أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - وليمة














المزيد.....

وليمة


عمر حمَّش

الحوار المتمدن-العدد: 4651 - 2014 / 12 / 3 - 14:16
المحور: الادب والفن
    


وليمة

قصّة قصيرة

عمر حمَّش


هبط الأعمى وهو يقسمُ؛ ألا يقومُ من قبلِ السؤال عن مذبوح الوليمة!
ارتخىَ على باب الجامع؛ يتحسسُ الأرض، وهو يقول:
بالأمس كان علينا أن نسأل!
ردَّ الأعرجُ وهو يمدّدُ ساقه؛ ليريحها: صدقت.
أمّا صاحبُ الظهرِ المنحني فقد شرع يخطُّ مربعات التراب، وهو يقول: كرهتُ لحمَ دجاج الجنازات.
قال الأعمى:
انظروا ترنحَ الأولاد!
ثمَّ أكمل مثل حكيمٍ: أليسوا أبناءَ بيئتِهم، وطعامهم يشكلُهم؟
ردَّ الأعرج: هه ... ها نحن يشكّلُنا العَلَفً المُصَنّع!
لحظاتٍ وعلا الصياح، كان الأعمى يقتحمُ المربعات بحصاه، ويهزأُ ساخرا، وهو يًنّحِي حَصَى الأعرج جانبا، والأخيرُ يتوَّعده، فيرتفعُ صوتُ الأعمى ممطوطًا:
العب يا غشيم!
أمَّا أبو الظهرٍ المنحني؛ فكان يقهقه مستلقيًّا، وهو يزيحُ بكمِّه لعابَه!
استفاق الثلاثة فجأةً على نبوت فارسٍ، وحصاهم تتناثر مع التراب، وقف فارسٌ لعيونِهم الشاخصة صامتا؛ إلى أن همس:
ماتت أمّي!
ثمَّ صاح: قوموا، اتلوا، ثمَّ ادعوا!
نهضوا بجَهدٍ، ليجرُّوا أجسادهم، ولمَّا قاربوا عربةَ البغل؛ شرع فارسٌ يرفعهم واحدا إثر الآخر مثل جوالات تبنٍ، ويلقي بهم إلى مسطح العربة، ولمَّا انتهى؛ قفز، وهو يلكزُ مؤخرة البغل بنبوتِه، فهرولتِ العربةُ، وهم على خشبِها مُلقوَن مثل جثثٍ مترنحة!
في صحن بيتِه؛ رفع نبوته، وقال: هنا .. أقعدوا، واقرؤوا.
فارتموا متلاصقين، ثمَّ شرعوا كفريقٍ أصابه النحسُ؛ يتلون الآياتِ بصوتٍ أجشٍّ موزون، أمّا فارس فكان قد افترش حصيرةً قبالتهم، في تارةٍ يرقبُهم، وفي أخرى يرفع كفَّيه إلى السماء، واستمر الحال على هذا، كلمّا همّوا بالتريث، صاح هو: اقرؤوا، فيعودون للتلاوة مذعورين، إلى أن هبَّ فارسٌ، فرفع نبوته، ثمَّ هزّه، كمن ينهي طقس عبور أمّه إلى الجنَّة، ثمّ غادرهم عابرا قلب الدار، ففركوا الأكفَّ، وأطلقوا التنهيدات، وأمعاؤهم بدأت تحلمُ بالمائدة القادمة، وألسنةُ عقولِهم تردّدُ: ضأنٌ .. أم عجل .. حتى عاد الرجل بقدرٍ؛ أنزله بين سيقانهم، وهو يقولُ بصوتٍ خفيض: كلُوا
تقاربوا من بخار الوعاء، ثمَّ تراجعوا، فدقَّ فارسُ الأرض بنبوتِه، وهو يصيحُ: كُلوا.
ارتعشت بطون أكفهم، وساد صمتٌ، قطعه الأعمى بصوتٍ يشبه ضربةَ سكين:
قمح مجروش!
ثم عاد:
قمحٌ فقط .. مطبوخٌ بمرقٍ مصانع اليهود!
ولمّا همّ فارسٌ بالقيام؛ تسارعت أذرعُ الأعرج، وأبي الظهرٍ المنحنٍي إلى القدر ... وكان الأعرجُ يوشوشُ الأعمى:
كلْ .. يحركُ نبوتَه!
صارت الأكفُّ تغرفُ، والعيونُ تدمع، وحتى عينا فارسٍ، كانتا تدمعان؛ وهو يرفعُ كفيه مع شفتيه إلى السماء، ويتمتم:
اللهمَّ تقبل.



#عمر_حمَّش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغريد عطالله .. وعشقً الكاميرا ...
- سينما - قصة قصيرة
- حسناءُ حارتِنا
- قريني
- قتيلُ الليلِ!
- قصص قصيرة جدا ( 9 )
- رجل منطقي
- - أميرة - السلحوت .. روايةُ النكبة!
- عِجْلُ البراري! قصة قصيرة
- نعناع! ق ق جدا
- نهايةُ المشوار! ق ق جدا
- استدراك! ق ق جدا
- غزوةُ سعيد وعبيد!
- الزعيم! قصة قصيرة
- خماسيّةُ النار!
- شاهد! ق ق جدا
- امتنان! ق ق جدا
- صيد! قصة قصيرة جدا
- تَلَبُس! قصة قصيرة جدا
- زيّارة! قصة قصيرة جدا


المزيد.....




- نقابة الفنانين السورية تمنح فضل شاكر العضوية بمرتبة -الشرف- ...
- -إيليزيوم- الهندي يحقق انتصارا سينمائيا في موسكو.. ويتوج بال ...
- فنانة مصرية تكشف حقيقة زواجها من محمد صلاح
- الفانتازيا وتاريخ النكسة.. -صلاة القلق- تفوز بالجائزة العالم ...
- ما الذي يعنيه أن تكون صحفيا فلسطينيا وسط الإبادة؟
- فيلم عيد الأضحى؟! .. موعد عرض فيلم الغربان لعمرو سعد في السي ...
- نقابة الفنانين السورية تمنح أربعة فنانين بينهم أصالة وفضل شا ...
- حفل موسيقي في موسكو بعنوان -موسيقى الشام: التقاليد والحداثة- ...
- خديعة القرن! كيف وقعت الصحافة البريطانية في فخ -مذكرات هتلر- ...
- فنان قبرصي يوازن 416 كأساً على رأسه سعيا لدخول موسوعة غينيس ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - وليمة