أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - المرأة بين عقيلة وفرحات














المزيد.....

المرأة بين عقيلة وفرحات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4381 - 2014 / 3 / 2 - 14:04
المحور: الادب والفن
    


"في الليل/ أنسلخُ من إطار الخشب/ تجولُ عيناي بين أروقةِ القاعةِ/ ترقبان:/ الألوانُ نائمةٌ في أنابيبِها/ والفُرْشاتُ ساكناتٌ في إناءِ الزيت/ واللوحاتُ غافية./ أنا حارسةُ المكانِ/ أحميَ أكفانَ الفراعينِ/ التي دثّرَ بها الرسّامُ/ مومياواتِ السَّلف/ دِثارًا أبيضَ/ فوق دِثار/ من عبثِ الأزرق والأخضر والبُنّي/ حتى يظلَّ الأبيضُ أبيضَ/ كما التاريخ/ وعند الفجر/ أعودُ إلى الحاملِ/ أُغمضُ عينيّ برهةً/ لأغفوَ/ قبل أن يستسلمَ من جديد/ وجهي المطبوعُ على القماش/ إلى ريشة الرسام.”
***
كم أنا ثريةٌ هذا الأسبوع! حضرتُ معرضين تشكيليين لا واحدًا! حين أذهب إلى جاليري نحت أو تشكيل، أظلُّ في حال تحليق زمنًا، لا تكاد قدماي تمسّان الأرض. أغدو رهيفة كزهرة، خفيفةً كعصفور، محتشدةً بالسموّ حيث تُغسلُ عيناي بحمّام البَرَد والنور. فما بالكم وقد زرتُ معرضين في يومين متتاليين؟!
أعلم أن الكتابة عن لوحة هو ضربٌ من الجنون. فالكلمات لا تصف شكل زهرة أرجوانية ترقص على ساقها الأخضر، وتعجز عن وصف طعم الشيكولاته أو دمعة في عين طفلة. لابد أن ترى الزهرة وتتذوق الحلوى وينجرح قلبُك بدمعة الصغيرة لأن اللغة قاصرةٌ. أبو حيّان التوحيدي قال: “الكلامُ على الكلامِ صعبٌ"، وأنا أقول: “الكتابةُ على الرسم مستحيلٌ"، لكن ما حيلتي وأنا لا أملك إلا قلمًا نحيلا، وليس في يدي ريشةٌ لأرسم الجمال كما سجلته عيناي؟! دعوني أستعرضُ أمامكم "عجزي" في وصف لوحات الفنانة الجميلة "عقيلة رياض"، والفنان الشفاف "فرحات زكي"، ولهما العُتبى ومنهما العفو.
المرأة الكائن المُلغِزُ المُلهم. هي القاسم المشترك الأعظم في إلهام الشعراء والرسامين والنحاتين والموسيقيين. لكن، هل تختلف النظرة الفنية للمرأة كملهمة، بين الرسام الرجل، والرسامة المرأة؟
هنا، المادة الفنية واحدة: “المرأة"، ولكن الريشة كانت مرّة في يد رسامة، ومرّة في يد رسام. ذلك هو ما أحاول أن ألتقطه وأنا أجول بين لوحات "عقيلة"، في متحف الفن الحديث بدار الأوبرا، وبين لوحات "فرحات" في جاليري "جرانت" المتواري في نبل الرهبان بشارع الجمهورية.
أما عقيلة، فهي فنانة مصرية عالمية، وصديقة قديمة. شهادتي فيها مجروحة، لكن يشفع لي أنني أحببتها من لوحاتها، ولم أحب لوحاتها لأنها صديقتي. المرأة هي الملهم الأول في مجمل أعمال تلك المثقفة التي تنهل من نبع أجدادنا فجعلت من الفرعونة الجدّة التي تمرّر أصابعها على قيثارة الهارب، رمزًا للجمال وأيقونة للحسن. في معرضها الجديد "مصريةٌ على مر العصور"، حاولت ريشتُها أن تغزل أزياء المرأة المصرية منذ عصر الفراعين الأوائل وحتى سبعينيات القرن الماضي: نفرتيتي، ملكة بطلمية، وأخرى عثمانية، المصرية في العصر القبطي، عازفات القرن 16، نساء الأسرة العلوية، العروس المصرية عبر العصور، وراقصات مصريات تطير جدائلهن وكرانيشُ أثوابهن في الهواء، وحتى بنات السبعينيات.
واتتها فكرةُ المعرض وهي ترى حبيبتَها مصرَ تُختطف وتحاول الأيدي السوداء محو هويتها، فقررت أن تخلّد تلك الهوية بريشتها كيلا ينسى التاريخ: المصريةُ، امرأة كل العصور، الجميلة على مر الزمان.
وأما "فرحات زكي"، ذلك الفنان المصري الرهيف، في معرضه الجديد "زهرة على وجه الجنوب"، فقد جعل المرأة النوبية أيقونة لوحاته. فتحارُ من أين يأتي شعاعُ الضوء الخافت الذي ينعكس على البشرة السمراء فيشكّل دانتيلا النور والظلال. شاهدْ لوحاته ليتردد في صدى مسمعك سوناتا "ضوء القمر" لعملاق الموسيقى لودفيج بيتهوفن. إن ذهبت إلى مرسمه، فاعلمْ أنك في محراب صلاة، فحذار أن تتكلم. اصمتْ، لأن الصمتَ في حرم الجمالِ، جمالٌ. تحررْ من صخب العالم واستعد لحمّام النور الهاديء.
كما أخبرتكم، عجز قلمي عن رسم النور! فلا مهرب من أن تركلوا المقال، وتذهبوا لملاقاة الحُسن وجهًا لوجه، وأنتم ترددون: “شكرًا أيها الفن، لأنك تمنحنا إنسانيتنا".


***
* من قصيدة "في المرسم" | من ديوان "صانع الفرح" | فاطمة ناعوت | دار "ميريت" 2012



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار قديم مع فاطمة ناعوت 2006 | ناعوت: الشاعر راء لأنه لا يق ...
- الحبُّ قد أمر
- وجوه أجدادي
- هنا أجدادي الحزانَى
- المستشار النبيل، وامرأة الكفيف
- الغراب والفراشة على بوابة جهنم
- أيها النحيلُ، سلامٌ عليك!
- أول لص فى التاريخ
- مَن يخافُ فيلم-حين ميسرة- ؟
- الفرح يليق بك يا فينسنت
- زنقة الرجالة
- صانعُ الفرح، وصُنّاع الهلاك
- ليلةٌ تضيئُها النجوم - فان جوخ
- إخناتون والعياط
- رأس نفرتيتي، أسرقُها؟!
- العوار والعماء
- كنْ صوت من لا صوتَ له
- العياط وأمهات مصر
- لغة أجدادِنا
- لماذا خدع يعقوب بسطاءنا؟


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - المرأة بين عقيلة وفرحات