أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت (هيكل الزهر)














المزيد.....

الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت (هيكل الزهر)


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 00:41
المحور: الادب والفن
    


النساء يعرفن الزهر والرجال قد لا يفطن بعضهم إليه

هيكل الزهر" لفاطمة ناعوت

زينب عساف
(لبنان)

فاطمة ناعوتبدهشة طفلة تمشي الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت داخل نصها، تكتشفه يداً بيد مع قارئها، معيدةً الى العالم حولها طزاجة اللحظات الأولى، من خلال طرح أكثر الأسئلة بديهية (من قبيل لماذا يكرر المؤذن الكلام نفسه كل فجر) التي هي في النهاية الأسئلة الوجودية الكبرى. في كتابها "هيكل الزهر" الصادر لدى "دار النهضة العربية"، تواصل الشاعرة والناقدة التي أصدرت حتى الآن نحو عشرة كتب بين شعر وترجمة ونقد، تجسيد رؤيتها للكتابة والعيش ببراعة الهندسة وصرامتها وفوضى الفن وتطرّفه. هيكل فاتن هو ما تدعونا ناعوت إلى زيارته، متقن ومحسوب بدقّة، متفلّت ومصاب بلوثة العبث والجنون، كأننا في هيكل كاهنات قديمات يحرقن الشموع والبخور لإلهة لسن متأكّدات من وجودها.

يعتبر البعض أن فاطمة ناعوت غير منشغلة بالأنا قدر انشغالها بهموم الآخرين وخصوصاً المهمّشين منهم. شخصياً، لا أميّز في نصّها بين الأنا والآخر، لأنها تنغمس في قصيدتها مع الآخر في هموم مشتركة من دون أن تطمس فرديتها التي هي الحجر الأساس في كل تجربة شعرية. في هذا المعنى، تشترك الشاعرة مع الآخرين في أخوّة وجودية ومصيرية ما يؤشّر الى تصالحها مع ذاتها. أو لعلها تتقمّص شخصيات كثيرة ليتاح لها معاينة نفسها وفهمها بشكل أعمق، وتالياً توسيع زاوية الرؤية لديها. على أي حال، ثمة دائماً تماسات وتقاطعات كثيرة في النص الذي بين أيدينا. ثمة خلفية ثقافية منوّعة وواضحة، تمرّر رموزها بين سطر وآخر، فتحضر فيرجينيا وولف ويحضر كفافيس، وتتخفّى شهرزاد خلف لياليها الألف، وفيفالدي داخل كهفه. ثمة أيضاً أدب رحلات نلتقط ملامحه في خلفية القصيدة التي تتجوّل بين القاهرة والمغرب واليمن، وتحمل شبهة دمشقية بين حين وآخر.

ناطورة الوقت

في بحثنا عن الأنثى في نصّ ناعوت، نعثر عليها بوجوهها المتعددة، فهي الموضوع تارةً والفاعل طوراً، الثائرة أو الطيّعة، الطفلة أوالمرأة، لكنها في كل الأحوال ناطورة الوقت والشاهدة على أن الماضي يلتهم كل شيء، لا سيما في صورة شهرزاد أو صورة الأم التي يحوّم ظلّها فوق القصائد وتخصص لها الشاعرة القصيدة الأولى من الديوان المهدى إليها. الأم في شعر ناعوت، هي نقطة البداية والنهاية، فالحياة توهب من خلالها وتُسترجَع من خلالها أيضاً: "تقف على عتبة الدار/ عكّاز في يدها/ تنتظر التابوت الذي أنا فيه". لذا، تخالف الشاعرة ناموساً طبيعياً يفترض وفاة الوالدين قبل ابنائهم، مستعجلة رحيلها الشخصي، وتاركة لأمها أن تتعرّف إليها وتعاين مرورها القصير ووجودها العابر: "هي ابنتي/ أعرفها من ثقب في الرئة".

إلا أن الشاعرة لا تتبنّى وجهة نظر "نسوية" في قصيدتها، بل ترسم للنساء، ومن بينهن هي، بورتريهات إنسانية متنوّعة ضمن محيطهن وبيئتهن، فلا تنتصر لهن ولا تتبنّى وجهة النظر الذكورية. بكلمات أخرى، يمكن القول إن فاطمة ناعوت أنثوية بالمعنى الواسع للأنوثة، بما هي انتصار للجمال ونظرة أكثر تسامحاً إلى العالم وبحث حثيث عن الكمال، لا بالمعنى الضيّق الذي تحتجز بعضهن قضية المرأة داخله. هذا ما نلمسه في مقاطع مثل: "لا بدّ أن تجرّب المرأة عادة أخرى/ غير التحديق في الماء".
رغم هذه الرؤية الشاملة، تستخدم الشاعرة غالباً صيغة التأنيث لدى توجيه خطابها، لا سيما في قصيدة "ألف لام ميم" حيث تقول: "أن تغلّفي حيطان بيتك بالفلّين/ كي تهربي من صوت موتاك ينادون عليكِ،/ فذاك يعني/ أنكِ/ زائدة عن الحاجة". كما أنها تفيد من كونها امرأة لتعاين الاختلافات بين الجنسين: "النساء يعرفن الزهر،/ والرجال/ لا يفطنون إليه/ إلا بعد أن يذوب بين أصابعهم"، ولغرس بعض الدبابيس ولفت النظر إلى الظلم التاريخي الذي تتعرّض له النساء، لا سيما في قصيدة "العفريت" التي تتميّز بحركتها المسرحية الجميلة والبارعة في تجسيد العلاقة بين رجل (تقليدي في الواقع وليس عفريتاً) وامرأته، حيث تقول: "تك تك،/ يصفّق،/ فتنبسط له أرضاً/ تنبت القمح والشعير والنارنج" أو "تسوّك أسنانه من بقايا الفطور والنساء". وتواصل الشاعرة توجيه صفعاتها في قصائد أخرى، متحدّثة عن نساء تدرّبن على ابتلاع الزرنيخ ومصاحبة كافكا، وأخريات ينسجن عباءات مما يضعنه كي لا تراهن المرآة عاريات، منتقدة تفكير بعض الذكور الكارهين للسان المرأة: "ظلّ على صمته/ بينما عقله يحاول رسم امرأة بلا رأس/ كي يضاجعها في هدوء".

أطرق الباب على الله

تجرّنا قصائد فاطمة ناعوت إلى اختبارات جديدة، إلى الإحساس بعقدة ذنب لجريمة لم ننتبه إلى كوننا نشارك في اقترافها والاستمرار فيها. نحن مذنبون مثلاً في قتل الأسماك والإوزّ وحرث التراب. لسنا "أرقى من الصيادين الأجلاف/ الذين لا يعبأون بجثامين الأسماك/ حين يلقى بها في القفّة"، ولا أكثر عنفواناً من تلك الإوزّة التي تساق إلى الذبح، ف"لما جزّ عنقها الأبيض/ نظرت إليه/ ولم تسقط/ قطرة دم واحدة". لكن سلوك الإنسان مرتبط أولاً بعلاقته مع الله الذي تراه الشاعرة قريباً ومتمتّعاً بصفات إنسانية: "فاطرق الباب على الله/ في الغرفة المجاورة،/ وخبّره أننا جياع". في معنى آخر، تعيد ناعوت تشكيل علاقتها مع الألوهة وفق مفاهيم خاصة، تطبّق تجاربها الروحية وتعبث كما يحلو لها. تقول مثلاً: "الفلاحون يضربون فؤوسهم/ في الطمي/ كي يختبروا قوة إبصار الله". كما تضع الشاعر في مركز الخلق مراراً، لا سيما في قصيدة "حين أغدو إلهة"، التي تعيد فيها ترتيب العالم وفق دينٍ شعري أكثر عدالة وجموحاً.
تحرص فاطمة ناعوت على إخفاء أحلامها تحت الأرصفة العتيقة، وتعود الى الإطمئنان عليها بين حين وآخر. هي أحلام البراءة والطفولة التي لا تريد أن تنقضي لأنها الجزيرة الأخيرة حيث يقطن الشعر. الشعر الذي تفهمه ناعوت كمقارعة للقدر لا بد أن يستمرّ حتى بعد رحيل الشعراء: "في ميتتي القادمة،/ سأجعلهم يحرقون جسدي،/ ويستبقون أظافري". هكذا يستمرّ الكلام بلا "خوف من رحيل الأحبّة، لأنهم رحلوا بالفعل"!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجدى الحكيم أيام زمان
- 13 مارس 1950
- أغلى سيارة في العالم
- أمي، و-أحمد رشدي-
- هنا كردستان
- القتل على العقيدة
- تُرى كيف يقرأ هؤلاء؟!
- متى يطمئن مرسي؟
- صولجان -نادر عباسي- المستبد
- الديكتاتور محمد صبحي
- المرأة بين عقيلة وفرحات
- حوار قديم مع فاطمة ناعوت 2006 | ناعوت: الشاعر راء لأنه لا يق ...
- الحبُّ قد أمر
- وجوه أجدادي
- هنا أجدادي الحزانَى
- المستشار النبيل، وامرأة الكفيف
- الغراب والفراشة على بوابة جهنم
- أيها النحيلُ، سلامٌ عليك!
- أول لص فى التاريخ
- مَن يخافُ فيلم-حين ميسرة- ؟


المزيد.....




- تحت الركام
- ألعاب -الفسيفسائي- السردية.. رواية بوليسية في روايات عدة
- لبنان.. مبادرة تحول سينما -كوليزيه- التاريخية إلى مسرح وطني ...
- MAJID TV “تثبيت تردد قناة ماجد 2024” .. نزلها في خطوة واحدة ...
- الروائية ليلى سليماني: الرواية كذبة تحكي الحقيقة
- -الرجل الذي حبل-كتاب جديد للباحث والأنتروبولوجي التونسي محمد ...
- شارك في -صمت الحملان- و-أبولو 13?.. وفاة المخرج والمنتج الأم ...
- تحميل ومشاهدة فيلم السرب 2024 لـ أحمد السقا كامل على موقع اي ...
- حصريا حـ 33 .. مسلسل المتوحش الحلقة 33 Yabani مترجمة للعربية ...
- شاهد حـ 69 كامله مترجمة .. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 69 بجود ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت (هيكل الزهر)