أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مدحت صالح ربيعُ الأوبرا














المزيد.....

مدحت صالح ربيعُ الأوبرا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4441 - 2014 / 5 / 2 - 12:00
المحور: الادب والفن
    


"أرفعُ الغيماتِ فوق رؤوسِ المُتْعبين/ وتحتَ أقدامِ القُساة/ أنثرُ الموسيقى/ والحِنّاءَ/ علَّ نبتةً خضراءَ رهيفةً/ تورقُ في القلبِ الجامدْ./ إنْ مرَرْتُ فوق جَنَّةٍ/ قطفتُ وردةً/ ليشبكَها شاعرٌ/ في جديلةِ حبيبتِه/ وإن مرَّ بي قبرٌ/ ألقيتُ زهرةً/ لتدُّلَّ امرأةً حزينةً/ على ضريح حبيبِها.”

***

ابتسمتْ سكرتيرتي في محاولة لامتصاص غضبي، وقالت وهي تغلق الباب: "بيني وبينك بالظبط قارئة الفنجان.” فرددتُ عليها بغضب: “عشان ماشية بتدلّعي. لو سرّعت شوية كان يبقى بينا "صدفة" أو "مشغول!”. حد يمشي على 60؟!"
هي أرادت أن تقول إن المسافة بين بيتها في حلون، وبين مكتبي في الرحاب تستغرق زمن سماعها أغنية: "قارئة الفنجان" في سي دي السيارة. واستنكرتُ أنا أنها تسير على 60كم/ساعة. الحكاية أنها تأخرت على العمل فودّت أن تذيب غضبي بقفشة. لكن للحق، أعجبتني كثيرا التقاطتها تلك.
هل أجمل من أن نقيس المسافاتِ والأزمنة والأعمار بالفن؟ فأقولُ مثلا: "امبارح لفيت التراك في: 3 سيمفونيات لبيتهوفن و5 سوناتات لشتراوس وتشايكوفسكي مع جفنه علم الغزل، ويا زهرة في خيالي.” أو عمري البيولوجي 33 سنة، لكن عمري الفعلي 18 عامًا، لأنه عدد السنوات المجمعة التي قضيتها أستمع إلى الموسيقى وأحضر الأوبرات والمسرحيات وأزور المعارض التشكيلية والنحتية. هنا يجب أن يعيد آينشتين حسابات نظرية النسبية، فيُدخل مدد القطع الموسيقية التي سمعناها بدلا من إدخال الزمان في المكان.
بهذا المنطق، يصبح عُمر فنان جميل مثل "مدحت صالح" ألفَ عام. لأن عمر الفنان لن يُقاس، مثلنا، بعدد ما "استقبلنا" و"استهلكنا" من أغان وقطع موسيقية، وحسب، بل سيضاف إليه كمُّ ما "أنتج" من أغنيات خالدة. ربما لمثل هذا المنطق قال صلاح جاهين: “أنا شابّ لكن عمري ألف عام/ وحيد لكن بين ضلوعي زحام". هو الزحام الذي يسكن المبدع فيخرجُ شدوًا. كل فنان حقيقي، يحمل في قلبه مجرّة حاشدة يسكنها ملياراتٌ البشر والطيور والكواكب والنجوم والأنهار والمحيطات.
هذا النحيلُ الواقف على خشبة المسرح الآن، على صوته الاستثنائي عشنا حبَّنا الأول في صبانا. ومعه جرّبنا حلمنا الأول: "بشراع يعديني/ بشموع تدفيني". ومعه تعلّمنا التمرد على هذا الكوكب المتوحش عدو السلام والحب: “رافضك يا زماني/ يا أواني/يا مكاني/ أنا عايز أعيش في كوكب تاني.” مع أغنياته تشكّل صبانا وشبابنا وحاضرنا. على أنه أيضًا أعاد لنا تراثنا القديم في صيغة فاتنة. انتقى الجوهر المشعّ من: "أنت عمري، فكروني، أمل حياتي" وضفرها في جديلة ساحرة، وفعل الشيء نفسه مع: "رسالة من تحت الماء، قارئة الفنجان، يا مالكا قلبي". ها هو تراثنا ينبعث أجملَ وأرهفَ من حنجرته. فليس أجمل منه غنّى "تلات سلامات" قنديل، وليس أبدع منه شدا: "كلمني طمني" محمد فوزي، دون موسيقى على الإطلاق، إلا آهات كورال فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية، التي صنعت خلفية موسيقية ساحرة كأنها الملائكة تُطوّب الأرضَ وتردد صدى شدو هذا الفتى الجميل الذي منحته السماءُ حنجرة لا مثيل لها.
في عيد الربيع، الأحد الماضي 20 أبريل، جلس الملك "عمرو سليم" إلى البيانو، ووقف الملك "مدحت صالح" جوار المايسترو صلاح غباشي، ينثران الورود على خشبة المسرح الكبير بدولة الأوبرا كما أسميها.
أما أوركسترا الأضواء الملونة التي كانت تسقط في تناغم راقص مع نغمات الموسيقى فكانت بقيادة مهندس الإضاءة ياسر شعلان.
شكرًا للجميلة إيناس عبد الدايم، ساحرة الفلوت، ورئيس دار الأوبرا المصرية، التي تعرف مدى ظمأنا للجمال، فتروى كلَّ يوم على خشبات مسارح الأوبرا زهورَ الفن العربي والعالمي والباليه والكونشرتات والجالا ميوزيك والأوبرات وغيرها.
وشكرًا ألف شكر، أيها الفن.


***
* من قصيدة "جِنيّة الشجر" | فاطمة ناعوت



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد زهرة تمرد
- المسيحيون سرقوا مصر
- ليت للبرّاق عينا فترى ياسر برهامي
- دستور برهامي
- برهامي هادم الدساتير
- كوني صماء وترشحي يا نصف الدنيا
- حُلم المصالحة الطوباوي
- رسالة إلى أرباب الفتن: مصر في الكاتدرائية
- رجلان يعرفان الله
- لقائي الأخير بالعصفور سلطان
- طريق الفرح
- هدفٌ في مرمى الحضارة
- الرئيس وأسئلة ديكارت
- عروسة لطفلة السماء
- لن أعزّيك يا صديقي ..
- شهيدتا الحق والحب
- النبلاء ينقذون رعايانا في ليبيا
- الصورة الحقيقية لمصر
- صانع العرائس قاتل ماري
- اسمك إيه يا أم محمد؟


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مدحت صالح ربيعُ الأوبرا