أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - المرأةُ الجبروت















المزيد.....

المرأةُ الجبروت


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 17:32
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


"تحدثنا الأسبوعَ الماضي، في مقال “المرأةُ العفريت” عن النساء المُستضعفات اللواتي يستغلّهن بعضُ الرجال من غير ذوي المروءة؛ فيعذبوهن ويستلبن جهدهن ومالهن وجمالهن، وما أن يذبل ذاك الجمال كما تذبل الوردة بعد إزهار، يلقي بها الرجلُ كما تُلقى خرقةٌ بالية.
هذا الأسبوع أقدم لكِ يا "نصف الدنيا" نموذجًا مختلفًا للمرأة ذات الجبروت. امرأة استخدمت ذكاءها وثقافتها لتذلَّ من الرجال من يستحق الذلَّ، وتدلل من يستحق التدليل والحب.”
***
كانت "هند بنت النعمان بن المنذر" من أجمل نساء زمانها وأكثرهن علمًا وثقافة وبلاغة. تزوجّها الطاغيةُ "الحجّاجُ بن يوسف الثقفي" قسرًا رغمًا عنها وعن أبيها. وذات يوم، دخل عليها وهي تندب حظها أمام المرآة قائلةً:
وما هندُ الا مهرةٌ عربيةٌ/ سليلةُ أفراسٍ تَحلَّلها بغلُ
فإن ولدتْ مُهرًا فلله درُّها/ وإن ولدتْ بغلاً فقد جاء به البغلُ
فلما سمع الحجاج ذلك غضب وأراد طلاقها. فبعث إليها خادمه يخبرها ويعطيها مؤخر صداقها مائتي ألف درهم.
فذهب إليها الخادمُُ، وقال: "كنتِ …. فبِنْتِ"
أي كنتِ زوجةً، فضربك البَونُ (الفراق) وطُلّقتِ.
فقالت للخادم:
"كُنا فما فرحنا، وبِنَّا فما حزنَّا. وهذه العشرون ألفًا لك؛ مقابل بشرى طلاقي من كلب بني ثقيف.”
ولم يجرؤ أحدٌ على التقدم لخطبتها بعد الحجاج، ولم تقبل هي مَن دونه مكانةً وحسبًا. حتى بلغ الملكَ "عبدالملك بن مروان" خبرُها ومبلغ حسنها وثقافتها فأرسل يخطبها.
فأرسلتْ له خطابًا يقول: “الثناءُ على الله والصلاةُ على نبيه، أما بعد. فاعلمْ يا أمير المؤمنين أن الكلبَ ولغَ في الإناء."
فلما قرأ رسالتَها ضحك، وأرسل يقول: “صلى اللهُ عليه وسلم. فإذا ولغ الكلبُ في إناء أحدكم، فليغسله سبعًا، إحداهن بالتراب.”
فأرسلتْ تقول: "لا أُجري العَقدَ إلا بشرط. فإن قلتَ ما الشرطُ؟ أقول أن يقود الحجاجُ محملي إلى بلدك حافيَ القدمين.”
فوافق ابنُ مروان وأرسل إلى الحجاج يأمره، فما استطاع الأخيرُ رفضًا. وذهب إلى بيت هند وطلب إليها أن تتجهز للسفر. فلما ركبت المحمل وحولها جواريها وخدمها، ترجّل الحجاجُ حافيًا آخذًا بزمام الهودج. فصارت تسخر منه وتضحك مع بَلانتها وجواريها. ثم أمرتهن بكشف ستار المحمل، فكشفنه حتي قابل وجهُها وجهَه؛ فضحكت عليه. فأنشد هذا البيت:
فإن تضحكي يا هندُ فرُبّ ليلةٍ/ تركتُك فيها تسهرين نواحا.
فاجابتة ببيتين:
وما نُبالي إذا أرواحُنا سلِمتْ / مما فقدناه من مالٍ ومن نسبِ
المالُ مكتسبٌ والعزُّ مُرتجعٌ / إذا اشتفى المرءُ من داءٍ ومن عطبِ
ولم تزل تضحك وتلعب حتى وصلت إلى قصر الخليفة، فرمتْ دينارًا على الأرض، وقالت: "يا جمّال، سقط منا درهمٌ، فهاتِه.” فنظر الحجاجُ فلم يرَ إلا دينارًا، فقال لها: "هو دينار!” فقالت: “الحمدُ الله الذي عوضنا بالدرهم دينارًا.” فخجل الحجاج وقد فهم مرماها، بأن الله قد أبدلها الأعلى بالأدنى.
عند العصر، تأخر الحجاج في الإسطبل بينما الناس يتجهزون للغداء، فافتقده الخليفةُ ابن مروان وأرسل يطلبه للطعام. فرد الحجاج قائلا: “ربّتني أمي على ألا آكل فضلاتِ الرجال.”
فهم الخليفةُ، فمنح زوجته أحد القصور، ولم يقربها.
ولما علمت هندُ سبب رفضه الدخول بها، أمرت جاريتها أن تذهب للملك وتخبره أنها تريده في أمر عاجل. وقبل دخوله غرفتها قطعت عقد اللؤلؤ فانفرطت حبّاتُه على الأرض. رفعت طرفَ ثوبها تجمع فيه اللآلي، فشاهد عبد الملك حسنها واشتهاها لكنه امتنع. فراحت تنظمُ حبات اللؤلؤ وتقول: “سبحان الله!”
سألها عن السبب فقالت: “هذا اللؤلؤ خلقه اللهُ لزينة الملوك.”
قال: “نعم.”
قالت: “ولكن شاءت حكمتُه إلا يستطيع ثَقبَه إلا الغجر.”
فقال متهللا: “نعم والله، صدقتِ! قبّح اللهُ مَن لامني فيكِ.”
ف

المرأةُ العفريت
"في الفولكلور الشعبي القروي في ريفنا المصري، يشاهدُ الفلاحُ عفريتًا يداهم الحقل، فيسارع الفلاحُ بغرس مسلّة (إبرة التنجيد الطويلة) في خصر العفريت. فيتحول العفريتُ من فوره إلى حمار يحمل فوق ظهره السماد، أو بقرة يربطها في الساقية لتروي له الحقل، أو حتى طائر أبي قردان ينقي له الدود. وعند المغرب، ينزع المسلّة من خصر العفريت، فيتبخر.
ترى، كم رجلا يتعامل مع امرأته مثلما يتعامل الفلاح مع العفريت؟! ربما تجيب هذه القصيدة.”
***
غرَسَ الشوكةَ في خِصرِها
فتحوّلتْ إلى هيأة الجواري:
تجلبُ الماءَ من البئرْ،
وتعدُّ قهوةَ الصُّبحِ
ثم تسوِّكُ أسنانَه من بقايا الفطورِ،
والنساءْ.
تِِكْ تِكْ،
يصَفِّقُ،
فتنبسطُ له أرضًا
تُنبِتُ القمحَ والشعيرَ والنارنجْ.
تِكْ تِكْ
فتنتفضُ، كصليبٍ مُشرع وسطَ الحقلْ،
خيالَ مآتة
تُفزِّعُ الطيرَ وتهشُّ الألسنيّينَ واللصوصْ،
ثم تُنقّي ماءَ البِِركةِ من الدَنَس
كي تغسلَ أصابَعها المبتورةَ بسيفِ الخوارجْ
وتُشهِرَ قميصَه فوق صدرِها
ليجفَّ من الدمْ.
تِكْ
فتغدو ناعورةً
تروي أرضَه
وترسمُ فوق صفحةِ القنايةِ
دوائرَ وظلالاً
لزومَ اكتمالِ اللوحةْ.
عند الظهرِْ
يصفّقُ من جديد
فتنقلبُ أبا قردان
يلقطُ الدودَ من التربة
ويُنقّي خطوطَ القطنِ من اللُطعِ،
ثُم سمكةً
تجمعُ الطميَ في بطنِها
لتفرغَهُ في حوضِ الورد الشماليّ.
تِكْ تِكْ تِكْ تِكْ
فتحولّتْ على إثرِها مُهْرةً
امتطاها
ليتفقّدَ بساتينَه الواسعة
وفي يمينِه سوطُ نيتشه:
شيخِ البلد.
الفلاحُ الأشهبُ
تعلّمَ حكمةَ القرويين وطقوسَهم،
روّضَ المرأةَ بقانون العِفريتِ،
ثم اضطجعَ على حافةِ الترعةِ في استراحةِ القيلولة
حدّقَ في عينيها برهةً
فاستوتْ له صبيةً
ضاجعَها
واستولدها طفلةً شهباءَ،
قتلَها.
جميلةً كانت
ولذا
شخبطَ على وجهِها في التصاويرِْ
بطبشورٍ أسودَ
إذ ملاحتُها
تكشفُ قبحَ الرفاقْ.
قبل الغروبِ
جفَّ حلْقُه
فتكوّرتْ له عِلكةً
لاكَها
ثم
بصقَها،
فتمطّتْ على الرملِْ
وتحورّتْ حواءَ،
ولما اكتملتْ أنوثتُها
نامتْ على رجاءِ القيامةِ.
عند المغرب
انتزعَ الشوكةَ من لحمِها
فتبخرّتْ.

***
* من ديوان "قارورة الصمغ" دار ميريت 2007 | فاطمة ناعوت



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقائي مع الطبيب عبد الفتاح السيسي
- المرشح الرئاسي كوكاكولا
- الرئيسُ لسانُ مصر
- موسوي عيسوى محمدي
- حركة النصف ساعة
- كيف نقيس أعمارنا؟
- شكرًا لكم أيها الزائفون
- المرأةُ العفريت
- مدحت صالح ربيعُ الأوبرا
- عيد ميلاد زهرة تمرد
- المسيحيون سرقوا مصر
- ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي
- دستور برهامي
- برهامي هادم الدساتير
- كوني صماء وترشحي يا نصف الدنيا
- حُلم المصالحة الطوباوي
- رسالة إلى أرباب الفتن: مصر في الكاتدرائية
- رجلان يعرفان الله
- لقائي الأخير بالعصفور سلطان
- طريق الفرح


المزيد.....




- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض
- في يوم الأسير.. الفلسطينيون يواصلون النضال من داخل المعتقلات ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - المرأةُ الجبروت