أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - سلالم النفس














المزيد.....

سلالم النفس


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4236 - 2013 / 10 / 5 - 01:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سلالم النفس

من يجهل نفسه لن يعرف الآخرين...!

عبارة، كهذه، من الممكن أن تكون بداية نص روائي، يجمع خلاله مؤلفه بين أمرين لابدَّ منهما وهما: الشرط الإبداعي والرؤية، حيث أن النص الروائي يبنى على دعامات عديدة، تربط أوصاله ببعضها هيولى ووشائج دقيقة، لا يمكن الاهتداء إليها، واكتشافها، وتوظيفها إلا من قبل ذلك المبدع الذي خبر فنون الكتابة، وأدرك أن أية فكرة مهمة، قابلة أن تكون نواة نتاج فني عظيم، في ما إذا توافرت تلك الأصابع التي تضع بذرة روح الإبداع في مكانها المناسب.

وعند التدقيق في مثل العبارة، وهي في حد ذاتها مفتاح إلى فضاء معرفي خاص، نضع أصبعنا على مدخل الأسئلة الكبرى، لاسيما أنه يتناول محورين، هما:الجهل والمعرفة، فالمعرفة وحدها تطال فلسفة وجود الإنسان منذ الخليقة وحتى الآن، كما أن الجهل هو بؤرة الشرور طوال ذلك الشريط الزمني، ذاته، وأن آثاره ستظل مدى الدهر، كما هو حال أثر المعرفة التي استنار بها الآدمي، خلال رحلته الطويلة على سطح البسيطة، وهي رحلة الحياة في مواجهة رحلة الزوال.

وفي انطلاق هذه العبارة من النفس، سلباً وإيجاباً، باعتبارها فضاء أول جديراً بالاستقراء، ومعرفة ما يموج في عوالمه، ما يدعو إلى التعامل مع ُُأخطوطة مكثفة، عصية على الاستنفاذ، حيث ما لانهاية لها من المتضادات التي يقرر المرء من خلال تربيته و ثقافته وقيمه كيفية التعامل معها، مادامت قادرة على تنشئته الروحية السامية، كما أنها قادرة في الوقت نفسه على إسقاطه إلى درجة الحضيض، في حضور السلالم الأطول من مجاهل الخيال، و مرامي الواقع، وهي توصل به إلى أعلى عليين، أو أسفل سافلين. وكلا الاحتمالين ممكن، نظراً لغرائبية طبيعة هذه النفس الأمارة بالعجائب والمتناقضات.

ومن يتقصَّ مسيرة الآدمي، تلك، وفق الخطّ البياني لها، يستطيع أن يعيد كل إنجاز عظيم من قبله، إلى منابع في نفسه، كما يمكن فعل مثل ذلك- تماماً- أمام كل دمار جزئي أو كبير، بحق الكون والكائنات، إذ أن هذه النفس هي الداء، والدواء، هي بيت الحكمة، كما هي بيت الشرور، هي بيت الحب، كما هي بيت الكراهية، مثل غيرها من الثنائيات المتنافرة، المتلاغية، التي يمكن الاستشهاد بها، على امتداد حيز أكبر، وحبر أكثر.

ولعل الالتباس في الرؤية، يكمن من مدى ذلك التقارب بين منطلق كل تلك المتضادات، إذ أن في مقدور صنَّاع ثقافة التضليل، وبالاستعانة بمجرد استبدال نظرة الإعجاب، بنظرة اللؤم، أو استبدال الابتسامة بالعبوس المتأجج ضغينة، وهو ما يمكن أن يترجم في النسق الكلامي، كي يكون نواة الثقافة المضللة التي يعتمدها كثيرون، وباتت لا تصمد البتة في عصر الإعلام الكاشف الذي وكأني به يسلط"بجكتوراته" على شجرة النفس، كي يبين عرى أغصانها المتهالكة، أواشتعالها بالخضرة والأزاهير.


وللجهل والمعرفة، أرومة تعود إلى أعماق خلجات النفس الآدمية، حيث بين هذين الخطين مسافة:الموت والحياة، الهلاك أوالبناء، وكل ما نشهده من تطور في مسارالمعرفة، يقابل بسرطنات لا تتوقف في خلايا الجهل، ما يدفعنا إلى الخوف المستمر،لاسيما أن الجهل لم يعد أسير حدود الأمية، وفك الكلمة، بل إن ثقافة الجهل-وهي حاضنة معجم الشرور كاملة- باتت تطور ذاتها، أمام أية فتوحات معرفية كبرى، كي يكون المنجز نفسه-كما طبيعة النفس- أداة المتناقضات، فالطائرة يمكن أن تختصر جغرافيا العالم، ويمكن أن تسهم في تدميرها، شأن غيرها من الإنجازات الهائلة، وكأن سلمي النفس هذين، يسيران في اتجاهين متناقضين، أحدهما للمجد والآخر للجحيم.


إبراهيم اليوسف











#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ..1
- صناعة الألم:
- موت الذاكرة
- -دائرة الطباشيرالقوقازية-
- حبكة القص حبكة الواقع
- جيل الاغتراب الأكبر.........!
- الطفل الذي قدم أدوات قصته:
- كرد ستريت ترصد آراء المثقفين والسياسيين الكرد حول انضمام الم ...
- أطفالنا والحرب: من يوميات أيان
- اللاكتابة
- الكاتب و أسئلة الطوفان
- الأول من سبتمبر:
- روح الشاعر
- من يتذكرشخصية-شرو-؟.
- الأسد بطلاً قومياً ونوستالجيا أحضان النظام
- رسالة سبينوزا إلى السوريين:
- مجزرة كيمياء الغوطتين من وراء ارتكابها حقاً..؟
- خارج النظرية:
- سقوط معجم الفرقة:
- إنهم يفرغون الجسد من الروح..!


المزيد.....




- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
- اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا ...
- بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا ...
- كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
- -نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض ...
- البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - سلالم النفس