أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - غزوةُ سعيد وعبيد!














المزيد.....

غزوةُ سعيد وعبيد!


عمر حمَّش

الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 25 - 08:47
المحور: الادب والفن
    


غزوةُ سعيد وعبيد!


قصة قصيرة


عمر حمَّش


لم يتخيل أحد ما كان سيحدثُ حينما مرّ المختارُ بعربةِ الكنافة الشامية .. كنت في شمس باب كوخنا حين تمتم أبي:
هذا الرجلُ كان أهم بائع كنافة بيافا!
صرّت دواليبُ الخشب على الرمل، وقابلني دولابٌ أخذ ينفرد، ويضيق، وأنفاس المختار المتقطعة تدفعُ العربةَ، وتنادي:
كنايف!
ثمَّ يتبع صوته بصوت بوقِه: طوط!
وأبي يقول: آه ... يا زمان!
لم أفهم .. فقط كنت أسمع في صوتِ أبي رعدًا، وأرى حريقا .. كنتُ أحسّ من تنهيداتِه أن شيئا عظيما قبل أن أجيء أنا؛ كان قد حدث، شيئا استثناء مغايرا للطبيعة، أقدّرُ أن خسفا وقع، وأن شمسا تبعثرت!
كان المختار يقترب، وأبي يقول:
هذا الرجلُ ... كان على أريكةِ حانوته؛ يداعبُ نرجيلته، ويهزّ طربوشه للحسان المتأبطات أذرع الأكابر!
ويزفرُ أبي ... وأزفرُ أنا في لغزي المبكّر، أفهم، ولا أفهم .. وأحترق ..!
في لحظةٍ جاء سعيد وعبيد .. اقتربا، حتى جاورا العربة..
كانا أسمرين كالطين، نحيفين مثل غصنين، معفرين بلا أهل .. قيل: مات ذووهم في قصف القرية .. وقيل: ضيعتهم طريق الهجرة!
قال أبي: من أين لهما ليشتريا الكنافة!
لكنا رأينا عبيد يحمل الصينية، ويجري..هرول وهي على رأسِه، ثمَّ أخذ يصعد بها سفح التلّة، صاح أبي، وصحتُ أنا، وصاحت النسوةُ من على صنبور الماء ... وصاحت الدنيا، لكن عبيد ظل يصعد، وجسدُ المختار يتنقل خلفه .. عندها رأينا الصينية الأخرى على رأس سعيد، وقد شرع هو الآخر يصعد التلّة المقابلة .. تجمعت الأولاد، صاحوا: سعيد وعبيد!
كان الاثنان هناك متقابلين حيثُ لا أحد ... على الرمل الأصفر البكر .. ورأيتُ عصافير من بعيدٍ شرعت تأتي، وكان كلٌّ منهما منكبا على غنيمتِه، علنا ساعة الظهر الحمراء .. يأكلان متباعدين مثل بطلين .. ونحنُ تحتهما في حيرة .. المختار .. والرجالُ .. والأولاد .. والنساء .. الدنيا كلها كانت في حيرة!
انتظرنا .. ساعة .. ثم ساعةً .. صاغرين .. المختار يلهث .. ونحن نلهثُ صاغرين ..!
نادى المختار: ارميا الفارغ!
ونادى أبي .. ونادت الحارة!
ففوجئنا بعبيد من فوقنا يصيح: سلّموا .. نسلّم!
قال أبي: ماذا؟
صاح: الشبشب!
ضحكنا، حتى كدنا نموت .. حتى المختار ضحك حتى اهتزت بطنه .. ابتعدنا عن شبشب عبيد .. لكنه قال: أكثر ... فزدنا له المسافة .. حينها نزل حذرا على رأسه الصينية .. واقترب إلى أن التقط شبشبه، ثمَّ فرَّ إلى التلّة، عندها رمانا سعيد هو الآخر بصينيته؛ فجاءتنا حافتها تدور مثل سكين ...!
عاد المختار يدفعُ عربته الفارغة.. وعدتُ أنا؛ أرقب الدولاب المتراخي، وأسمع صريره المغادر ... وأجاور أبي الذي كان يشيعُ المختار بعينيه، وهو يقول: آه يا زمان!



#عمر_حمَّش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزعيم! قصة قصيرة
- خماسيّةُ النار!
- شاهد! ق ق جدا
- امتنان! ق ق جدا
- صيد! قصة قصيرة جدا
- تَلَبُس! قصة قصيرة جدا
- زيّارة! قصة قصيرة جدا
- عضويَّة! قصة قصيرة جدا
- لقاء! قصة قصيرة جدا
- أصلُ التمثال! قصة قصيرة جدا
- قِطاف! قصة قصيرة جدا
- حُفَر! قصة قصيرة جدا
- إرث! قصة قصيرة جدا
- مُحطة! قصة قصيرة جدا
- انشطار! قصة قصيرة جدا
- نبوءة! قصة قصيرة جدا
- مشروعٌ ثوريّ! قصة قصيرة جدا
- بحثٌ مستديم! قصة قصيرة جدا
- مُصافحة! قصة قصيرة جدا
- لعنةُ أبي العلاء! قصة قصيرة جدا


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمَّش - غزوةُ سعيد وعبيد!