أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - الديكتاتور محمد صبحي














المزيد.....

الديكتاتور محمد صبحي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 15:21
المحور: المجتمع المدني
    


لماذا خذلَنا الفنان محمد صبحي، ورفض حقيبة الثقافة مرّةً تلو مرة؟ سألتُه فأجابني بسؤال: “هل ترحبين بخسارة صبحي الفنان، أم صبحي الوزير؟" فصمتُّ. لأن الوزراء بالآلاف، لا نكاد نذكرهم، أما صبحي الفنان، فواحدٌ، لا تجودُ السماءُ بمثله إلا كلَّ قرن. فالسماءُ سخيّة بالساسة والبشر، شحيحةٌ بالموهوبين الاستثنائين.
ورغم اقتناعي بإجابته، كنتُ أرجو قبوله الوزارة، مع عدم خسارته كفنان، لأسباب سأسردُها:
أولا، هي وزارة انتقالية مؤقتة. فلا بأس من استراحة محارب قصيرة لصبحي الفنان، يضطلع فيها صبحي الوزير بدفع عجلة التثقيف وتطهير الأروقة الموبوءة بالفساد والكسل والترهّل، ثم يعود بعدها، إلى، حبيبته الأثيرة: خشبة المسرح.
ثانيًا، رجائي ليس لإعجابي به كفنان فائق يحمل شعلة الريحاني ويوسف وهبي وفؤاد المهندس، فأصبح العلامة المضيئة الوحيدة في المسرح المصري الآن، في زمن الركاكة والإسفاف، بل لإيماني بأنه "مخرج" فائق، والإخراجُ "إدارةٌ" وليس رؤية فنية وحسب. وكلُّ مَن عمل مع صبحي وصفه بالمخرج "الديكتاتور"، وهو الاسم الحركي المصري لوصف المدير "الملتزم الحاسم" الذي لا يمزج الجدَّ بالهزل، ولا يقبل التهريج والفوضى وقت العمل، الذي بمجرد أن ينتهي، يختفي صبحي الديكتاتور المتجهم، ويحلّ محله صبحي البشوش المرح.
ثالثًا، لأن صبحي "مثقفٌ عضوي"، بتعبير أنطونيو جرامشي، لهذا حارب الهيمنة على الثقافة كوسيلة لقمع الفقراء. فالمثقف هو كتلة الخرسانة العضوية التي تربط الناس بالبنية الفوقية. لهذا اهتم بالعشوائيات، وابتكر مشروع: "المسرح للجميع"، فجعل تذكرة مسرحه (10 جنيهات فقط)، ويسعى لبناء مسرح في كل قرية. عملاً بمقولة فلاديمير لينين: “أعطني خبزًا ومسرحًا، أعطِك شعبًا مثقفًا". فساهم في رفع وعي الجمهور بحقوقه، والارتقاء بإنسانيته عبر أعماله، وقدّم نموذج الأسرة المثالية في "عائلة ونيس” بأجزائها الثمانية. والحق أن "ونيس" النبيل زوج "مايسة"، ووالد الأربعة، هو "صبحي" العاشق لزوجته "نيفين" والأب الرائع لمريم وكريم.
رابعًا: لأنه يمتلك "رؤية" vision، لتطوير مصر والحفاظ على تراثها وهويتها ولديه برنامج متكامل لتقديم المسرح العالمي، والواقعي، والتراثي، واستعادة هوية 27 محافظة مصرية. ذلك هو المفكّر "خارج الصندوق" الذي ذكرتُه بمقالي: “نحتاج عُصبة من المجانين"، بمعنى الابتكار وكسر النمط ومخالفة قطيعٍ درج على محاكاة الأخطاء، وتكرارها.
ولكن، وللأسف، تقول القاعدة: إن الشرفاء الموهوبين، دائمًا، عازفون عن المناصب، مستغنون؛ لأنهم مشغولون بمشاريعهم التنويرية، أما الخاملون الفارغون فقراء الموهبة، فدائمًا، لاهثون متهافتون. تلك هي محنةُ كل الأزمنة. لهذا كان صبحي، كعادته، ديكتاتورًا. رفض الوزارة رغم إلحاح جمهوره العريض، ووافق، فقط، أن يكون مستشارًا ثقافيًا دون أجر، ليخدم مصر، من الكواليس. أفخرُ أنني عاصرتُ هذا الرجل، زمانًا ومكانًا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة بين عقيلة وفرحات
- حوار قديم مع فاطمة ناعوت 2006 | ناعوت: الشاعر راء لأنه لا يق ...
- الحبُّ قد أمر
- وجوه أجدادي
- هنا أجدادي الحزانَى
- المستشار النبيل، وامرأة الكفيف
- الغراب والفراشة على بوابة جهنم
- أيها النحيلُ، سلامٌ عليك!
- أول لص فى التاريخ
- مَن يخافُ فيلم-حين ميسرة- ؟
- الفرح يليق بك يا فينسنت
- زنقة الرجالة
- صانعُ الفرح، وصُنّاع الهلاك
- ليلةٌ تضيئُها النجوم - فان جوخ
- إخناتون والعياط
- رأس نفرتيتي، أسرقُها؟!
- العوار والعماء
- كنْ صوت من لا صوتَ له
- العياط وأمهات مصر
- لغة أجدادِنا


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - الديكتاتور محمد صبحي