أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - كيف نقيس أعمارنا؟














المزيد.....

كيف نقيس أعمارنا؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4444 - 2014 / 5 / 5 - 12:33
المحور: الادب والفن
    


ابتسمتْ سكرتيرتي في محاولة لامتصاص غضبي، وقالت وهي تغلق الباب: "بيني وبينك بالظبط قارئة الفنجان.” فرددتُ عليها بغضب: “عشان ماشية بتدلّعي. لو سرّعت شوية كان يبقى بينا "صدفة" أو "مشغول!”. حد يمشي على 60؟!"
هي أرادت أن تقول إن المسافة بين بيتها في حلون، وبين مكتبي في الرحاب تستغرق زمن سماعها أغنية: "قارئة الفنجان" في سي دي السيارة. واستنكرتُ أنا أنها تسير على 60كم/ساعة. الحكاية أنها تأخرت على العمل فودّت أن تذيب غضبي بقفشة. لكن للحق، أعجبتني كثيرا التقاطتها تلك.
هل أجمل من أن نقيس المسافاتِ والأزمنة والأعمار بالفن؟ فأقولُ مثلا: "امبارح لفيت التراك في: 3 سيمفونيات لبيتهوفن و5 سوناتات لشتراوس وتشايكوفسكي مع جفنه علم الغزل، ويا زهرة في خيالي.” أو عمري البيولوجي 33 سنة، لكن عمري الفعلي 18 عامًا، لأنه عدد السنوات المجمعة التي قضيتها أستمع إلى الموسيقى وأحضر الأوبرات والمسرحيات وأزور المعارض التشكيلية والنحتية. هنا يجب أن يعيد آينشتين حسابات نظرية النسبية، فيُدخل مدد القطع الموسيقية التي سمعناها بدلا من إدخال الزمان في المكان.
بهذا المنطق، يصبح عُمر فنان جميل مثل "مدحت صالح" ألفَ عام. لأن عمر الفنان لن يُقاس، مثلنا، بعدد ما "استقبلنا" و"استهلكنا" من أغان وقطع موسيقية، وحسب، بل سيضاف إليه كمُّ ما "أنتج" من أغنيات خالدة. ربما لمثل هذا المنطق قال صلاح جاهين: “أنا شابّ لكن عمري ألف عام/ وحيد لكن بين ضلوعي زحام". هو الزحام الذي يسكن المبدع فيخرجُ شدوًا. كل فنان حقيقي، يحمل في قلبه مجرّة حاشدة يسكنها ملياراتٌ البشر والطيور والكواكب والنجوم والأنهار والمحيطات.
هذا النحيلُ الواقف على خشبة المسرح الآن، على صوته الاستثنائي عشنا حبَّنا الأول في صبانا. ومعه جرّبنا حلمنا الأول: "بشراع يعديني/ بشموع تدفيني". ومعه تعلّمنا التمرد على هذا الكوكب المتوحش عدو السلام والحب: “رافضك يا زماني/ يا أواني/يا مكاني/ أنا عايز أعيش في كوكب تاني.” مع أغنياته تشكّل صبانا وشبابنا وحاضرنا. على أنه أيضًا أعاد لنا تراثنا القديم في صيغة فاتنة. انتقى الجوهر المشعّ من: "أنت عمري، فكروني، أمل حياتي" وضفرها في جديلة ساحرة، وفعل الشيء نفسه مع: "رسالة من تحت الماء، قارئة الفنجان، يا مالكا قلبي". ها هو تراثنا ينبعث أجملَ وأرهفَ من حنجرته. فليس أجمل منه غنّى "تلات سلامات" قنديل، وليس أبدع منه شدا: "كلمني طمني" محمد فوزي، دون موسيقى على الإطلاق، إلا آهات كورال فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية، التي صنعت خلفية موسيقية ساحرة كأنها الملائكة تُطوّب الأرضَ وتردد صدى شدو هذا الفتى الجميل الذي منحته السماءُ حنجرة لا مثيل لها.
في عيد الربيع، الأحد الماضي 20 أبريل، جلس الملك "عمرو سليم" إلى البيانو، ووقف الملك "مدحت صالح" جوار المايسترو صلاح غباشي، ينثران الورود على خشبة المسرح الكبير بدولة الأوبرا كما أسميها.
أما أوركسترا الأضواء الملونة التي كانت تسقط في تناغم راقص مع نغمات الموسيقى فكانت بقيادة مهندس الإضاءة ياسر شعلان.
شكرًا للجميلة إيناس عبد الدايم، ساحرة الفلوت، ورئيس دار الأوبرا المصرية، التي تعرف مدى ظمأنا للجمال، فتروى كلَّ يوم على خشبات مسارح الأوبرا زهورَ الفن العربي والعالمي والباليه والكونشرتات والجالا ميوزيك والأوبرات وغيرها.
وشكرًا ألف شكر، أيها الفن.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرًا لكم أيها الزائفون
- المرأةُ العفريت
- مدحت صالح ربيعُ الأوبرا
- عيد ميلاد زهرة تمرد
- المسيحيون سرقوا مصر
- ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي
- دستور برهامي
- برهامي هادم الدساتير
- كوني صماء وترشحي يا نصف الدنيا
- حُلم المصالحة الطوباوي
- رسالة إلى أرباب الفتن: مصر في الكاتدرائية
- رجلان يعرفان الله
- لقائي الأخير بالعصفور سلطان
- طريق الفرح
- هدفٌ في مرمى الحضارة
- الرئيس وأسئلة ديكارت
- عروسة لطفلة السماء
- لن أعزّيك يا صديقي ..
- شهيدتا الحق والحب
- النبلاء ينقذون رعايانا في ليبيا


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - كيف نقيس أعمارنا؟