|
البضائع الرديئة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4106 - 2013 / 5 / 28 - 15:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( في معظم البيوت ، تتراكمُ شهراً بعدَ شهر .. الأشياء التي أصبحتْ " زائدة عن الحاجة " ( نتيجة المَيْل الإستهلاكي المَرَضي والتسّوق المُفرِط ) ... وتعيق التنظيف وتحتل مساحات وتُربك الوضع .. وتتحول هذه الأشياء الزائدة تدريجياً ، الى مُشكلة مُزعجة ينبغي مُعالجتها . قبل خمسة عشر سنة .. كانَ الحَل سهلاً .. فالقوة الشرائية لعامة الناس ، كانتْ متدنية .. وهنالك محلات كثيرة في السوق تشتري الأغراض المُستعملة والقديمة بسعرٍ ضئيل .. لتُرّمِمها وتبيعها ثانية . أما اليوم ، فلقد إضمحلَتْ هذه التجارة . قبلَ مُدة .. أردتُ أن اُقّلِدَ الأجانب .. فوضعتُ منضدة زائدة عن الحاجة ، جوانبها من الزجاج ، وضعتُها في الخارج قرب السياج .. لَعّل أحداً يحتاجها ويُخّلصني منها .. فلم تمُر دقائق ، حتى سمعتُ صوت تكّسُر الزجاج .. ولما خرجتُ .. كان الاطفال الذين فعلوا ذلك ، يُهرولون وهم يتضاحكون ! . فإضطررتُ الى تنظيف المكان ، وأعدتُ بقايا المنضدة الى الداخل . المُهم .. ان هذه الأشياء والأغراض .. تفقد تدريجياً أسماءها الأصلية ، وتصبح مُجّرَد " نفايات " .. وعلى الأغلب ، فأنك ستصرف مالاً لكي تُزيلها عن كاهلك ، من قبيل .. تأجير سيارة بيك آب وعامل أو أكثر ، إذا كانتْ الأشياء ثقيلة أو في السطح ! ) . هذا على المستوى الفردي او الضيِق .. أما بالنسبة الى الدُول .. فأن الأمر يُشكِل مُعضلة حقيقية متعددة الجوانب . فالبُلدان المتقدمة ، نجحتْ ليسَ فقط ، في التخلُص من " القمامة " والأشياء الزائدة عن الحاجة .. بل أنها تستفيد منها في مجال إنتاج الطاقة وكذلك تدويرها في صناعات مختلفة ، بل ان ألمانيا مثلاً ، لاتكفيها قمامتها المحلية ، فتقوم بإستيراد القمامة من الدول المجاورة أيضاً ! . في حين ان العديد من الدول الصناعية ، تُقدِم أموالاُ طائلة لبلدان متخلفة ، من أجل دفن نفاياتها المُشعة وغيرها من النفايات الخطرة والضارة بالبيئة ، في أراضي هذه الدول الفقيرة ، مما سيولد لشعوبها وأجيالها القادمة ، الكثير من الأمراض السرطانية الفتاكة . الأسلحة القديمة الصُنع والمركونة في المستودعات والمخازن ، تُشَكِل مُعضلة كبيرة للدول الصناعية الكبرى .. لكن هذه الدول ، تَجِدُ دوماً " المُغفَلين " الذين يتزاحمون على شراء هذه الأسلحة " الستوك " ، ومن الطبيعي ، ان العراق ولا سيما بعد 2003 ، في طليعة هؤلاء المُغفَلين ! .. وعشرات العقود المشبوهة ، خلال السنوات العشر الماضية ، دليل على ذلك . والآلاف من أنواع البضائع الرخيصة المصنوعة بِطرقٍ لاتراعي الشروط البيئية والصحية .. ممنوعة من الدخول ، الى أسواق البُلدان التي تفرُض رقابة صارمة من خلال التقييس والسيطرة النوعية وتحترم حقوق المُستهلِك .. غير ان هذه البضائع السيئة صحيا وبيئيا ، تُغْرِق الأسواق العراقية من زاخو الى الفاو .. من أجل فائدة حفنة من التُجار الجشعين والمافيات المُسيطرة على السوق .. ضاربين بعرض الحائط ، مصلحة المواطن المُستهلك ! . ......................... مُدننا كلها ، صارتْ مُحاطة بمكبات النفايات والقمامة ، والتي تؤثر تأثيراً مُدمراً على البيئة بِكُل مفرداتها : من هواء وتربة وماء . فلا نحن سعينا ، الى تدوير هذه النفايات ، بصورة علمية وجدية .. ولا الى البدء في توعية شاملة بهذا الصدد . إضافةً الى أن حكوماتنا الفاسدة .. دأبتْ على زيادة المُشكلة وتعميقها ، من خلال الإستهتار في إستيراد النوعيات المتدنية من البضائع المختلفة .. بدءاً من أكياس النايلون البسيطة ، الى المواد الغذائية ، الى الأدوية ، الى الأسلحة والعتاد والطائرات ... الخ . والأدهى من ذلك ، فأنها تستوردها بأسعار أغلى الأنواع .. وتنهب الفروقات الضخمة وتكدس الأموال المسروقة الطائلة في حسابات الفاسدين . ......................... أن حكوماتنا العتيدة .. تقوم في الواقع ، بتبذير أموالنا وأموال الأجيال العراقية القادمة .. في صفقاتٍ مشبوهة وعقودٍ فاسدة وإستيراد أسوأ البضائع .. وتُوفِر حوالَينا ، كُل الأسباب المُساعدة للإصابة بكثيرٍ من الأمراض الخطيرة وعلى رأسها السرطان .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مآزِق كردستانية
-
اللصُ والكِلاب
-
عسى أن أكون مُخطِئاً
-
ومن الفَرِحِ ما يجرح !
-
الحرب القذِرة
-
حزب العمال في قنديل .. ملاحظات عامة
-
( طالباني ) يوم الدِين !
-
منصب رئاسة أقليم كردستان
-
الجهاز العجيب
-
الأمور المعكوسة
-
أحاديث في التاكسي
-
الثابت والمُتغّيِر .. كُردستانياً
-
الفرق بين يوخنا وشموئيل
-
أبو فلمير
-
العنزة .. والخروف
-
ضُعفٌ وهَشاشة
-
بعض القَساوة
-
التعبُ من فعلِ لا شئ
-
ملاحظات على نتائج إنتخابات مجالس المحافظات
-
العراقيين .. والخيارات الضيقة
المزيد.....
-
ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام
...
-
شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول
...
-
الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل
...
-
فترة غريبة في السياسة الأميركية
-
مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول
...
-
حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
-
واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
-
ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في
...
-
جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح
...
-
إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|