|
المالكي في أربيل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4119 - 2013 / 6 / 10 - 12:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكُن ترتيب لقاءٍ بين السيد " نوري المالكي " والسيد " مسعود البارزاني " ، بِحاجةٍ الى وساطة خارجية او داخلية .. ولا إلى تحضير إجتماعٍ رمزي ، كالذي قامَ بهِ السيد " عمار الحكيم " لِيُقّرِب بين المالكي وأسامة النجيفي . على الرغُم من أن المُناوشات ، بين المالكي وبارزاني ، منذ أكثر من سنة ، كانتْ مُستمرة .. وكان " المُستشارون " و " الوكلاء " و " الناطقون " .. يقوموم بين الحين والحين .. بإذكاء نار الفُرقة بين الطرفَين ( طبعاً ليس بِمبادرة فردية من عندهم ولا بإجتهادٍ شخصي ، بل بِعلم وتوجيهات الزعيمَين غالباً ! ) .. لكن ، لم يتعدى الهجوم المُتبادَل المُباشِر ، بين المالكي والبارزاني .. حاجز الإتهامات المُتقابلة ب " الدكتاتورية ، والإنفراد بالحُكم والإنفصالية " ! . عموماً .. رُبما .. كانَتْ الزيارة ، مُفاجئة وغير مُتوقعة .. بالنسبة الى العديد ، من الذين ، لايفقهون لُعبة السياسة جيداً .. ويعتقدون ، بأن الخلافات العميقة بين الجانبَين ، تعني " القطيعة النهائية " .. لكن الأحداث أثبتتْ أنه لايوجد مُستحيل في علاقات المصالح . فلنُحاول ، ان نقترب من خلفيات المشهد ، عّلنا نستطيع الوصول الى فهمٍ أفضل لما يجري : - في الظاهِر على الأقل .. لم يتُم الضغط المُباشِر ، على المالكي أو بارزاني .. مِنْ قِبَل الإدارة الأمريكية ، لتقريب وجهات النظر بينهما .. في العشرة أشهر الاخيرة .. فما عدا الزيارات القليلة لوزير الخارجية الأمريكي كيري ، والإتصالات الهاتفية لنائب الرئيس بايدن .. لم يُلاحَظ ، نشاطٌ أمريكي إستثنائي بهذا الخصوص . ولا ضغطٌ إيراني واضح وصريح كذلك . أعتقد ان توّصُل المالكي والبارزاني ، الى [ قناعة ] بضرورة التصالُح .. جاءت نتيجة ( حاجة الطرفَين الى بعضهما ) في الأشهُر القادمة ، عراقيا وأقليميا.. مما دفعهما ، الى تناسي الإنتقادات المريرة المتبادلة ، بسهولة ! . - إنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة ، ونتائجها وتداعياتها .. أظهرتْ بِما لايدع مجالاً للشَك ، أن دولة القانون ولا سيما حزب الدعوة ، قد فقدَ جُزءاً من شعبيته ، رغم سيطرته على معظم مفاصل الحكم منذ سنين .. ولا أدّل على ذلك ، من الإحتمال القوي ، لخسارة حزب الدعوة ، لمنصب مُحافظ بغداد ، الذي كان يشغله قيادي من الصف الاول في الحزب ، وهو " صلاح عبد الرزاق " . بعد تحالُف المجلس الاعلى والتيار الصدري مع مُتحدون . وسوف يسعى المالكي وحزبه ، في هذه الحالة ، الحصول على منصب أمين بغداد ، وحتى ذلك السبيل ، لن يكون مُمهَداً بسهولة ولا مفروشاً بالورود ! .. إضافةً الى فقدان حزب الدعوة ، للعديد من المناصب الأولى في المحافظات الجنوبية .. وإضطراراه الى تقديم تنازلات كبيرة ، للأطراف الأخرى الفائزة . إذا نجحتْ تجربة تحالُف المجلس الاعلى الإسلامي والتيار الصدري ، الشيعيَين ، مع قائمة " مُتحدون " السُنية ، في بغداد ( وذلك وارد ) .. فأنه سيُشكِل تهديداً كبيرا وجدياً ، للمالكي في الإنتخابات العامة القادمة ، في العام 2014 .. ورُبما سيكون مُقدمة ، لفقدان حزب الدعوة للسُلطة . المالكي ، تلقى ضربات موجعة في المحافظات الجنوبية والوسطى .. بعد أن يأسَ عمار الحكيم ومُقتدى الصدر ، من " جدوى " التحالف مع حزب الدعوة .. بل ان حتى " حزب الدعوة تنظيم العراق " قد إصطفَ مع خصوم ومُنافسي المالكي . وذلك يعني ، ببساطة : خيبة أمل معظم حُلفاء حزب الدعوة السابقين ، وعدم رضا القاعدة الجماهيرية ، عن أداء السلطة في السنوات المنصرمة . الى جانب ، العقبات الجّمة التي تعترض المالكي في الموصل والأنبار وتكريت وديالى . المالكي ، في الواقع .. فشلَ في إقامة علاقات جيدة ومتوازنة ، مع مُحيط العراق الجغرافي .. ولا سيما مع السعودية وتركيا .. ويغلبُ طابع التنازلات ، في علاقاته مع الكويت ودول الخليج .. والرشوة في حالة الأردن .. والإصطفاف مع الموقف الإيراني ، بالنسبة لسوريا . كُل ما وردَ أعلاه ، يُبين .. حجم المشاكل والصعوبات ، التي تُواجِه المالكي في الوقت الحاضر .. والتهديدات الجدية بصدد الإنتخابات القادمة . أرى ان كُل ذلك دفع المالكي ، للمجئ الى أربيل .. ومُحاولة إحياء التحالف مع الكُرد . ........................ - بالمُقابِل .. أعتقد ان السيد " مسعود البارزاني " ، أدركَ في الآونة الاخيرة ، ان الأمور ليستْ على ما يرام ، بالنسبة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني .. فلقد ظهرتْ الإختلافات في المواقف في العديد من القضايا ، يوماً بعد يوم ، مع حليفه الإستراتيجي ، الإتحاد الوطني .. ولقد أظهرتْ نتائج إنتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ، في بغداد وديالى وصلاح الدين ، تفوقاً واضحاً لمُرشحي الإتحاد الوطني " مع هزالة النتائج بالنسبة للتحالف الكردستاني عموماً مُقارنة بإنتخابات 2009 " . كما فشل الحزب الديمقراطي ، في كسب ولو جزءٍ من " المعارضة " أو حتى تحييد مواقفها .. ولقد أثبتَ موضوع ( مشروع دستور الأقليم ) وبالتالي شكل الأقليم ، أهو برلماني أو رئاسي ، وصلاحيات رئيس الأقليم .. المدى الحقيقي ، لبقاء الحزب الديمقراطي [ وحيداً ] الى حدٍ ما ، في موقفهِ .. مُقابِل : إصرار المعارضة المتمثلة ، بحركة التغيير والاحزاب الإسلامية ، والإتحاد الوطني .. بضرورة إعادة المشروع الى البرلمان [ لإجراء إصلاحات عليه ] قبل عرضه للإستفتاء . الحزب الديمقراطي ، أي السيد " مسعود البارزاني " .. راهنَ مُبكراً ، على سقوط نظام الدكتاتور بشار الأسد .. ونشطَ في دعم الأحزاب الكردية السورية المعارضة ، بمُختلف الوسائل المُتاحة .. بالتنسيق المُباشر أوغير المُباشر ، مع الحكومة التركية . ولكن الأيام أثبتَتْ ، ان المسألة مُعّقدة أكثر مما تبدو .. وان الخوض في المُستنقَع السوري ، له تداعيات خطيرة ومُؤذية .. من بينها ، مثلاً .. الإصطدام مع مُسلحي الإتحاد الديمقراطي في كردستان سوريا ، الذي هو فرع من فروع حزب العمال الكردستاني .. وما يجرهُ ذلك ، من مخاطر الإقتتال والتناحُر . بالنسبة ، لملف النفط والغاز .. فاقمَتْ إدارة الأقليم ولا سيما الحزب الديمقراطي ، تصعيد المشكلة مع الحكومة الإتحادية .. وذلك بإعلان الإستمرار في إنشاء خط أنابيب مُباشر من حقول الأقليم الى تركيا .. إضافة الى القضايا الأخرى المُعلَقة .. ولكن كما يبدو ، فأن الولايات المتحدة الامريكية ، قالتْ كلمتها أخيراً " و [ نصحتْ ] قادة الأقليم ، بالتريُث ، وعدم التصرُف بالنفط والغاز ، إلا بعد موافقة الحكومة الإتحادية ومن خلالها . الحركة الإحتجاجية في تركيا ، مُؤخراً .. والتي تتسع تدريجياً .. أثبتَتْ امراً مهماً : رغم الإنتعاش الإقتصادي في تركيا ، فأن قطاعات واسعة من الشعب ، غير راضين عن اداء أردوغان وحكومته .. وإذا قّرَرَتْ مؤسسة " الجيش " التركي ، الإصطفاف مع الحركة الإحتجاجية ، في الأشهر القادمة .. فأن أردوغان وحزبه الإسلامي ، سيكونان في موقفٍ عصيب .. ورُبما سيضطر الى التوجه ، نحو إنتخابات مُبكِرة .. والتي رُبما لن يفوز بها ، ويفقد السُلطة بالنتيجة . في هذه الحالة ، وإذا تحّققَ هذا السيناريو ، فأن ذلك سينعكس سلباً ، على الحزب الديمقراطي الكردستاني والسيد مسعود البارزاني .. الذي وضعَ خلال السنوات الماضية ، أساساً ، لمصالح تجارية واسعة بين أردوغان وحزب العدالة والتنمية ، من جهة .. والحزب الديمقراطي الكردستاني ، من جهةٍ أخرى .. وبنى علاقات بِطيفٍ واسع من المصالح المتبادلة ، يمتد من : النفط / التجارة / الملف السوري / ملف التصالح مع حزب العمال ... الخ . كُل ما ورد أعلاه .. يُظهِر المشاكل التي تُواجِه السيد مسعود البارزاني .. وحاجته الفعلية .. لحلحلة المشاكل مع الحكومة الإتحادية ، ومع المالكي بالذات . ...................................... لقطات - كردستانياً .. يقول البعض ، ان زيارة السيد " نيجيرفان البارزاني " الى بغداد ، قبل أسابيع .. هي التي أدتْ الى إقناع المالكي ، بالتوجُه الى أربيل . وهي نقطة تُحسَب للسيد نيجيرفان ، في سوق المنافسات الداخلية على الزعامة . ( يُقال انه خلال زيارته لبغداد .. واثناء الإجتماع المُغلَق الذي جمعهُ مع المالكي لوحدهما ، ولأنه لا يُجيد العربية بصورةٍ كافية ، فإستعانَ بِمُترجِم .. لكنه رفض المترجم الموجود في تلك اللحظة والعائد الى الإتحاد الوطني ، فإستبدله بآخَر من الحزب الديمقراطي ! .. وهي دلالة على ضُعف الثقة بين الحزبَين الحليفَين . وهذه الأشياء " الصغيرة " لاتفوت على المالكي ، ليستفيد منها !! ) . - وصل المالكي .. على مِتن طائرة ( عسكرية ) الى مطار أربيل . أعقبه الوفد الحكومي المُرافق بطائرةس عادية . - لم يُعقَد إجتماع الحكومة الإتحادية ، كما كانَ يُفترض .. في قاعة مجلس وزراء الأقليم .. بل في قاعة " الاستاذ سعد " .. أي نفس القاعة التي جرى فيها إجتماع أربيل ، قبل ثلاث سنوات ، والتي جرى فيها الإتفاق ، على تنصيب المالكي رئيساً للوزراء . دعاية تقول : جرى ذلك تعمُدا .. لتذكير المالكي .. بأنه هُنا تَم [ التوافق ] عليه ! . - صالح المطلك ، أدلى بتصريحٍ .. حول ضرورة إنسحاب البيشمركة من المناطق التي سيطروا عليها مؤخرا ، في كركوك وغيرها . في حين ان " علي العلاق " قال ، بان هذا الأمر لم يُبحَث في اللقاءات على الإطلاق . يقول البعض ان المطلك .. غّردَ خارج السرب ! . - بعض عَرب كركوك ، أبدوا تخوفهم ، من عقد إتفاقات غير مُعلنة ، بين المالكي وبارزاني .. يدفع عرب كركوك ثمنها !. - عموماً .. كانتْ الزيارة كما يبدو ، إيجابية .. وحققتْ [ أهدافها ] : إذابة الجليد بين الطرفَين / العودة الى إسلوب المباحثات والنقاشات لتقريب وجهات النظر / إنهاء مقاطعة البارزاني لبغداد وقيامه قريبا بزيارة العاصمة / وعد المالكي بتكرار الزيارة وشمولها لمنطقة بارزان / مُخاطبة الزعيمَين لبعضهما بطريقةٍ ودية : أبو إسراء وأبو مسرور !. - لا يتوقع المُراقبون هنا .. نتائج سريعة ملموسة بالنسبة للملفات الشائكة المتراكمة .. بل في أحسن الأحوال .. يقول المتفائلون منهم .. ان الزيارة رُبما تفتح الطريق ، لإيجاد حلول معقولة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حذاري من أبناء الذوات
-
لماذا يتكلم الشهرستاني ب ( حيل صَدِر ) ؟
-
مع الإعتذارِ .. من الحمير !
-
يِمْكِن الحِلو زَعْلان !
-
التعميم الأحمَق
-
مُلاحظات على إنتخابات مجلس نينوى
-
الآغا أوباما
-
مأزق المثقف في بغداد
-
- فلسفة - الطبقة السياسية العراقية
-
البضائع الرديئة
-
مآزِق كردستانية
-
اللصُ والكِلاب
-
عسى أن أكون مُخطِئاً
-
ومن الفَرِحِ ما يجرح !
-
الحرب القذِرة
-
حزب العمال في قنديل .. ملاحظات عامة
-
( طالباني ) يوم الدِين !
-
منصب رئاسة أقليم كردستان
-
الجهاز العجيب
-
الأمور المعكوسة
المزيد.....
-
خبير: الكرملين لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني بل يراهن على ج
...
-
في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال
...
-
القبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة ب
...
-
تل أبيب تصعّد حملتها ضدّ المنشآت النووية ال?إيران?ية وتلوّح
...
-
مساعدات التنمية: ألمانيا تقلص الإنفاق على الناس الأكثر فقراً
...
-
فرنسا: المنطاد الأولمبي سيعود للتحليق في سماء باريس بعد تحول
...
-
بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس
-
عبر الخارطة التفاعلية.. آخر التطورات في المواجهة الإيرانية ا
...
-
ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع
...
-
الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|