أمثال أبراهام بورج ذخر

راضي كريني

الحوار المتمدن-العدد: 4658 - 2014 / 12 / 10 - 10:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اجتاز أبراهام بورج الكثير من الحواجز الفكريّة والسياسيّة والاجتماعيّة/العائليّة والنفسيّة؛ كي يقتنع بالتصويت، أسوة بغالبيّة عائلته، للجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة، في انتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيليّ) السابقة، وينادي بالتصويت لها الآن.
أبراهام بورج هو إبن يوسف بورغ أحد مؤسّسي وقادة تيّار المتديّنين القوميّين الصهيونيّين، اِنتمى لحزب "مزراحي" ومن ثمّ "المفدال" وترأّسه في سنة 1970، وأشغل عدّة مناصب وزاريّة في حكومات إسرائيل المتتالية، من الحكومة الثالثة حتّى الواحدة والعشرين.
في أوائل الثمانينات، نشط أبراهام بورج في حركة "السلام الآن"، وأصيب بشظيّة من القنبلة التي القيت على المتظاهرين وقتلت إميل جرينتسفايغ في سنة 1983، انتخب لعضويّة الكنيست في سنة 1988، كممثّل لحزب العمل، وفي سنة 1995 انتخب لرئاسة الوكالة اليهوديّة والنقابة الصهيونيّة، وأشغل منصب رئيس الكنيست في السنوات 1999-2003، وبعد تركه للكنيست انحاز إلى اليسار الديمقراطيّ، وثابر على المشاركة في مظاهرات الشيخ جرّاح في القدس اليساريّة، ضدّ التهويد وحركات الاستيطان السالبة للبيوت العربيّة.
قبل ثلاثة أيّام، وجّه أبراهام بورج رسالة إلى قيادة "الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة"، يقول فيها: علينا أن نجتهد اليوم أكثر، أكثر من أيّ وقت مضى؛ كي تتوسّع الجبهة ولا تتقلّص... معًا نستطيع أن نقدّم البديل للقوميّة والعنصريّة والعنف... الآن هو الزمن لسياسة مدنيّة جديدة وجسورة. ويستنتج: آن الآوان لحركة يهوديّة عربيّة مدنيّة واسعة، تعمل بشراكة وتعاون من أجل المساواة التامّة بين اليهود والعرب وبين النساء والرجال... ومن أجل الحريّة والسلام والاستقلال والعدل والاشتراكيّة، ومن أجل فصل الدين عن الدولة، ومن أجل مصلحة الفرد والمجموع من أبناء الشعبَين و...
لا شكّ في أن أبراهام بورج يعي ويقدّر طبيعة الاحتلال والصراع المسلّح والعنيف، التي تنتج العداء والأخطار والتهديدات والأوباء السياسيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة: العنصريّة والاستغلال والاستقطاب والإفقار والعنف و... فثقافة الاستعلاء (على اعتبار أنّ ثقافة اليهود ثقافة أوروبيّة أرقى) تستخدم لتكريس الاحتلال والاستيطان والاضطهاد؛ فأضحت أداة تغذّي سياسة التفرقة العنصريّة/الأبارتهايد (الثقافيّة والروحيّة) والفصل الماديّ (بناء الجدران الفاصلة، وطرد العرب من الأحياء والمدن المختلطة ...)؛ ممّا حوّلت دولة إسرائيل إلى جسم غريب حاقد على دول المنطقة ويمارس الانتقام منها لكونها عربيّة ذات حضارة تختلف عن الحضارة الأوروبيّة، وحوّلت الشعب االيهوديّ (شعب الله المختار) في إسرائيل من "أمّة الأسياد" إلى "أمّة العبيد" لمخطّطات الاستعمار وللاحتلال وللأطماع الأمريكيّة ولمصالح الرجعيّة العربيّة والبترودولار.
بعد سقوط حكومة بيبي نتنياهو، والإعلان عن انتخابات برلمانيّة جديدة في 17-3-2015، أُصبت بخيبة أمل من طرح شعار: لن يكون بيبي رئيس حكومة بعد اليوم، وانتشاره والتحمّس له والتفاعل معه، وكأنّ حلّ القضيّة السياسيّة يكمن في التخلّص من بيبي! لكن اليوم أخذ يتبلور شعار: إسقاط سياسة اليمين العنصريّة، ويكتسب شعبيّة وتأييد أوساط واسعة، ممّا يجعلني أشعر وأثق بإمكانيّة إيجاد البديل الديمقراطيّ ... والعمل بجديّة على إسقاط سياسة اليمين الرأسماليّ المتطرّف، وعلى انتخاب برلمان بأكثريّة مؤيّدة للسلام والديمقراطيّة والعدل والحريّة، كشروط ضروريّة من أجل حكومة مركز-يسار، لكنّها غير كافية للنجاح والتقدّم نحو حلّ الأزمات والسلام و...؛ فهي غير مقيّدة للسياسة الهوجاء المغامرة و... ولا تمنع بيبي نتنياهو من استغلال الانشغال بالانتخابات لارتكاب الحماقات؛ كي يشعل حربًا جديدة لا نستطيع أن نتكهّن مداها ونهايتها، ولا أن نتصوّر مخلّفاتها وإسقاطاتها وتداعياتها التدميريّة.
لذلك فمعركة المركز-يسار يجب أن لا تتركّز حول إسقاط سياسة اليمين واستبدالها بسياسة يسار ديمقراطيّ فقط؛ بل عليها أن تشمل سيرورة ديمقراطيّة تؤدّي إلى الوصول إلى يوم الانتخابات والانتصار بأمثال أبراهام بورج!

#راضي_كريني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل