أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - الباليه... فوق كفّ مصر














المزيد.....

الباليه... فوق كفّ مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4415 - 2014 / 4 / 5 - 11:03
المحور: الادب والفن
    


فتاةٌ جميلة في رشاقة وردةٍ تميدُ فوق غُصنها. تلفُّ هامةَ رأسها الساحر بشريط ذهبيّ تنسدلُ من تحته أمواجُ شعرٍ أسودَ كثيفٍ كشلال من الأبنوس. يدور الشريطُ في دوامة إلى الأعلى مثل رأس الكوبرا الفرعونية التي قدّسها أجدادي المصريون. هذا التاج الفريد يذكرنا بشريط السينما المصرية العريقة التي بدأت عام 1896، مواكبةً أولى عروض السينما في العالم.
تضع الفتاةُ في أذنيها قرطًا ذهبيًّا يلتف في انسيابية ليأخذ شكل "مفتاح صول" الذي يتصدر سطور النوتة الموسيقية لعزف اليد اليمنى في البيانو، فيبين نغمات اللحن الرئيسي. فيقع القرطُ والعلاماتُ الموسيقية التي تُحلّق فوق رأس الفتاة، في خانة الموسيقى التي ابتكرتها مصرُ في فجر التاريخ ووهبت لها في الميثولوجيا الفرعونية اسم الإله "تحوت" ليجعلها الإله "أوزوريس" أداةً تسعى إلى تحضّر العالم. فعكف جدي المصريُّ القديم على اختراع الهارب والقيثارة والكلارينت والناي والجنك والأرغول والآلات العاجية والصنج النحاسية، وشكّل فرق العازفين والراقصين، وابتكر السلم الموسيقي المكون من خمسة أصوات.
ترفع الفتاةُ كفُّها اليسرى أمام وجهها، فنكتشف أن باليرينا رشيقة ترقص فوق بساط كفها. تضم الفتاةُ شفتيها وتنفثُ عبيرها الطيب، فتداعبُ أنفاسُها تلك الباليرينا التي تمتشقُ الكفَّ المنبسط، فتدورُ وتدور.
وتطير أقنعة المسرح الباسمة والمقطبة فوق رأس الفتاة، ما يذكرّنا بالمسرح المصري العريق الذي أسّسه المثقف الموسوعي "يعقوب صنوع" عام 1869، واستمرار مجده مع يوسف وهبي وبديع خيري ونجيب الريحاني وألفريد فرج ونعمان عاشور وعلي سالم وسعد الدين وهبه وفؤاد المهندس، وغيرهم، ثم انحداره مع شيوع ذائقة الأغنياء الانفتاحيين، حتى استعادته مجده على يد فارس المسرح محمد صبحي.
عرفنا في تلك الفتاة الحسناء وجه مصر، ونحن نتأمل الكليب المتحرك على شاشات المسرح الكبير بدار الأوبرا، يوم 15 مارس الماضي في “عيد الفن”.
ذاك هو الشعار الفاتن الذي صممه المهندس الموهوب "مصطفى عوض"، ربما ليرد به على لصوص الإخوان الذين سرقوا عرش مصر في غفلة من التاريخ، فراحوا يحاربون الفكر ويدمرون الثقافة ويهينون الهوية المصرية ويحرّمون الفنون ويقول جهلاؤهم: “الباليه، فنُّ العُراة، يجب منعه وتحريمه"! ورددتُ عليه في حينها قائلة: “نحن نبصركَ بعيوننا، فبأي عضو من أعضاء جسدك ترانا عرايا؟"حين اقتحم وزير الثقافة الإخواني صومعة المثقفين العام الماضي محاولا تخريبها، ابتسمتُ إذ أيقنتُ أن عهدهم يوشك أن يسقط. ثم كتبت في جريدة "الوطن" مقالا عنوانه "الباليه في الشارع، شكرا للإخوان"، بتاريخ 12 يونيو 2013.
قلت فيه: “شكرًا لوزير حمل حقيبة الثقافة، فناءَ عنها كاهلُه الضعيف... شكرًا للنظام الإخواني الفاشل الذي يجهد أن يمحو الثقافة المصرية وهويتها العريقة. شكرًا لعضو الشورى الذي يرى الباليه "فن عُراة"! ذاك أنه يرانا بجزء غامض من جسده، غير ذاك الذي يبصر به الناسُ الناسَ، أي العيون. شكرًا لكل الظلاميين لأنهم حققوا لي حلمًا عزيزًا طالما راودني كلما زرتُ مدينة أوروبية، وقد تحقق بالأمس، في شارع "شجرة الدرّ"، (وللاسم دلالتُه)، أمام وزارة الثقافة المصرية المنكوبة... شيء معتاد أن تشهد في الشوارع الأوروبية أوركسترا كاملا يعزف سوناتا، ويتحلّق حوله الناس ليغسلوا أرواحهم. معتادٌ في جنيف السويسرية أن تلمح بيانو في كل ميدان وشارع، يجلس عليه مَن يشاء ليعزف ما يشاء. وأنا عزفتُ على أحدها "فالس الربيع"، فتحلّق حولي الأطفالُ والأمهاتُ والشبابُ، ينصتون في احترام لفن عظيم اسمه الموسيقى، ولفكر رجل استثنائي اسمه تشايكوفسكي، فيما يرسم خيالهم باليرينات ساحرات كالفراشات يرقصن "كسّارة البندق"....الفن يُنقّي الروح من أدرانها، ويُميت داخلنا "الهمجيَّ" الذي يودّ أن يُطلّ برأسه ليسرق ويقتل ويغتصب ويسبُّ ويلعن، فتأتي الفنونُ لتقمع هذا "الوحشَ" الرابض داخلنا، وتعلّمه التحضر والرقي والأدب والأخلاق. لهذا قال أفلاطون: "علّموا أولادكم الفنون، ثم أغلقوا السجون." ذاك أن المجتمعات التي تُعلي من شأن الفنون، تقلّ فيها نسبة الجريمة، والعكس صحيح. أصدقاؤنا الغاضبون الذين لم يروا فى الرقص إلا صدورًا وخصوًرا، لم ينظروا إلا إلى القشرة التى تحمى جِذْعَ الشجرةِ من الرطوبة والحشرات. لكن فتنةَ الرقص، تكمنُ فى نَسْغِه الخبىء، المُحاط بألفِ سياجٍ لا يقدرُ على اختراقِها إلا عينٌ مدربةٌ على تعاطى الفنِّ وتقديره. من زار أمريكا اللاتينية يعرفُ كيف حَلَّتْ تلك البلادُ الفقيرةُ مشاكلَها الوجوديةَ، والاقتصاديةَ بالرقص، الذي يقشّر عنهم أوجاعهم. ها هي فرقة باليه القاهرة قد نزلت عن علياء خشبة المسرح، إلى أرضنا الطيبة، مع اعتصام المثقفين الغاضبين على هُوية مصر التي تُسرق. وها هم يرقصون "زوربا" في الشارع ونرقص معهم. وها نحن شعبٌ عريق يعرف كيف يحمي هُويته من اللصوص. وها موعدنا اقترب: 30 يونيو.”
حرّم الإخوان الإرهابيون الجُهّلُ فن الباليه، فجاء شابٌّ فنانٌ واعد وجعل الفن فوق كف مصر في دلالة شديدة الذكاء، تقول على نحو حاسم: “مصرُ باقيةٌ بفنونها الرفيعة، ولن تنضوي تحت خيمة الظلام الذي يدثّر عقول العميان الذين يسبحون في شهواتهم وأمراضهم. شكرًا لمصمم الشعار، شكرًا للجميلة إيناس عبد الدايم، شكرا للفنان هاني مهنى، شكرا للمستشار عدلي منصور الذي أعاد في عهده "عيد الفن"، وشكرًا لك أيها الفن، فأنت أحد الفرسان الذين أنقذوا الجميلة: مصر.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابحثوا عن قاتل -ماري- الحقيقي.
- معندناش كتب خيالية
- مليون إنسان في بيتي
- رسالة إلى حابي
- الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فا ...
- وجدى الحكيم أيام زمان
- 13 مارس 1950
- أغلى سيارة في العالم
- أمي، و-أحمد رشدي-
- هنا كردستان
- القتل على العقيدة
- تُرى كيف يقرأ هؤلاء؟!
- متى يطمئن مرسي؟
- صولجان -نادر عباسي- المستبد
- الديكتاتور محمد صبحي
- المرأة بين عقيلة وفرحات
- حوار قديم مع فاطمة ناعوت 2006 | ناعوت: الشاعر راء لأنه لا يق ...
- الحبُّ قد أمر
- وجوه أجدادي
- هنا أجدادي الحزانَى


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - الباليه... فوق كفّ مصر