|
صراع النفط بين بغداد وأربيل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4293 - 2013 / 12 / 2 - 22:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الصراع " العميق " بين الحكومة الإتحادية في بغداد ، وحكومة أقليم كردستان ، ليسَ على عائدية كركوك والمناطق المتنازع عليها ، ولا على نسبة حصة الأقليم من الميزانية ولا حتى على آلية التعامُل مع البيشمركة .. إذ ان هذه النقاط الخلافية " سهلة " الحَل الى حدٍ ما .. الصراع الحقيقي والجدي ، هو على [ النفط ] .. فلو كان نفط كركوك بالغ الأهمية في " السابق " ، في مُجمَل العلاقة بين بغداد والأقليم .. فاليوم ، يتصدر نفط وغاز دهوك والسليمانية وأربيل وسهل نينوى ، المشهد . لأن التقديرات الدولية المُعلَنة ، تتوقع وجود أكثر من خمسة وأربعين مليار برميل من النفط الخام ، وكميات ضخمة من الغاز تتراوح بين 4-6 تريليون متر مكعب ، في باطن أراضي الأقليم .. ولو صّحَتْ هذه التقديرات ، فأن ذلك يُحّتِم ، دخول أقليم كردستان العراق ، في حسابات ، خارطة الطاقة العالمية ، من الأبواب الواسعة . ومن ناحيةٍ أخرى ، فأن ملف النفط والغاز ، ينقل الخلاف الموجود أصلاً ، بين اربيل وبغداد ، الى مُستويات أعلى وأخطر . ادناه بعض المُلاحظات : * بِغَض النظر ، عن مَنْ المسؤول عن صياغة الدستور العراقي في 2004/2005 ، وبالذات تلك الفقرات المتعلقة بالموارد الطبيعية وبالذات النفط والغاز ، وعن النهايات السائبة ، فيما يخص العلاقة بين بغداد وأقليم كردستان وصلاحياتهما . فأن فشل النظام الجديد والحكومات المتعاقبة منذ 2005 ولغاية اليوم ، فشلها في تشريع ( قانون النفط والغاز ) ، هو السبب الرئيسي فيما آلتْ إليهِ الأمور ، وتعقُد المشاكل وتراكمها في ملف النفط والغاز . والمسؤولية في ذلك ، تتحملها جميع الكُتل السياسية ، بحسب أحجامها في مجلس النواب ، وبحسب نفوذها في السلطة التنفيذية . * إخفاق الأطراف الرئيسية في العملية السياسية ، في الإتفاق على تشكيل محكمة إتحادية ، مُستقلة وتحظى بإعتراف وإحترام الجميع ، وبالتالي تكون [ قراراتها مُلزمة وواجبة التنفيذ ] . إذ ان المحكمة الحالية ، خاضعة شأنها شأن جميع مرافق الدولة القضائية الاخرى ، الى المُحاصصة سيئة الصيت . ونتج عن ذلك ، أن الطرف الذي لايعجبه قرار المحكمة الإتحادية ، مثلاً .. يُسارع في إتهامها بالتحيُز ويتملص من الإلتزام بتنفيذ القرار ! . * لاتستطيع الحكومة الإتحادية في بغداد ، إنكار موافقتها ، على ان يقوم الأقليم بتطوير قطاع النفط والغاز " في الحقول الجديدة " ، بجميع مفرداته من تنقيب وتصنيع وتسويق [ في حالة تأخُر سَن قانون النفط والغاز بعد 2007 ] . والفقرة الخاصة بذلك ، غير واضحة بشكلٍ كافٍ وتحتمل تفسيرات مختلفة ، بحيث انه كما يبدو ، فأنه حتى المحكمة الإتحادية ، لم تصدر قراراً باتاً في هذا الموضوع لحد الآن ( رغم الشكاوي السابقة العديدة التي قدمها الشهرستاني ضد الأقليم ). وبالطبع فأن حكومة الأقليم ، إستفادتْ من ذلك ، بصدد المشاريع التي إنخرطتْ فيها منذ سنوات ، وآخرها وأهمها ، مَد أنبوب خاص من الأقليم الى تركيا . * في الآونة الاخيرة ، إرتفعتْ وتيرة التوتر بين بغداد وأربيل ، بسبب عزم حكومة الاقليم ، على توقيع عقود لتصدير النفط من الأقليم مباشرة الى تركيا ، من خلال الأنبوب الذي إنتهى العمل به مُؤخراً . * زيارة وزير الطاقة التركي الى بغداد أمس الأحد 1/12وإجتماعه مع المالكي والشهرستاني ، ومن ثم حضوره الإثنين 2/12 ، الكونفرنس الثالث للطاقة المنعقد في أربيل .. لم يحسم موضوع تصدير النفط من أقليم كردستان الى تركيا . بل جرى الإتفاق على ان تجتمع قريباً ، لجانٌ ثلاثة من الحكومة الإتحادية وحكومة الأقليم والحكومة التركية ، بغية التوصُل الى صيغة تُرضي جميع الأطراف . علماً ان رئيس وزراء حكومة الأقليم نيجيرفان البارزاني ، قال ، انهم ماضون في التحضير لتصدير النفط ، وبحدود 300 ألف برميل يومياً ، بحلول نهاية الشهر الحالي ، لذا فعلى اللجان المشتركة ، ان تُسرِع بعملها ! . * حكومة الأقليم ، أعلنتْ بأن واردات النفط المُصدَر الى تركيا ، ستكون شفافة وتحت رعاية طرف ثالث مُحايِد إذا تطلب الأمر ، وستصل الى بغداد عبر مصرفٍ حكومي ، بعد إستقطاع حصة الأقليم حسب الدستور ، أي سيستفيد منها كل الشعب العراقي . وسترتفع الصادرات الى مليون برميل يومياً في نهاية 2015 . إذا إستطاعتْ بغداد فَرض نوعٍ من الرقابة ، على كميات الإنتاج والتصدير ، فمن الصعوبة ان تستطيع الإستمرار ، في عرقلة الصفقات والعقود المبرَمة بين الأقليم وتركيا . * هنالك سيناريو آخر ، مُتشائم .. في حالة تفاقُم الخلافات بين بغداد وأربيل وفشلهما للتوصل الى حلٍ مُناسِب.. سوف يُؤدي بالنتيجة الى حدوث شُبه قطيعة ، ورُبما إضطرار الأقليم الى تصدير النفط لحسابه الخاص ، تعويضاً عن حصته من الميزانية التي سوف تقطعها بغداد عنهُ . وستكون هذه الخطوة إذا جرتْ على هذا الشكل .. إيذاناً بتفتيت العراق ، او إنفصال أقليم كردستان . لا أميلُ الى ترجيح إحتمال حدوث هذا السيناريو .................................... - في الأقليم ، هنالك بعض الأوساط ، تعترض على قيام " نيجيرفان البارزاني " بتوقيع أي عقود مع تركيا أوغيرها .. وتّدعي بأنهُ لم يتم أخذ موافقة البرلمان ، ولا حتى إستشارة الأطراف السياسية .. وكان الأجدى ، الإنتطار لحين تشكيل الحكومة الجديدة وإنتظام جلسات البرلمان الجديد . وتقول أيضاً ، بأن البارزاني يحاول تجيير ملف النفط والغاز ، المتعاظم الأهمية ، لحساب حزبه سياسياً ، من أجل إحكام السيطرة على المشهد في المرحلة القادمة ! . - معظم أطراف المُعارضة السابقة ، تُؤكد على ضرورة تكريس الشفافية ، في ملف النفط والغاز عموماً .. بدءاً من العقود مع شركات التنقيب مروراً بالإنتاج وصولاً الى التسويق والتصدير ولاسيما كيفية التصرُف بالموارد . - هنالك رأيٌ يقول ، بأن ملف عملية السلام في كردستان تركيا ، مُتشابكٌ مع مَلف عقود تصدير النفط من الأقليم الى تركيا . إذ يُعتَقَد ، انه لو ان خارطة طريق السلام فشلتْ بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني ، فأن بإمكان مُسلحي حزب العمال ، أن يُخّرِبوا إنبوب النفط بصورةٍ متواصلة ، بحيث يصبح عديم الفائدة عملياً . ولهذا السبب ، فأن البارزاني يحاول جاهداً ، التوفيق بين أردوغان وحزب العمال ، وإقناعهم ، بأنهم جميعاً ، سيستفيدون من عملية تصدير النفط والغاز عبر تركيا . - الصراع المُحتدم الحالي ، مُتعدد الأطراف ، بين الأقليم والحكومة الإتحادية والحكومة التركية وشركات النفط العالمية والمحلية ، وفوق هؤلاء جميعاً ، مراكز صنع القرار الدولية... شئٌ متوقع وطبيعي .. فالنفط والغاز ، وكما في العقود الماضية ، وسيستمر الى عقود قادمة .. النفط والغاز ، هما اللاعبان اللذان ، يُسقِطان دُول وحكومات ، ويُشكلان بلدان جديدة ، ويُشعلان الحروب ويصنعان السلام أيضاً .. النفط والغاز ، يُدّمِران من جهة .. ويبنيان ويُعمران من جهةٍ أخرى . فأي من هذه الأشياء ستصيبنا يا ترى ؟
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلبٌ لِكُلِ مقهى
-
... إنْ لم تدركهُ ، ذَهَب
-
- بعض - اللاجئين والتحايُل على القوانين
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -3-
-
ألعَنْ أبو الحُبْ
-
التربية والتعليم أولاً
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -2-
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -1-
-
إطلالة على زيارة البارزاني لدياربكر
-
البارزاني في آمَد . إقترابات
-
مشهورٌ ومعروف
-
مُتقاعدينا ... والكلاب الأسترالية
-
كُل شئ على مايرام
-
النشيد الوطني الكردي .. حلالٌ أم حرام ؟
-
مُ.... حامِيها .. حرامِيها
-
المالكي في أمريكا .. والقضايا الأخرى
-
الحُسَين وجيفارا
-
المُخصصات الليلية والترفيه الرسمي
-
نِفاق أحزاب الإسلام السياسي
-
دَفْتَر
المزيد.....
-
بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير
...
-
الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي
...
-
السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن
...
-
التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد
...
-
-السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل
...
-
البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
-
بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب
...
-
هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
-
تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
-
إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|