أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - طريق الفرح














المزيد.....

طريق الفرح


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4427 - 2014 / 4 / 17 - 08:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في هذا المكان منذ عام، أيام حكم الإخوان العسر، كتبتُ مقالا عنوانه "طريق الآلام" أهنئ فيه إخوتي أقباط مصر المسيحيين بأحد السعف، وقارنتُ بين الطريق الوعرة التي سار فيها السيد المسيح في القدس حاملا صليبه استعدادًا للموت النبيل، وبين طريق الآلام التي تسير عليها مصرُ حتى تتخلص من ثقل وطأة الإخوان. قلتُ فيه:
"وأنا طفلة، في مثل هذه الأيام الربيعية، كنا نجمع عيدان السَّعف، ونتبارى في جدلها لنصنع أشكالا جميلة نعلّقها في غرفنا أو ندسّها تحت "بنورة" مكاتبنا، حتى تجفَّ، مع الفراشات الملونة التي نصطادها من حديقة المدرسة، ونُصبّرها (كم كنا قساةً في أمر الفراشات هذا!). وحين كبرتُ بات الحصول على السعف صعبًا. فقد برحتُ مدرستي الرائعة التي يقف عند بابها باعةُ السعف، وأصبح عليّ اللجوء إلى أصدقائي المسيحيين لكي يهدوني شيئًا منه. هذا العام قررتُ ألا أعتمد على أحد، فخرجت بالأمس واشتريت باقة من سنابل القمح المصري الفاتن، علّقتها على باب شقتي.
ونحن صغار، أيام الزمن الجميل، لم يكن يعنينا إن كان هذا عيدي أم عيدك! لم تدخل معاجمنا كلماتُ الفُرقة: مسلم-مسيحي. كنّا نفرح معًا ونلعب معًا ونحتفل بأعيادنا معًا؛ لأن مصرَ الطيبةَ تجمعنا معًا، وقبل هذا تجمعنا الإنسانيةُ الواسعة. العقائدُ شأنُ الله، وكنّا نتأدبُ مع الله ولا نأخذ مكانه فنُدين كيلا نُدان. وكنّا ندرك أننا جميعًا نعبد إلهًا واحدًا، لأن لهذا الكون ربًّا واحدًا، كلٌّ يراه عبر منظوره، ففيمَ الخلاف؟!
أكتبُ إليكم يوم "أحد السعف" حيث تمتلئ شوارع مصر بسنابل القمح وجريد النخيل. ندعو الَله أن نصطفّ جميعًا، نحن المصريين، قلبًا واحدًا وحُلمًا واحدًا ويدًا واحدة تحمل أكاليلَ السَّعف لنستقبل بها مصرَ الحرةّ الكريمة حين تنبعث وتنهضُ من سقطتها، كما اصطفّ أهالي القدس الشريف، حاملين أغصان الزيتون والسعف لاستقبال السيد المسيح، رسول السلام والمحبة، عليه السلام، حين دخل أورشليم القديمة منتصرًا مكللاً بأوراق الغار.
أصدقاؤنا المسيحيون صائمون منذ خمسة وخمسين يومًا، يرفعون أياديهم إلى السماء ضارعين بالدعاء لكي يحمي اللهُ مصرَ ونيلَ مصرَ وشعبَ مصرَ من كل شرّ، كما ندعو لها في صلواتنا وصيامنا وتهجدنا. يجمعنا حبُّ مصرَ، وتجمعنا طريقُ الآلام القاسية التي تمشي عليها مصرُ الآن في وهنٍ ووجع لكن مرفوعة الرأس، تمامًا كما سار السيد المسيح، عليه السلام، تلك الطريق الوعرة من باب الأسباط حتى كنيسة القيامة، في مثل هذا الأسبوع من ألفي عام، حاملاً صليبَه الخشبيَّ الهائل، وحاملاً آلامه وجراحه ودماءه الطاهرة ورجاءه في خلاص البشر من شرور العالم، واضعًا إكليلَ الشوك على جبينه الوضيء النقيّ من الدنس، يقطرُ منه الدمُ الطاهر. وحين ظمِأ، قدّم له جندُ اليهود والرومان كأس الخلّ كي تخفَّ آلامه قليلا، لكنه رفض أن يحتسيه كي يتجرّع الألمَ إلى منتهاه، لقاء قوله الحقَّ في وجه سلطان جائر. ثم قام بتعزية المريمات وصبايا أورشليم المنتحبات عليه، طالبًا إليهن أن يبكين على أنفسهن لا عليه، مثلما أكادُ أسمعُ مصرَ في طريق آلامها تقولُ لبناتها: "يا بنات طِيبة، لا تبكينَ عليّ، بل اِبكين على أنفسكن وأولادكنّ.
بعد أسبوع الآلام هذا، سيحتفل إخوتي مسيحيو مصر بعيد القيامة، وسوف ندعو الله معهم أن يحتفل المصريون والعالم أجمع، بقيامة مصر العظيمة الخالدة من مواتها الراهن. كل سنة وأقباط مصر مسلمين ومسيحيين بخير وفرح وأمان ومحبة، ومصر في حرية وتحضّر.”
اليومَ، أجدد تهنئة إخوتي المسيحيين بعيدهم، وأرجو أن تكون مصرُ قد تجاوزت طريق الآلام لتبدأ خُطاها الطيبة على طريق الفرح والأمن والاستقرار. كل سنة وأنتِ يا مصرُ، مصرُ المباركة بين الأمم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدفٌ في مرمى الحضارة
- الرئيس وأسئلة ديكارت
- عروسة لطفلة السماء
- لن أعزّيك يا صديقي ..
- شهيدتا الحق والحب
- النبلاء ينقذون رعايانا في ليبيا
- الصورة الحقيقية لمصر
- صانع العرائس قاتل ماري
- اسمك إيه يا أم محمد؟
- الباليه... فوق كفّ مصر
- ابحثوا عن قاتل -ماري- الحقيقي.
- معندناش كتب خيالية
- مليون إنسان في بيتي
- رسالة إلى حابي
- الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فا ...
- وجدى الحكيم أيام زمان
- 13 مارس 1950
- أغلى سيارة في العالم
- أمي، و-أحمد رشدي-
- هنا كردستان


المزيد.....




- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - طريق الفرح