أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - صناعة القبح














المزيد.....

صناعة القبح


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4455 - 2014 / 5 / 16 - 11:28
المحور: المجتمع المدني
    


Ugliness Making

يسألُ سائلُ: كيف وصلنا إلى هذا؟
هاكُم الحكاية من أولها.
قبل خمسين عامًا، يُحكى أن رجلا ألقى ورقةً في الشارع النظيف. شاهده رجلٌ آخر، فاندهش جدًّا وغضب جدًّا، وقال في سرّه: “رجلٌ مجنون يلقي قمامة في الشارع!”. لكنه صمت وقال: “وأنا مالي!”.
في اليوم التالي جاء الرجلُ الأولُ ورمى علبةً فارغة في الطريق. شاهده الرجلُ الثاني واندهش قليلا وغضب قليلا (أقل من اليوم الأول ).
في اليوم الثالث ألقى الرجلُ الأول كيسًا مملوءًا بالقمامة. لم يندهش الرجلُ الذي كان مندهشًا في اليوم الأول، ولم يغضب؛ لأن المشهد الغريبَ صار مألوفًا وعاديًّا ويوميًّا.
في اليوم الرابع شارك الرجلُ الثاني الرجلَ الأول إلقاء بعض القمامة في الطريق، وابتسم كلٌّ منهما للآخر.
كثُر الرجالُ وتوالتِ الأيامُ وتكوّن بعد أسبوعين تلٌّ صغير من القمامة، تحوّل إلى تلٍّ كبير، ثم هضبةٍ، ثم جبل شاهق، ثم جبال كثيرة اختفت معها معالمُ المدينة.
بعد عام، كان هناك رجلٌ نظيف يحمل زجاجة مياه فارغة يود التخلص منها. راح يبحث بعينيه يُمنةً ويسرةً عن صندوق قمامة فلم يجد. سأل أحدَ المارة أين بوسعه أن يلقي مخلفاته، فابتسم الأخيرُ وقال: “أنت مجنون؟! الأرضُ صندوق قمامتنا!”
هكذا تتكون الثقافات وتتغير التركيبة المزاجية والدماغية والروحية للبشر. الذي اندهش من مرأى القبح أول يوم، اعتاده في اليوم التالي، وصنعه في اليوم الثالث، ثم دعا إلى في اليوم الرابع. السلوك المتكرر يصبح عادة. والعادة تصبح ثقافة. والثقافة تصير نهجًا وأسلوب حياة. تكرار السلوك الشاذ، ينزع عنه شذوذه، فيصبح مع الوقت اعتياديًّا وطبيعيًّا، فإن حاولت مقاومته أصبحت أنت الشاذَّ، ونظر إليك الناسُ بشفقة، وربما شتموك وضربوك. التواطؤ على الخطأ، وثقافة "المعلش"، حوّلت مدينة جميلة مثل "القاهرة"، كانت حتى ستيتيات القرن الماضي من أجمل وأنظف مدن العالم، إلى هذا الكيان المشوه الغارق في الفوضى والقبح والقمامة. يعود الفضل في هذا إلى رجلين غير كريمين نختصمهما أمام الله. رجلٌ مهملٌ كسول ألقى الورقة الأولى. ورجلٌ جبانٌ رعديدٌ أناماليٌّ صمت عن خطأ الرجل الأول وتواطأ معه. لو كان نهره على فعلته في اليوم الأول، لتبدّلت أمورٌ كثيرة.
لهذا، في بلاد الغرب النظيفة، يُحاسبُ القانونُ الرجلين معًا. المخطئ والمتواطئ مع المخطئ. مَن ألقى القمامة أو دخّن سيجارة في مكان مغلق، وكذلك مَن شاهد تلك الأفعالَ غير الحضارية ولم يُبلغ السلطات. كم عملية undo نحتاج إليها لتعود مصرُ جميلةً وأنيقةً ونظيفة وأم الدنيا، كما كانت؟!

***

تبدأ الأحاجي عادةً بأقاصيصَ سخيفة،
ليستْ كحكايا الأطفالِ في شيء
ينقصُها شيءٌ من البراءِة،
شيءٌ من الخيال.
أحاجي مشبعةٌ بالمنطق
ما يؤكد زيفَهَا
وأنا في هذه اللحظةِ،
لستُ أحتاجُ أيَّ منطق،
أحتاجُ أن أقرأَ عن الجِنيّات،
والأميرة النائمة،
والخاتمِ المسحور،
وحينَ ينطفئُ وهجُ الفرحِ،
أكرهُ أن أكونَ أحد أبطالِ القصة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأةُ الجبروت
- لقائي مع الطبيب عبد الفتاح السيسي
- المرشح الرئاسي كوكاكولا
- الرئيسُ لسانُ مصر
- موسوي عيسوى محمدي
- حركة النصف ساعة
- كيف نقيس أعمارنا؟
- شكرًا لكم أيها الزائفون
- المرأةُ العفريت
- مدحت صالح ربيعُ الأوبرا
- عيد ميلاد زهرة تمرد
- المسيحيون سرقوا مصر
- ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي
- دستور برهامي
- برهامي هادم الدساتير
- كوني صماء وترشحي يا نصف الدنيا
- حُلم المصالحة الطوباوي
- رسالة إلى أرباب الفتن: مصر في الكاتدرائية
- رجلان يعرفان الله
- لقائي الأخير بالعصفور سلطان


المزيد.....




- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - صناعة القبح