضت لفشلها في تحقيق المشروع الوطني، على القوى الاخرى، مضخمة مسؤوليتها / مثال تضخيم مسؤولية نظام البعث والايغال في شيطنته باخراجه من عالم وحكم التوازنات البنيوية الواقعية، ورفض التعامل معه باعتباره الامكانية الواقعية المتاحة امام مشروع الحداثة العراقية/.
ويرفض هؤلاء حتى الان محاكمة انقلاب/ تموز 1968 /من زاوية كونه حدثا يعكس عمليا حدود وممكنات تحقيق مشروع الحداثة العراقية، المتولد عن مجموع زخم وطاقة القوى الايديلوجية الحزبية الوطنية ) الطبقية ، والقومية ، والليبرالية( وحصيلتها التي انتهت اليها منذ صعودها في الثلاثينات من القرن الماضي حتى اواخر الستينات، هذا غير كونه اعلانا عن ان الواقع العراقي البنيوي والتاريخي، لم ياذن بقيام مشروع ليبرالي، او ماركسي طبقي "شيوعي"، او حتى قومي شعبوي "اليسار البعثي او قومي على النهج الناصري"، وان مثل هذا المشروع بصيغتة الحداثية/ البحتة، حسب الوصفة المتخيلة المستعارة من الغرب/، لم يثبت انه قابل للتطبيق، خلافا للادعاءات التي تخضع البنية التاريخية والمجتمعية لمنطق ورؤية الايديلوجيا. وان حكم البنية التاريخية ممثلا في تصدي مجموعة "قرابية عشيرية" تخضع لارادتها وتستعمل حزبا عقائديا، وترتكز الى الريع النفطي، هو ماقد ثبت بانه قابل للتحقق، ومن ثم، وطبعا لاقلمة جماع تيارات الحركة الوطنية الحزبية الايديلوجية، الامر الذي حدث بعد عام 1968.
وتعجزالاحزاب الايديلوجية عن التعرف على سيرورة تاريخها "تاريخيا"، فهي لاتحسن في هذا المجال غير اعتماد خطاب انشائي تبريري، بالاخص منها الطبقية او القومية، عدا الليبرالية، برغم ان هذين المفهومين يظهران اليوم، وبعد انهيار معظم التجارب الحداثية اقرب الى الخرافة، ويمكن اضافة هذا المظهر بالذات الى غيره من العوامل التي تزيد في تكريس الكارثة الحالة على الواقع، وعلى مشروع النهوض الحديث والمعاصر، فالاصرار على حبس الفكر داخل قمقم الايديلوجيا تحول اليوم الى تجل معاد انتاجه، من نزعة التاخرية الرجعية، كما تتمثل في الرغبة بابقاء التاريخ داخل قمقم الماضي المتخيل والموهوم والمفعم بعوامل العجز والفشل التاريخي، خاصة حين يترافق مع مرض التشويه البوليسي المعهود كاحد اهم ممارسات هذه القوى ضد خصومها ومخالفيها.
مع ذلك تنمو في الوقت الحالي معركة ماتزال في البدايات، بين حالة وترسانة منظور القوى الحزبية الايديلوجية المهزومة، والتي خرجت من الفعل التاريخي، وتحولت الى ركام فاقد الحياة والحيوية، وبين تشوفات تنحو لارساء قواعد المنظور العراقي الكوني المطابق لمقتضيات للحقبة الوطنية الرابعة من التشكل الوطني الحديث، ومع قوة الاصرار على تجاهل التصورات المستجدة، او السعي لفرض مفاهيم واحكام هدفها تشوية معنى ودلالات مسيرة وسلوك اشخاص لايتطابق مسارهم مع مسار الهزيمة، باسقاط مفاهيم واحكام بالية على تاريخهم، الا ان مجالات التصارع تتوسع باطراد بالاخص في المجال الفكري.
ولا يتوقف الامر عند هذه الناحية، فبعض القوى تلجا مؤخرا لممارسات لايخفى ماوراءها من شعور بالافلاس والجدب، من قبيل على سبيل المثال، احتفال الحزب الشيوعي بانتفاضة الاهوار المسلحة في هور "الغموكة"، ودعوته وفودا وممثلين من كافة المحافظات لمنطقة الحدث، بحضور احد اعضاء المكتب السياسي للحزب،الذي القى هناك كلمة لامعنى لها، ولاتنتمي لاي سياق مقبول، فالناس كلها تعلم ان التيار الذي يمثله المذكور وحزبه هو عدو الانتفاضة المسلحة، وعدو من قاموا بها، حاربهم وناصبهم العداء على مدى سنين طويلة، وان الانتفاضة قامت اصلا ضد هذا الحزب، وضد سياساته وما يمثله، مايجعل من ترأس الحفل ومن جاء معه، مفبركين لاحتفال لايعدو كونه محاولة يائسة لسرقة تاريخ آخرين من قبل تيار مفلس، يزداد ترديا على جميع الصعد، جاء ليثبت تردية باحتفاله بما ليس له به صلة وصل.
ولاتتوقف تلك الظواهر على ممارسات الحزب الشيوعي لوحده، فمظاهر الموت تشمل كل القوى الحزبية الايديلوجية بصور واشكال مختلفة، فالتيار الليبرالي الشعبوي وريث الحزب الوطني الديموقراطي بزعامة كامل الجادرجي، يكاد يصبح في خبر كان، والبعث يعاني كارثة على جميع الصعد التنظيمية والفكرية، والقوى القومية الناصرية وغيرها، خارج دائرة الفعل والحضور، بما يجعل من حالة بقايا قوى "جبهة الاتحاد الوطني" التي هيأت لثورة 14 تموز 1958، اقرب للموات اذا ماقيست بناء لحجم الانهيار الوطني العام، ودرجة اسهامها في التعامل معه، والتاثير في مجرياته او من حيث صلاحيتها للتاثير المستقبلي في سيرورته.
هذا الوصف يطابق ملامح واقع ازمة تاريخية طاحنة، مظهراها الابرز انهيار تجربة الحداثة العراقية المعاصرة، وتمزق البنية الوطنية، بجانب انعدام التعبير الوطني المطابق للحالة الناشئة، والقادر على التعامل معها بفعالية، ناهيك عن الاسهام بالوصول عبرها ومن خلالها نحو افق اخر، وفي مثل هذه الاحوال غالبا ماينتظر التاريخ صوت العبقرية الجمعية والفردية، بينما الافق معبا بالظلمة الدامسة والامل الكبير.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: بلاد مهشمة ولاثورة ثقافية (1/2)
- هل كان ماركس شيوعيا؟
- ماركسية عربية لمابعد ماركس
- في طريق اعادة بناء الحركة التشاركية - الشيوعية - العراقية / ...
- في طريق اعاد بناء الحركة التشاركية - الشيوعية - العراقية/( 1 ...
- في طريق اعادة بناء الحركة التشاركية -الشيوعية- العراقية 2م2 ...
- على طريق اعادة بناء الحركة التشاركية - الشيوعية- العراقية 1/ ...
- كتابنا يجبر الحزب الشيوعي العراقي على الاحتفال ب- انتفاضة ال ...
- مابعد العثمانية ومابعد الغرب
- هل من صراع تاريخي داخل-الوطنية العراقية- اليوم؟: الهزائم الك ...
- هل من صراع تاريخي داخل -الوطنية العراقية-اليوم ؟1/2
- انشقاق 1967 في الحزب الشيوعي العراقي: التكرار ام الانتظار
- لمناسبة قرب صدوركتابي عن - انتفاضة الاهوار المسلحة في جنوب ا ...
- من يتحمّل مسؤولية فشل وهزيمة المشروع الوطني العراقي الحديث؟
- التساؤلات التي لاتطرحها قوى العلمانية العراقية على نفسها؟
- صراع مجتمعي بدل الطبقي.. ابراهيمية جديدة بدل الماركسية
- في مفهوم- الراسمالية الزراعية- والكيان المركب ؟؟؟؟؟
- مابعد المحمدية: الابراهيمية تنقلب وتتجدد
- الماركسية ماتت لكنها لم تدفن
- العربية والإسلامية: مقاومتان بمنطقين متعارضين


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - الحركة الوطنية الايديلوجية العراقية وهيمنة منطق الهزيمة