أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - حكايةُ الأستاذ عبد البديع














المزيد.....

حكايةُ الأستاذ عبد البديع


عمر حمَّش

الحوار المتمدن-العدد: 4680 - 2015 / 1 / 2 - 13:56
المحور: الادب والفن
    


حكايةُ الأستاذ عبد البديع

قصة قصيرة

عمر حمَّش


كان الأستاذ عبد البديع إذا ما جلسَ؛ أطرَفَ بقميصِهِ الفضفاض، وبرأسِهِ المنفوش، ثمَّ انكفأ، يأخذُ الأنفاسَ، وينفثها، ومع كلَّ نَفَسٍ يسحبه؛ يمسحُ دمعه بكمّيه، ويُنقّلُ عينيه بين الوجوه، لا يبدي رضى عن حديثٍ، أو امتعاضا، فقط يسعلُ، ويدخن، وإن نصحه معلمٌ بتركِ التدخين؛ غادرَ صمته مثل ملسوعٍ، وكمستجيرٍ صاح:
هه .. وماذا نفعلُ من بعدِها؟
وإذا ما دقَّ جرسُ درسِه؛ قام متثاقلا، ليخطو كمن يزحفُ اتجاه حتفِه، يستقبله دقُّ المقاعدِ، والغناء، فيتعثرُ الأستاذُ عبد البديع، يتعثرُ، أو يكاد، قبل أن يصلَ، ليعبرَ باب جهنم،
ويمارسَ هجمتَه مثل ثورٍ جريح، يصفعُ طالبا هنا، ويبصقُ على آخر هناك، لكنَّ الضجيجَ يستعرُ، والقيامةَ تقوم ... إلى أن يأتيَ المدير ....
تنقّل الأستاذ عبد البديع، بدلّوا له الفصولِ كلّها، وبدَّلوا الجداول على مدار العام، حتى المواد التي يعلمها؛ كانوا يخيّرونه فيها، من الرياضيات حتى التاريخ .. لكنّه ظلّ حالةً فريدةً تُستقبلُ مع كلّ درسٍ بالاحتفاء المجنون ..
ذات صبحٍ، قبل بدءِ الطابور، عبرَ البوابةَ شخصٌ مهندمٌ يحملُ حقيبةً، جاء عابس الوجه معتدلا.. وما هي إلا لحظة، حتى سقطت غيمةُ دهشةٍ على المدرسة، كان العابرُ الأستاذ عبد البديع، هو ذاتُه، مسرحَ الشعرِ، ببذلةٍ سوداء، ارتفعت ذراعَه، وألقى تحيَّة، ثمَّ شرع بفتح حقيبته الكبيرة .. انعقدت الألسنة، وهو يستخرجُ خير زانة رفيعةً مطوّاة، ثمَّ وهو ينفضها، لتتوثب، وتفحَّ مثل أفعى في الهواءِ، كان يدورُ على المحيطين، كوحشٍ يبحث عن صيدِه، ولمّا لم يجدْه؛ خطا، لوّح بالخير زانة مرتين، ثمّ طوّح بها على ظهر تلميذ، فتثنى الولدُ، ثمَّ سقط على أرضِ الفناء، بعدها قارب الأستاذُ عبد البديع موضع الجرس، دقّه وعيناهُ تومضان؛ فتسارعَ الطابورُ إلى الانتظام ، وخيمَ طائرُ صمت ... مشى الأستاذُ عبد البديع، مشى .. ثمَّ التقطَ مكبرَ الصوتِ، وبدأ بصوتٍ ثابتٍ رخيمٍ يلقي خطبةً عصماء في أهميَّة الأخلاق ..!



#عمر_حمَّش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا - 10 -
- ميتتي الأخيرة!
- وليمة
- تغريد عطالله .. وعشقً الكاميرا ...
- سينما - قصة قصيرة
- حسناءُ حارتِنا
- قريني
- قتيلُ الليلِ!
- قصص قصيرة جدا ( 9 )
- رجل منطقي
- - أميرة - السلحوت .. روايةُ النكبة!
- عِجْلُ البراري! قصة قصيرة
- نعناع! ق ق جدا
- نهايةُ المشوار! ق ق جدا
- استدراك! ق ق جدا
- غزوةُ سعيد وعبيد!
- الزعيم! قصة قصيرة
- خماسيّةُ النار!
- شاهد! ق ق جدا
- امتنان! ق ق جدا


المزيد.....




- نقابة الفنانين السورية تمنح فضل شاكر العضوية بمرتبة -الشرف- ...
- -إيليزيوم- الهندي يحقق انتصارا سينمائيا في موسكو.. ويتوج بال ...
- فنانة مصرية تكشف حقيقة زواجها من محمد صلاح
- الفانتازيا وتاريخ النكسة.. -صلاة القلق- تفوز بالجائزة العالم ...
- ما الذي يعنيه أن تكون صحفيا فلسطينيا وسط الإبادة؟
- فيلم عيد الأضحى؟! .. موعد عرض فيلم الغربان لعمرو سعد في السي ...
- نقابة الفنانين السورية تمنح أربعة فنانين بينهم أصالة وفضل شا ...
- حفل موسيقي في موسكو بعنوان -موسيقى الشام: التقاليد والحداثة- ...
- خديعة القرن! كيف وقعت الصحافة البريطانية في فخ -مذكرات هتلر- ...
- فنان قبرصي يوازن 416 كأساً على رأسه سعيا لدخول موسوعة غينيس ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - حكايةُ الأستاذ عبد البديع