أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - فاطمة ناعوت - شهيدتا الحق والحب














المزيد.....

شهيدتا الحق والحب


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4417 - 2014 / 4 / 7 - 22:04
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


فتاتان غضّتان في عمر زهرة على وشك التفتح للحياة مع الربيع الذي بدأ قبل أيام. إحداهما تحمل كاميرا صغيرة وتجوب ميادين مصر تبحث عن الحقيقة وتسجّل التاريخ. والأخرى تحمل بعض الدواء لعجوز قعيدة لا عائل لها، إلا ما فتح اللهُ لها من أبواب الخير الُمشرعة من السماء. لا تحمل كلتاهما رصاصة تُصوّب نحو صدر أحد، ولا خنجرًا يمتدّ إلى ظهر إنسان في غفلة منه ليخترق القلب. كلتاهما بعدُ لم تلوّثهما المطامعُ والشهوات والتهافت على المغانم الرخيصة. كلتاهما لا تحملان بغضًا لأي أحد. كلتاهما تحمل وفقط، قلبًا يحبُّ الَله ويحب الناسَ ويحبّ الوطن. اختارت كلٌّ منهما طريقها وأسلوبَها لتؤدي رسالتها نحو الله ونحو الناس ونحو الوطن.
الأولى اختارت طريق المتاعب الوعر: الصحافة. مهنة البحث عن الحقيقة. لكي يُدوّن التاريخُ ما حدث بالفعل وليس ما يُقال إنه حدث. الحقيقة كما رآها الُله، بعيدًا عن تزييف الساسة وتدليس الكتب المدرسية. فحملت ورقة وقلمًا وكاميرا صغيرة، ومضت في دربها، تنسجُ أحلامها.
الثانية اختارت طريق المتاعب الوعر: الحب. البحث عن الفقراء واليتامى والمرضى الذين لا يجدون من يمنحهم الحبَّ الذي أمرنا به الله، فأحببنا أنفسنا ونسينا أن نحب بعضنا البعض. راحت تعمل ليل نهار وتقتسم قروشها القليلة مع المُعوزين، فتجلب الطعام للجائع. والمال للفقير. واللعبة لليتيم. والدواء للمريض. ومضت في دربِها، تنسجُ أحلامَها.
حلُمتِ الأولى بعالم لا يعرف الكذب ولا التضليل ولا الإفك. فلا شيء سوى الحقيقة. وحلمت الثانيةُ بعالم لا يعرف الأنانية ولا الإثرة ولا الطمع. فلا شيء سوى الحب والإيثار.
وكان يوم الجمعة الماضي 28 مارس 2014. استيقظت الصبيتان باكرًا، ومضت كلٌّ إلى دربها الذي لا تعرف سواه، وحلمها الذي لا تقبلُ إلاه. حملت الأولى كاميراها ونزلت إلى الشارع. وحملت الثانية كيسًا به بعض الدواء وحفنة مال ونزلت إلى الشارع.
لكن قلوبًا غلاظًا كانت تنتظر على قارعة الطريق. الذئابُ تترقّب الحملانَ عند المنعطف المعتم. صوّب القتلةُ الأوغاد رصاصاتٍ عمياءَ إلى صدر الصبية الأولى، فسقطت من فورها وصعدت روحها فرحةً إلى السماء على سرير المشفى الذي أخفق في مد عمرها القصير. وهشّم الرعاعُ الحوشة سيارة الثانية وجذبوا الصبية إلى أسفلت الطريق يسحلون جسدها ويمزقون ملابسها ويقطعون شعرها ويطعنون صدرها الغضَّ بالخناجر، فصعدت روحها الطيبةُ إلى ملكوت الله باسمٌ ثغرها.
سقطت من الأولى كاميرا تهشّمت عدستُها بعدما شهدت على القتلة ودوّنت ملامحَ وجوههم الشوهاء في ذاكرتها التي لا تخطئ. وسقطت من الثانية علبةٌ فانتثرت حبّاتُ الدواء على الأرض بعدما سجّلت في دفترها أنها لن تذهب إلى العجوز المريضة لأن فحول الإرهاب أرادوا لملاك كان يحملها، أن يموت.
الصبية الأولى، ميادة أشرف، والصبية الثانية، ماري سامح، لا تعرف إحداهما الأخرى. الأولى صحفية شابةٌ كان ينتظرها مستقبل باهر، والثانية مكافحةٌ جميلةٌ تعول أسرتها وترعى فقراءَ لا تعرفهم. لم يلتقيا في الأرض. الآن تعرفُ إحداهما الأخرى، فقد طارتا معًا لفردوس السماء في لحظة واحدة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبلاء ينقذون رعايانا في ليبيا
- الصورة الحقيقية لمصر
- صانع العرائس قاتل ماري
- اسمك إيه يا أم محمد؟
- الباليه... فوق كفّ مصر
- ابحثوا عن قاتل -ماري- الحقيقي.
- معندناش كتب خيالية
- مليون إنسان في بيتي
- رسالة إلى حابي
- الشاعرة اللبنانية زينب عساف تكتب عن ديوان الشاعرة المصرية فا ...
- وجدى الحكيم أيام زمان
- 13 مارس 1950
- أغلى سيارة في العالم
- أمي، و-أحمد رشدي-
- هنا كردستان
- القتل على العقيدة
- تُرى كيف يقرأ هؤلاء؟!
- متى يطمئن مرسي؟
- صولجان -نادر عباسي- المستبد
- الديكتاتور محمد صبحي


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: 9300 معتقل في سجون الاحتلال بينهم 250 ...
- نادي الأسير: إسرائيل تعتقل أكثر من 9300 فلسطيني بينهم 75 امر ...
- دراسة تحسم الجدل.. من يتناول اللحوم أكثر الرجال أم النساء؟
- مقطع فيديو لحاجات مصريات يعبرن عن فرحتهن بعد وصولهن إلى مشعر ...
- -بالزغاريد-.. حاجات مصريات يثرن تفاعلا بفيديو من صعيد عرفات ...
- لماذا أثارت قضية الإجهاض -صداما- بين ماكرون ورئيسة وزراء إيط ...
- هل اقترب العلماء من حل لغز العمر المديد للنساء مقارنة بالرجا ...
- المحكمة العليا الأميركية ترفض تقييد الحصول على حبوب الإجهاض ...
- زرع كبد لرجل عمره 98 عاما في امرأة تبلغ 72 عاما
- منظمات دولية توثّق إجرام الصهاينة في غزة ورفح


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - فاطمة ناعوت - شهيدتا الحق والحب