عمر حمَّش
الحوار المتمدن-العدد: 4654 - 2014 / 12 / 6 - 21:54
المحور:
الادب والفن
قبل أن يقتلني؛ رمقتُه، ورمقني، أنا أطلقتُ هتافي، وهو انثنى، وأطلق رصاصته، وقد خمنتُه ابتسم، وسمعتُ
- وأنا أتدحرجُ - اللغط، ورأيتُ غيمةً ثقيلةً هوَت، ثمَّ غبتُ في قعرٍ سحيق، إلى أن صحوتُ على أكتافِ رَهْطٍ، ورأيتُ حفرتي، فجلجلت ضحكتي، وكنتُ نقطةِ ضوء، ثمَّ تمددتُ شعاعا، من فوق جدتي، التي كانت جوار شاهدة قبر أمّي تصيح، لكني صعدتُ سهمًا في الأفقٍ، وحلَّقتُ بين أضواءٍ تشبهني، كانت دنيا الناسِ تصاغرتْ، وكنتُ كمن يعبُّ في عبابٍ قصيٍّ، لا تحته، ولا حولَه يابسة، حتى استقر بي المقام على أغصانِ مُذَّهَبَة، عليها التقيتُ بالجموع التي هناك، هذا جدٌّ قديمٌ من سلالتي، وتلك صبيّةٌ كنتُ سمعتُ حكايتهِا، وذاك، وتلك، كانوا جميعهم من حولي يصعدون، حتى جاء جدُّ أجدادي القديم، قال: أهلا بقريبي. ورأيتُه يضُمُني، ثمَّ يأخذني إلى صندوقٍ، قال:
سأفتحه. وقال: طال انتظاري.
فعجبتُ أنا، وخمنتُه سيُخرجُ المصباح العجيب،
قلتُ: أو ربما خاتَم سليمان المخبوء.
لكنِّي فوجئتُ برقاقةِ زجاجٍ مموجٍ بالياقوتِ، توسطها بإصبعه، وقال: من هنا كنتُ أمرّ على حصاني، وقال، وقال، حتى انتبهتُ إلى ذات النقطة التي عليها سقطتُ.
قال: هنا كنتُ أرعى إبلي .. ثمَّ ازدرد ريقه، وهو يكملُ:
هنا لقيتُ مصرعي بضربةِ سيفٍ.
فجنَّ جنوني، وعادت أليَّ عينا ذياك الجنديّ، ذات الجنديّ، وكانت عيناه من حديد، وعدتُ أطلقُ الهتاف، والرصاصةُ ذاتها عادت بطيئةً، تتثني، لتبتعد، ثمَّ تأتي، وظلّت على هذا؛ حتى استقرت في ثقب صدري، فتدحرجتُ، وعدتُ في اللغطِ أسمعُ الهتاف، وجدتي عارية الشيب عادت، واستطعتُ هذه المرةَ أن أتبين صيحتها وهي تسعى ما بين قبري، وقبر أمّي: واروه يا قومُ جوار أبنتي ...
ورأيتُهم، وهم يواروني تحتهم، وأناُ من فوقهم نقطةُ ضوء، في كلِّ مرةٍ أعود، فيأتني الجنديُّ، وأهتفُ .. هو ينثني، فيقتلني، وأنا تجلجلُ ضحكتي، ثمَّ من موتي أقوم، لا أكلُّ، ولا أملّ، حتى قمتُ من آخرِ ميتةٍ، وكان قد طعنه الفزع، فانهار تحتي، وقد شرع ينتحب، ويذرفُ دموع حياتِه الأخيرة!
#عمر_حمَّش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟