أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - انشقاق 1967 في الحزب الشيوعي العراقي: التكرار ام الانتظار















المزيد.....

انشقاق 1967 في الحزب الشيوعي العراقي: التكرار ام الانتظار


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 4609 - 2014 / 10 / 20 - 12:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حظي حدث الانقسام داخل الحركة الشيوعية العراقية في 17 ايلول 1967 باهيمة لم يتمتع بها اي مظهر اوحدث حزبي في حينه في المنطقة العربية، فهو ينتمي بالاحرى لاحداث عرفت وقتها على هذا الصعيد عالميا، منها الربيع الاوربي، و صعود التيارات اليسارية في امريكا اللاتينية، ولابد ان يضاف لها ولزخمها الذي كان يمثله وقتها نموذج جيفارا الملهم، والق ربيع باريس. والحقيقة ان ذلك النهوض الثوري العالمي قد تبلور بحصيلة جهود فكرية وسياسية بدات منذ الخمسينات، قادها مفكرون خرجوا من الاحزاب الرسمية الشيوعية، وراحت افكارهم تفعل فعلها خارج اسر النموذج البيروقراطي السوفيتي وامميته الميته، وحسابات توازناته الدولية مع الغرب.
تلك اللحظة كانت نموذجية من حيث تداخل وتشابك القضايا الكبرى، ابرزها ماظهر وكانه حالة جمود حلت على الماركسية، وقد تبدى ذلك في حينه وكانه انتهاء عصر الاشتراكية البيروقرطية، فالربيع الفرنسي كان في العمق حدثا يذكّربكومونة باريس بالمقلوب، واذا كانت الكومونة اشبه بمؤشر دل على سير الحركة الثورية العمالية الى الامام فان حدث ايار 1968، جاء على العكس كعلامة على بدء انتهاء ذلك المسار الممتد منذ البيان الشيوعي وثورات 1848، وصولا لثورة اكتوبر 1917 وظهور اللينينية، اي اسباغ التسلطية الاستبدادية الشرقية "الحزب اللينيني" على النظرية والممارسة الماركسية الاوربية، ومن ثم اقامة نظام غير عمالي، بيروقراطي كان سينتهي حتما الى التآكل لاسباب عضوية مصدرها طبيعة السيرورة الراسمالية، وحتمية حلول التكنولوجيا الموسعة في العملية الانتاجية، مقابل ضيق مجال استيعابها من قبل نظام الحزب الواحد السوفيتي المتخشب.
وليست هذه هي اهم تلك القضايا، فالافق المتعلق بمستقل الانسان ومصير الاشتراكية، كان قد دخل او هو على وشك دخول، مرحلة التخلص من هيمنة النموذج الحضاري الاوربي الطاغي، مع ان تلك التحولات الكبرى، لم تكن قد نضجت يومهابعد، ولم يظهر او يتبلور الافق الضروري المميز لها في حينه، فاتجهت تيارات وحركات التجديد نحو تكرار والتعويل على نفس المنابع النظرية الاولى، وظلت محبوسة داخل افق الفترة المنصرمة في التفكير والممارسة، الامر الذي تطلب العمل على مدى عقود، بانتظاران تنفتح افاق المرحلة الجديدة، وتتثبت قواعد ومقومات النظر الى العالم وحركتة واليات انتقاله.
كان العراق هو المكان الوحيد في قارات اسيا وافريقيا واستراليا وامريكا الشمالية، اي ماعدا امريكا اللاتينية واوربا، الذي انخرط في الحركة التي اختتمت الستينات من القرن الماضي، وكنت شخصيا قد حضرت عام 1988 في ايار، مؤتمرا احتفي بالذكرى العشرين للربيع العالمي، حضرته قوى الثورة من امريكا اللاتينية واوربا والعالم في اطراف باريس حيث اقيم معسكر للاحتفال بالربيع المذكور، وكنت الشخص الوحيد من خارج القارتين، الذي كان معنيا بان يثبت التحاق بلاده بتلك الهبة العالمية، بالاخص وانني تحدثت عن تجربة الكفاح المسلح في الاهوار في جنوب العراق.
لم يكن عام 1968 عام النهوض الثوري وحسب، بل كان عام هزيمة المشروع الوطني الحداثي العراقي بصيغته الايديلوجية ، ففي حينه تحولت الحزبية الايديلوجية، الى قوة مرتهنة للبنى التقليدية، فنظام البعث هو صيغة تحريف للوطنية بفرعها القومي نحو الاندراج ضمن العشيرية والريع النفطي، ذلك بينما كان الحزب الشيوعي الرسمي قد رضخ لاعتبارات تكرس وزن احدى المكونات الوطنية الفرعية، ما عزز بقوة التحاقه بالاممية البيروقراطية الدولوية، ومثل هذا التقييم لايلاحظة الايديلوجيون الذين لاينظرون للواقع، وبالاخص لتوزع البلاد على مكونات غير منصهرة، بل يصرون على اعتماد مايعتقدونه وما يستعيرونه من افكار يعتبرونها فوق الحقيقة الملموسة.
ومثل هذا التقييم لايتفق طبعا مع التصورات التي كانت سائدة بين الشيوعيين المنشقين المنتمين ل"القيادة المركزية"، ولا قادتهم امثال "عزيز الحاج"، وبالاخص الدوغمائي الجلف "نجم" الذي حل محلة لاحقا، ونفذ مهمة تصفية ماتبقى من تلك الظاهرة بجهالته وضيق افقه، فالمذكوران مع مئات من الملتحقين بتلك الظاهرة، ومن عاصروها، او مازالوا يعتبرون انفسهم جزءا منها، او امينون على تراثها، لم يكونوا سوى مكررين لذات الرؤى والمفاهيم التي انشقوا عليها، اي لنفس الترسانه الفكرية والعملية التي اودت بالاصل الى هزيمة المشروع الوطني الحداثي.
كان المنشقون يعتقدون بان المشكلة تكمن في مدى التمسك باهداب المباديء، ومدى الذهاب اكثر فاكثر نحو الجذرية او التطرف، هذا في حين ان القضية الاساسية كانت قد انتقلت من مجال وعالم في الاهداف والاسس النظرية، الى مايتعدى الماركسية كما هي معروفة كاداة تغيير، بينما العالم يتحول، واشكال الصراع والياته تاخذ منحى مختلفا، يستوجب نمطا اخر من التفكير، بالاخص في بلد مثل العراق.
ومن اهم مايلاحظ في الحالة العراقية ظاهرة الطغيان الكلي للايديلوجيا المستمرالى الان، ما سهل انتشار الطابع العملي والضحالة الفكرية، في وقت كانت ضرورات اكتشاف مقومات "الوطنية العراقية" تلقي بتحديات كبرى على العقل، وتنطوي على انسجام مع الاليات التاريخية للتحول العالمي، ففي العراق ليست النظرية المستعارة الماركسية هي التي خلقت زخم الشيوعية، وحضور الاشتراكية وافكارها، انما على العكس، لعب الطابع التشاركي "اللادولوي" للتكوين الوطني العراقي التاريخي الموروث، الدور الاساس في ارساء الشيوعية وضمان تغلغلها على اوسع نطاق، فبلاد ثورة "كوراجينا" اي ثورة العدالة الاولى في التاريخ( 2355 قبل الميلاد، حيث ظهرت لاول مرة في التاريخ الانساني كلمة "حرية/ امارجي" وكلمة عدالة في وثيقة مكتوبة" في الدورة الحضارية الاولى،والنظام القرمطي ودستوره المساواتي الذي يؤكد العدالة مع الحرية اذ ورد في اول بنوده: "يحق للانسان ان يؤمن كما يحق له ان لايؤمن" ابان الدورة الحضارية الثانية،هذا الموضع الاستثنائي تكوينا، والتشاركي المساواتي بنية، هو الذي اعطى الافكار الاشتراكية المستعارة مكانتها وليس العكس.
وفي الوقت ذاته، فقد لعبت الافكار الاشتراكية الاوربية الروسية، دور المعرقل للوطنية التشاركية التكوينية العراقية، وحدت منها، وحصرتها ضمن قيود "الحزب اللينيني" الفوقية الصارمة، خلاف المراد تطبيقه في اشتراكية مجتمعية، وفي حين لم يتمكن الاشتراكيون الاستعاريون من تحسس حقائق بلادهم، ولاسعوا للموائمة بين تراثها الاشتراكي الكوني، والافكار الجديدة، فقد عملوا بذلك على تسهيل قتل المشروع الوطني الحديث لاحقا، وتركوه عرضة للتصفية كما حدث في 1963 وماتلى ذلك من تخبطات وخروج من الفعالية الوطنية، وصولا للوقوع في التمزق على اسس تقليدية وطائفية.
انني اذاحاول الان ومنذ سنوات، وضع القواعد الضرورية لتجديد واستئناف زخم الاشتراكية التكوينية على وقع المتغيرات الانتاجية العالمية، والانتقال من الانتاج العضلي الى الانتاج العقلي، فانني اعلم بان هذا الطريق هو الذي كان خلف متغيرات الستينات، حين انقلبت الاولويات، وتبدل مسار الحقيقة التاريخية، ونوع المقاربات والاهداف والضرورات، وحيث يضطرب تكوين العراق وبنيته الكيانية حاليا، ويكاد يتشظى، فان ظهور مقومات الوطن كونية العراقية الجامعة، سيكون من دون شك عامل اعادة بناء لها، ومهما تكن النقاشات او التصادمات الفكرية والسياسية التي ستصادف هذا التنبيه، فان ذلك وكل انماط السجالات الجدية من هنا وصاعدا، سترسم السبل المفضية نحو ارساء قواعد التصورية الموحدة واللازمة للذهاب للمستقبل.
والأكيد ان اولئك الذين حملوا مفاهيم الوطنية الاشتراكية المستعارة من منطلقات تكوينية وطنية، وتخلوا عنها، سواء يأسا، او لعدم قناعتهم، او بسبب ضغط ظروف لاتقاوم، سوف يكونون هم حملة بذرة النقاش المذكور، لابل الحركة الاحيائية الناهضة من هنا وصاعدا... لقد انتهى عهد الانتظارالطويل، وصرنا نتطلع صوب الانتصار.. اما التكرار، فقد مات في الطريق بين لحظتين.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمناسبة قرب صدوركتابي عن - انتفاضة الاهوار المسلحة في جنوب ا ...
- من يتحمّل مسؤولية فشل وهزيمة المشروع الوطني العراقي الحديث؟
- التساؤلات التي لاتطرحها قوى العلمانية العراقية على نفسها؟
- صراع مجتمعي بدل الطبقي.. ابراهيمية جديدة بدل الماركسية
- في مفهوم- الراسمالية الزراعية- والكيان المركب ؟؟؟؟؟
- مابعد المحمدية: الابراهيمية تنقلب وتتجدد
- الماركسية ماتت لكنها لم تدفن
- العربية والإسلامية: مقاومتان بمنطقين متعارضين
- معركة الشرعية والمؤتمر التأسيسي العراقي
- حرب المتغيرات الكبرى: أميركا ومعضلة تدمير الدولة العراقية
- العراق لبنانيا ... أو : تمرين صعب حتى للمقاومين .
- المثقفون العرب وقضية العراق : فخا الاتجاه الواحد ؟
- 8 شباط : يوم قتل حلم الخلاص من ظلام القرون السبعة
- مالابد منه لفرنسا واوربا في العراق
- الموقع يفتقر الى الحيويه وهو لايساهم في تحفيز واثارة النقاش
- اللعب على حافة الهاوية : دفاعا عن العراق ام عن الدكتاتوريه.. ...
- العراق و-حكومة الوحدة الوطنيه - تزاحم المصالح والتناقضات واح ...
- لمناسبة قرب صدورمجلة تعكس موقف التيار الوطني الديمقراطي
- النساء العراقيات لأيغنين للدكتاتوريه: ثلاثون سنة من الصمت
- 100 بالمائه -تقيه -صالحه


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - انشقاق 1967 في الحزب الشيوعي العراقي: التكرار ام الانتظار