|
ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4437 - 2014 / 4 / 28 - 08:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليتَ للبرّاقِ عينًـا فترى ... ما ألاقي من بـلاءٍ وعنـا يا كُليبًا وعُقيلًا إخوتـي … يا جُنيدًا أسعدوني بالبُكا عُذَّبت أختُكم يا ويلكم … بعذابِ النُّكر صُبحًا ومسا غللوني قيدوني ضربـوا … ملمسَ العِفَّة مني بالعصا يكذب الأعجم ما يقربني … ومعي بعضُ حشاشات الحيا فاصطبارٌ أو عزاءٌ حـسـنٌ ... كلُّ نصرٍ بعد ضُرٍّ يُرتجى يا بني تغلب سيروا وانصروا … وذروا الغفلة عنكم والذرى واحذروا العارَ على أعقابكم … وعليكم ما بقيتم في الورى
كلُّنا يذكر هذه الأبيات الموجعة التي استصرخت بها الشاعرةُ العربية "ليلى بنت لكيز” خطيبَها “البَرّاق بن روحان” وأشقاءها، لكي ينقذوها من الأسر قبل أن يغتصبها أمير العجم الذي خطفها قسرًا وحملها إلى بلاده فارس. فتمنّت أن تكون لخطيبها عينٌ ترى الويل الذي تقاسيه في محبسها، والدنس الذي يتهدّد عفّتها لو لم يدركها. وبالفعل خفّ خطيبُها الفارسُ لنجدتها، وأنقذ شرفها من الأمير الذي أغراها بالمال والجواهر وهددها بالحديد والنار لتذعن له وتمنحه جسدها، لكنها فضّلت الموت عن هدر عفّتها. تذكّرت القصيدة الجميلة من بحر الرَّمَل، وتمنيتُ مع ليلى العفيفة أن تكون للبراق عينٌ ترى "الشيخَ" "الرجل" ( بين مزدوجين) الذي أفتى أن يترك الزوجُ زوجتَه للذئاب يغتصبونها ما شاءوا، إن خاف على نفسه من قتل إن هو قاومهم! أما الشيخ فهو د. ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر. ويعمل، بكل أسف، طبيب أطفال(!!!) وعلى ذكر الأطفال، نودّ أن نذكّر القارئ بأنه عضو لجنة الدستور المصري الذي حاول حذف المادة التي تحدد السن الأدنى الذي تتزوج فيه الفتاة بستة عشر عامًا ليبيح زواج الطفلة في أي عمر، مادامت تُطيق المعاشرة الجنسية! وسأله المذيع: "حتى ولو كانت في الثالثة من عمرها؟" فقال: "مادامت تُطيق المعاشرة!" ولا ندري كيف نتيقن إن كانت تُطيق أم لا، أم تُراه يودّ تجربة الطفلة جنسيًّا قبل الزواج؟! وهو ذاته الذي أفتى بجواز كذب الزوجة على زوجها لتخرج من خلف ظهره وتصوّت بـ"نعم" للدستور الإخواني 2012. وهو ذاته الذي حاول تمرير المادة 219 الشهيرة بالمادة "اللغم" التي كانت ستحوّل مصر إلى طالبان جديدة. ووقتها ضحك ملء فيه قائلا لرفاقه في (فيديو مُسرّب): "ضحكنا على الأزهر والكنيسة ولم ينتبهوا للمادة عشان مش فاهمينها!" وهو ذاته الذي أعلن في الشاشات أنه يبغضُ المسيحيين، وعلى كل مسلم أن يبغضهم وإلا أثِمَ. ثم أفتى بتحريم تهنئتهم في عيد أو مواساتهم في موت لأنهم كفّار، ومن فعل هذا كافر يشجع الكفر. ومع هذا، ركض "سرًّا" بالأمس إلى المقر البابوي بالكاتدرائية ليواسي البابا تواضروس الثاني، رأس الكنيسة الأرثوذوكسية في مصر في وفاة والدته! ولما انفضح أمرُه قال متبجحًا: “تجوز مواساة المسيحيين في موتاهم لكي نُظهر سماحة الإسلام.” ولسنا نعرف لماذا لا تظهر هذه السماحة إلا قُبيل انتخابات مجلس الشعب! الإجابة: إنه يتعشّم حصد أصوات المسيحيين بتلك التعزية الخارجة من وراء القلب. وهو ذاته الذي أفتى بالأمس بأن الزوج لو شاهد زوجته عارية في حضن رجل عار، فلا شيء عليهما، مادام لم ير الفرْجَ في الفرج! وهو الذي نهى عن أن يحب الزوجُ المسلم زوجتَه المسيحية. فلما سأله أحد تابعيه: "وكيف يعاشرها وهو يبغضها؟" أجابه: "وهل يحب المغتصبُ المغتصَبةَ؟! يتزوج المسلمُ المرأةَ الكتابية ليستمتع بجمالها ومالها وحسبها ونسبها، لغياب الخصلة الرابعة وهي "الدين"، حسب الحديث الشريف: “تُنكحُ المرأة على أربع...” وهكذا يرى صاحبنا أن الزواج اغتصابٌ. فعقله المتواضع حجّم وقزّم تلك العلاقة الرفيعة والميثاق الغليظ في مجرد مضاجعة على شكل اغتصاب! هو باختصار "الذكر" المشغول دائمًا بأعضائه وأعضاء المرأة. الحائرُ بين اشتهائها واحتقارها. هو "الشيخ" الذي لا يدخر جهدًا لتشويه الإسلام بدسّ السموم وتفصيل الفتاوى المهينة لكل مسلم. هو "الطائفيُّ" الناذر نفسَه لإشعال الفتن بين المسلمين والمسيحيين في مصر. لماذا أهتم بكشف ترهات هذا الرجل؟ لأنه الخطرُ الداهم القادم، لو، لا سمح الله، حصل على كرسي في البرلمان الوشيك. لكن المصريين الرائعين قاموا بالواجب الكوميدي معه. فعقب الفتوى، امتلأت الشاشاتُ بالنكات الساخرات التي تبيّن كيف يحوّل المصريون كوارثهم البغيضة إلى قفشات مرحة يسهل ابتلاعها، ووراءها كوب ماء ساقع.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دستور برهامي
-
برهامي هادم الدساتير
-
كوني صماء وترشحي يا نصف الدنيا
-
حُلم المصالحة الطوباوي
-
رسالة إلى أرباب الفتن: مصر في الكاتدرائية
-
رجلان يعرفان الله
-
لقائي الأخير بالعصفور سلطان
-
طريق الفرح
-
هدفٌ في مرمى الحضارة
-
الرئيس وأسئلة ديكارت
-
عروسة لطفلة السماء
-
لن أعزّيك يا صديقي ..
-
شهيدتا الحق والحب
-
النبلاء ينقذون رعايانا في ليبيا
-
الصورة الحقيقية لمصر
-
صانع العرائس قاتل ماري
-
اسمك إيه يا أم محمد؟
-
الباليه... فوق كفّ مصر
-
ابحثوا عن قاتل -ماري- الحقيقي.
-
معندناش كتب خيالية
المزيد.....
-
3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا
-
آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط قيود
...
-
جولي دهقاني في بلا قيود: لدينا أفراد في الكنيسة لا يقبلون سل
...
-
40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
-
الإفراج عن خطيب المسجد الأقصى وقاضي قضاة مدينة القدس بعد أن
...
-
رئيس تحرير جيروزالم بوست ليهود نيويورك: هذا دليلكم للإطاحة ب
...
-
رئيس تحرير جيروزالم بوست: هكذا يمكن ليهود نيويورك إسقاط ممدا
...
-
أوليفييه روا: الغرب لا يرى الإسلام مشكلة ثقافية بل كتهديد وج
...
-
البيت الأبيض: واشنطن قد تدعم تصنيف جماعة الإخوان -إرهابية-
-
المحامي العام يكشف تفاصيل تتعلق بوفاة شاب في الجامع الأموي
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|