أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - ارفعْ مسدسَك عن أنفي، في يدي سوط نيتشه














المزيد.....

ارفعْ مسدسَك عن أنفي، في يدي سوط نيتشه


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 15:14
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


سألني الشاعرُ الإنجليزيّ: هل تعاني المرأةُ المصرية المبدعة؟
قلتُ: نعم.
قال: من تحرّشات الرجال بها؟
قلتُ: الموضوع أعقدُ من هذا. المرأة المصريةُ تعاني أولا بوصفها إنسانًا في مجتمع يفقدُ فيه الإنسانُ كلَّ يوم درجةً من آدميته. ثم هي تعاني- شأنَ كلِّ كاتبٍ- من أجل اصطياد الكلمة والفكرة والصورة. ثم هي تعاني كامرأة في مجتمعات بطريركية؛ شأنها في ذلك شأنَ كلِّ النساء في العالم الذكوري الراهن. ثم هي تعاني كونها امرأةً تفكر؛ فالمرأةُ كائنٌ ناقصُ الأهلية، ومن ثم يتحسّس الرجلُ مسدسَه كلما أمسكتِ المرأةُ قلمًا لتكتب.
قال: كيف؟
قلتُ: أولا يتم التعاملُ مع كتاباتها باستخفاف؛ كما تعاملنا (الخاطئ) مع الأطفال وغير ذوي الأهلية. ثم إن ثَبُتَ تفوقُها؛ نبدأ في البحث عن "الرجل" الذي يكتب لها(!). لأن التفوق منذورٌ للرجل منذ الأزل. فإن لم نجد ذلك الرجل، وتأكدنا- للأسف- من تفوقها، نشرعُ في رشقها بالحجارة. لأن تَفوّقَ المرأة يعتبره الرجلُ (المريضُ) انتقاصًا من ذكورته، في حين يفرح الرجلُ (السويّ) بذاك التفوق، ويشيد به.
سألني: هل توجد تحرّشات من قِبل "مثقفين" (بين قوسين) تجاه كاتبات؟
قلتُ: وماذا عن تحرّش الرجل بوجه عام، بالمرأة بوجه عام؟ كأنك يا روبرت قد قصرتَ الأمرَ على الكتّاب وحسب! لا يجوز أن نجمع كل المثقفين في سلة واحدة هكذا. بالعالمِ بعضُ القبح الذي يدهشنا فنحاربه، مثلما هو مليءٌ بالجمال الذي يُدهشنا فنستلهمُه ونكتب. لكن بوجه عام: نعم، ينزعج المثقف (المأزوم) من تفوق المرأة المثقفة.
قال: لكنني لاحظتُ أن بعض الكاتبات يرفضن أن تظهر صورُهن كي لا يتحرش بهن الرجالُ!
قلتُ: المرأةُ مستهدَفةٌ من الرجل منذ بدء الخليقة؛ قبل الكتابة وقبل الطباعة وقبل الصحف وقبل الانترنت. فهل عدمتِ المرأةُ، على مدى التاريخ، وسيلتَها الخاصة في ردع مَن يحتاجُ ردعًا؟ هل حَجْبُ المرأةِ وجهَها هو الحل؟ كأننا نجابه خطأ المخطئين بخطأ أفدح، هو الخجل من وجوهنا والتخفي وراء جدر!
المرأةُ العادية (التي لا هي كاتبة ولا مبدعة)؛ ك: الطبيبة، المهندسة، الموظفة، المحامية، والمرأة البسيطة: القروية، الشعبية، العاملة، الخ، تعرف جيدًا كيف تردُّ عنها سخافاتِ الرجل وتحرشه بها في السوق والعمل والشارع والنادي؟ للمرأة أساليبُها في تأديب مَن يعوزه الأدب. والصَّبيةُ الصغيرة تعرف كيف تفعل ذلك، فهل يصعب أمرٌ كهذا على كاتبة ومبدعة؟ لماذا نعالج قبحَ الوجود بقبحٍ الغياب والتخفي؟
الرجلُ "المأزوم" فقط، هو الذي يُقزّم المرأةَ ويختصرها في فستان وجديلة شعر ووجه جميل؟! يتساءلُ النقّادُ: لماذا لا توجد لدينا كاتباتٌ في حجم كاتبات الغرب؟ هل ترون السؤال ذكيًّّا وعادلا أم عبثيًّا وينم عن عماءِ؟ أعطونا مجتمعاتٍ صحيةً، ونظرةً راقيةً للمرأة، وحريةً فكرية وإنسانية، للرجل وللمرأة معًا، أعطِكم كاتبات عربيات أعلى قامةً من فرجينيا وولف وآليس ووكر وإيميلي ديكنسون.
المرأة الكاتبةُ تحارب في جبهات عدة، بينما الكاتبُ “الذكر” لا يحارب إلا في ساحة الكتابة. على المرأة أولا أن تُقنع أباها وأخاها وأمها ثم زوجها وابنها أن لديها ما تقول. فإن سمحوا لها، عليها أن تقنع المجتمع أن عقلها غيرُ ناقص، وأن بوسعها أن تبدع. ثم بعدئذ، وهو الأهم، عليها أن تبدع بحق (وهو العراك الوحيد “النبيل”، والذي تتشارك فيه مع الرجل). ثم تأتي المعركة "غير النبيلة"، تلك التي بوسع المجتمع، لو كان راقيًا، أن يوفر على المرأة خوضها. هي معركة المبدعة اليومية لتقنع القراء والأدباء أن كتابتها هي محضُ عمل فنيّ وليس سيرتها الذاتية. فكثيرةٌ هي العيونُ التي “تفتش” بين السطور عن أسرار الكاتبة الخاصة! كأنما يعوزها الخيالُ لتبدع! هل نظر الكتّابُ الرجالُ لكل هذه الحروب التي تخوضها المرأةُ المبدعة قبلما يحاسبونها ويرفعون السيوف على تجربتها إن قدمت شيئا مائزا؟
علمتنا الرياضيات أن المقارنة لا تجوز إلا إذا ثبتنا كلَّ العوامل ووجوه المقارنة، إلا وجهًا واحدًا. فهل المتاحُ للرجل الكاتب، متاحٌ للمرأة الكاتبة حتى نقارن النتائج بالنتائج؟
حدّثَنا التاريخُ أن “جوديث” شقيقة “شكسبير” كانت تمتلك موهبةً أكبر من أخيها، لكنها لم تنل ما نال من تعليم وترحيب بالوجود، ثم ترحيب بالكتابة، مثلما نال هو، فغدا هو مَن هو، وظلت هي خلف جُدُر الظلام لا أحد ثمة يعرف عنها شيئًا. وفرجينيا وولف العظيمة، خاضتِ المرَّ ولم يُسمح لها بالذهاب إلى المدرسة مثل أشقائها البنين، فعلّمتْ نفسَها بنفسها وغدت مَن غدت. وهذه سيمون دو بوفوار تقول: المرأةُ لا تولد امرأةً بل إنسانٌ، ثم يجعلها المجتمعُ امرأة.
سألني: بوصفك كاتبةً في مجتمع بطريركيّ كيف حللتِ المعادلة؟
قلت: تعلّمتُ أن أترك (نوعي) في بيتي وأخرج للمجتمع "إنسانًا" وحسب. عقلٌ يتحاور مع عقول. عقلي هو الذي يُنصتُ إلى الوجود، هو الذي يكتب وهو الذي يتلقى النقدَ الحقيقيّ فيتحاور معه، وهو الذي يتلقى كلامَ المجاملة الأجوفَ فيضرب عنه صفحًا، وهو الذي يواجه ما تسمونه “تحرشًا”، فيُخرج سوطًا ويبطش.
ليس نيتشه وحده الذي يمتلك سوطًا لامرأته، أنا- وكل امرأة- لها سوطها الخاص الذي تؤدّبُ به مَن يعوزه الأدب.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطعااااام! أفسحوا الطرررريق
- صناعة القبح
- المرأةُ الجبروت
- لقائي مع الطبيب عبد الفتاح السيسي
- المرشح الرئاسي كوكاكولا
- الرئيسُ لسانُ مصر
- موسوي عيسوى محمدي
- حركة النصف ساعة
- كيف نقيس أعمارنا؟
- شكرًا لكم أيها الزائفون
- المرأةُ العفريت
- مدحت صالح ربيعُ الأوبرا
- عيد ميلاد زهرة تمرد
- المسيحيون سرقوا مصر
- ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي
- دستور برهامي
- برهامي هادم الدساتير
- كوني صماء وترشحي يا نصف الدنيا
- حُلم المصالحة الطوباوي
- رسالة إلى أرباب الفتن: مصر في الكاتدرائية


المزيد.....




- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-
- شوفوا الفيديو على قناتنا وقولولنا رأيكم/ن


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - ارفعْ مسدسَك عن أنفي، في يدي سوط نيتشه