أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - مؤلف النص الإلكتروني في مرحلة -مابعد الموت-















المزيد.....

مؤلف النص الإلكتروني في مرحلة -مابعد الموت-


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 13:50
المحور: الادب والفن
    


استطاع النشرالإلكتروني أن يحظى بأهمية كبرى، على صعيد الثقافة والإعلام، بعد أن هيمنت، طويلاً، وسائل النشرالتقليدية، بعد أن وصلت درجة الوعي البشري إلى ضرورة الاستعانة بالكتابة، على تعدد أشكالها، وسيلة للتوثيق، والتواصل، والتفاهم، منذ الكتابات الأولى على الرقم وجدران الكهوف، ومروراً باكتشاف الورق ، والاستعانة به، وبروز الحاجة إلى الريشة إلى القلم، فآلة الطباعة، ووصولاً إلى دخول الكمبيوتر في الحياة العامة، حيث تم إلغاء دورالقلم، وظهور الكيبورد، ما شكل منعطفاً كبيراً في عالم الكتابة والنشر، سماه بعضهم ب" الانقلاب الكبير" في هذا العالم، وهوما انعكس حتى على درجة التفكير، ماقد تظهرآثاره عماقريب،لاسيما أننا أمام مابات يسمى ب" الأدب الإلكتروني" الذي رآه الكاتب البنمي ماريو فارغاس يوسا الحاصل على جائزة الآداب2010 على أنه أدب سطحي يهدد الأدب المكتوب.
وليس بخاف على أحد، أن أقنية النشر الورقية، سواء أكانت جريدة، أم مجلة، أم كتاباً، أسهمت في توسيع دائرة الوعي، بل كانت أوسع حامل إبداعي ثقافي إعلامي في تاريخ البشرية، وإن ارتفاع الخطِّ البياني المعرفي إلى أعلى أمدائه، إنما تحقق بوساطة هذه الوسائل التقليدية، سيان – هنا- الإنجازات الكبرى، المعرفية، والروحية، والعلمية، حيث استطاعت تلك الأوعية، أن تكون خزاناً لكل ذلك، منها كانت مجلدات التاريخ والأدب، والطب، والرياضيات، والاجتماع، والفيزياء، والكيمياء..وغيرها..، ما يجعل الحضارة الإنسانية مدينة لهذه الوسائل التي لم تكن مجرد أدوات أرشفة،و توثيق، حافظت على تلك المعارف والكشوفات والمعالم الروحية العظمى، بل أصبحت في الوقت نفسه من أدوات تطور المعرفة والعلم والثقافة، إلى الحد الذي لا يمكن تصور مسيرة التقدم الحضاري العام، من دون تصور هاتيك وسائل النشرالتقليدية المذكورة.
ومن سمات النشر الإلكتروني، أنه إما يتم من خلال أقراص مدمجة، يمكن الوصول إليها، من دون الوسيط الإنترنيتي، الذي يشترط السرعة- في بعض الأحيان لاسيما أمام الأحجام غير العادية، أومن خلال هذا الوسيط، إذ أن من خصائص النشر-في هذه الحالة- جعل مجرد صفحة واحدة، في متناول مليارات الناس، عبر قارات العالم، جمعاء، وهو ما يمكن أن يخلق رأي عام عالمي واحد، تجاه قضايا كثيرة، لاسيما عندما يتم تجرد المتلقي من موانع التلقي المسبقة، وهو ما يمكن أن يدفع في ردم الهوة بين المواطن الكوني وشريكه في العمارة الواحدة، بما ينفع ديمومة الحرص على العيش المشترك، ونبذ ثقافة محو الآخر، وإقصائه.
و قد لا يكون المنشور الإلكتروني نصاً مكتوباً-فقط- وإنما قد يكون رسوماً، وصوراً، وخرائط، و قائمة بيانات..إلخ، حيث بات هذا النشر فضاء موازياً للنشرالتقليدي، بل فضاءاً منافساً له، ويرى بعضهم أنه بات في موقع البديل، أوالملغي له، وإن كنا نجد من يرى وجود تكاملية بين هذين العالمين، وإن النشرالتقليدي، لابد من أن يظل طويلاً، لما له من خصائص كثيرة، من خلال وجهات نظرهؤلاء.
وقد أصبحت الفرصة متاحة أمام الكتاب التقليدي، والجريدة التقليدية، والمجلة التقليدية أن توجد لها فضاء آخر، من خلال ألكترتها-هي الأخرى- إذ في إمكان مكتبة من آلاف الكتب، أن تتحول إلى مجرد قرص مدمج، رقيق، يوضع بين أيدي المتلقين، أينما كانوا، ليستطيعوا الحصول على ما يريدونه من مضامين، وحتى إعادة طباعة ما هو لازم منها، عند الضرورة، فلم يعد المتلقي بحاجة للذهاب إلى مكتبة البيت، أو المؤسسة، أو الحي، أو المدينة، بل إن مكتبته قد تشغل حيزاً من حاسوبه، أو يضعها عبرأداتها في جيبه، ما يولد لديه المزيد من الطمأنينة في انعدام أية عقبات أمام رغبته البحثية، أوفي مجال الاستحصال المعرفي الثقافي.

ثمة حقائق لابد أن تذكر، وهي أن النشرالتقليدي رغم كل ما حققه من إنجازات عبر التاريخ، إلا أن عالم التواصل معه كان يتعرض للكثير من المعوقات التي تتعلق بصعوبة الوصول إلى أكبر دائرة من المتلقين، ناهيك عن الحدود الجغرافيا التي كانت تحول دون وصولها، في الوقت المطلوب، لاسيما في ما يخص المعلومة الخبرية التي تتطلب سرعة الوصول، حيث قد تفتقد قيمتها، عند وجود هوة بين زمن الحدث وزمن تلقي المعلومة، وهو ما استطاع النشر الرقمي وضع حل ناجع له، وذلك لأن من مزايا هذا النشر توافر المادة المنشورة من قبل المتلقي العالمي، من دون أي تأثر بالحدود، والموانع الجغرافيا التي قد تمنع من وصولها إليه، أينما كان.
لقد استطاع النشر الإلكتروني أن يكسر مركزية بث المعلومة، ليس من خلال جميع الأطراف قادرة على تلقيها، فور نشرها، فحسب، وإنما من خلال إمكان هذه الأطراف-عامة- المساهمة في النشر، بالطريقة نفسها، كي يصبح المرسل متلقياً، والعكس، وهي كذلك من أهم سمات عالم هذا النشر الذي كسر من سطوة سلطة الناشر الواحد، وأتاح الفرصة أمام كل من يستطيع التفاعل مع الفضاء الافتراضي، أن يلعب دوره، ويكون عنصراً فعالاً في المجتمع الرقمي الكوني، وهو من أهم علامات هذه الثورة الكبرى في دنيا المعلومة، بأبعادها الخبرية، والمعرفية، في آن معاً.
لقد أسقط النشر الإلكتروني عامل الرقابة، وهي إحدى المشكلات الكبيرة التي تواجهها السلطات التي دأبت على نشر المعلومة من خلال قنوات اتصالها الخاصة، وتغييب الرأي والرأي الآخر، ولا يمكن فصل المجريات التي تم تأطيرها ضمن توصيف"ربيع المنطقة" بعيداً عن ثورة المعلومات التي كان النشر الإلكتروني أحد أعمدتها الرئيسة، وذلك من خلال شبكة التواصل الاجتماعي، أو المواقع، والمنتديات الثقافية والإعلامية التي باتت تستقطب قراءها على امتداد الأربع والعشرين ساعة من اليوم، بما جعلنا أمام ما يسمى بالنشر المفتوح، أو النشر المتواصل، وهو ما لم يكن بمقدور النشر التقليدي تحقيقه.
وإذا كان هناك حديث عن تحديات أمام الكاتب الذي انتقل من عالم الكتابة باليراع إلى الكتابة بالكيبورد، وقد ذهب كثيرون من هؤلاء المبدعين الذين أدمنوا الكتابة بوساطة القلم، إلى الدرجة التي قد أصبح فيها القلم جزءاً مهماً من عالمه، بحيث لا يتصور الكتابة من دون أدواتها، التقليدية، المألوفة، فإن مثل هذه-التحديات ذاتها- موجودة لدى أعداد كبيرة من المتلقين، وجدت، أو تجد صعوبة في الانخراط في عالم التلقي الرقمي، وإن كان كثيرين من هؤلاء، لا يتلكأ في الانتماء إلى الفضاء الافتراضي، عبر ضروب التواصل مع الآخرين، سواء من خلال البريد الإلكتروني، أو غيره.

حقيقة، إن النشر الإلكتروني الذي يعد ثورة كبرى، في عالم الثقافة والإعلام، وباتت أهميته تظهر من خلال الأرقام القياسية التي يحققها الكتاب الإلكتروني، أوالمعلومة الإلكترونية، وذلك بسبب إتاحتها أمام متلقيها، وسهولة الوصول إليها، وهوما انعكس على طريقة تفكير مواطن العمارة الكونية، الذي بات يتخلص من سطوات مؤثرات كثيرة، من خلال اختيار مصدر المعلومة، على نحو تلقائي، حر، بل إن ما يجعل دورة النشر-متكاملة- هو إمكانه في إيصال صوته إلى سواه، بل و إمكان ممارسته لدوره النقدي، وهو ما يجعل تلك الأوعية التي تلتزم بأخلاقيات وضوابط وشروط نشر المعلومة، معنية بمصداقية ما تقدمه، لأنها لم تعد أمام مجرد مركز رقابة واحد، بل أمام شبكة رقابية، مترامية الأطراف، شأن إمبراطورية الفضاء الافتراضي، كي تضاف-هنا-صفة أخرى- إلى المتلقي الافتراضي، وهي أنه ممتلك لسلطة رقابية، وهي ما أكملت شخصيته الاعتبارية، وأعطته بعداً آخر، هذا البعد الذي يستكمل-تدريجياً- في حال توافر إرادة إيصال المعلومة الصحية، إلى من يرومها، أينما كان.
كما أن النشرالإلكتروني الذي كسر أطواقاً كثيرة كانت تحد من انتشار الوعاء الورقي، وغير ذلك، فإنه في الوقت ذاته بات يتخلى عن الناشر الذي يعاني من مصاعب كثيرة: مالية، و رقابية، إذ بات بإمكان مرسل الخطاب الاستغناء عنه، كما استطاع التخلي من قبل عن دور محرر الصحيفة، أو المجلة، حيث رهن هذين الدورين بذاته، وبات هو نفسه: المنتج-الناشر، وإن كنا نجد من يشكو-هنا- من انتشار ذلك النوع المتهافت من الخطاب غير الناضج، غير المستوفي لشروط الخطاب، والمسيء للذائقة، والمخدش للمشاعر، والمستفز، لاسيما في ظل فضاء الحرية الرحب المتاح لكل من يرتاد هذا العالم، وهو ما دفع بالكثيرين للحديث عن ضرورة أن نفرق بين مستويين للنشرالإلكتروني: الرصين منهما، والعام، حيث من الممكن اعتماد الأول مرجعية ذات مصداقية، بينما لايمكن التعامل مع الثاني، من خلال هذا المنظور، لاسيما أنه غدا ملتقى للكتابات المتهافتة، اللامسؤولة، بل المدسوسة، والمغرضة، كما أن فيه الكتابات التي تحترم ذاتها، وقواعد، وأخلاقيات النشر.
ولابد من الإشارة إلى تحد كبير-آخر- بات يظهرأثناء الحديث عن النشرالإلكتروني، وهوأن قوانين النشرفي هذا العالم، لما تفعل بعد، في أماكن كثيرة من العالم، وإنه بات مجالاً رحباً للقرصنة، وفي مطلعها قرصنة الإبداع الإنساني، ناهيك عن قرصنة حقوق النشر، إذ أن الكاتب لما يزل غيرمطمئن إلى ملكية إبداعه، مالم يقم بتوثيقه عبرالنشرالورقي، الكلاسيكي، المتعارف عليه، بل إن هناك من يقوم-بهذه الخطوة أولاً- قبل أن يقدم على عملية جعل إبداع في متناول القارىء الكوني، حيث افتقاد سلطته عليه، بعيد لحظة النشر، وإن كان النص المدون، يفتقد مثل هذه السلطة-في الأصل-حتى عبرأدوات النشرالورقي، إلا أن المؤلف-هنا- كان يعتبر"ميتاً" بحسب رولان بارت، بينما المؤلف في وسيلة النشرالإلكتروني مشروع كائن مجهول، أوزائل، أوملغي، قد يتم إعدامه، حيث ثمة بون واسع بين المفهومين، كما هوواضح بجلاء، وكأن منتج النص الإلكتروني بلاملامح، بلا اسم، بلا شخصية، بلا عنوان، بلا كيان،كي نصبح أمام مؤلف" ما بعد الموت" ...!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريطة المكتبة
- المكتبة
- الأبُ الديناميُّ
- ما الأدب؟
- مشعل التمو: بورترية أول
- البُعد الرابع
- لماذا التراث؟
- عاصمة الياسمين
- -استعادة طه حسين:
- ثقافة الخلاص
- استنساخ -سانشو-
- مختبرات دهام حسن للتحليل النفسي
- جحيم الثقافي فردوس السياسي
- ملحمة النسر
- سلالم النفس
- التاريخ..1
- صناعة الألم:
- موت الذاكرة
- -دائرة الطباشيرالقوقازية-
- حبكة القص حبكة الواقع


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - مؤلف النص الإلكتروني في مرحلة -مابعد الموت-