أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - رجل الدين الصحيح ... علماني














المزيد.....

رجل الدين الصحيح ... علماني


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 14:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رجل الدين الصحيح ... علماني

أدري أن ليس من مهام العلمانية ولا من مقاصدها أن تحمي الدين من السياسة. لكن, وكنتيجة عرضية, إن ذلك هو ما تفعله بالضبط. والنتائج العرضية معروفة في علم كالكيمياء, كأن تقوم بخلط مادتين لهدف الحصول على مادة ثالثة فتحصل على رابعة لا علاقة لها بهدف المعادلة الأساسية.
إن الهدف الأساسي للعلمانية "السياسية" هنا هو إبعاد الدين عن السياسة, أو العكس, عن طريق فصل الدين عن السياسة, والمؤسسة الدينية عن مؤسسة الدولة. لا علاقة للأمر بعلاقة الدين مع المجتمع أو الفرد, فالنوع "السياسي" من العلمانية ليس كالنوع "العلمي" منها. هذا الأخير له علاقة بالمناهج التي تفسر المادة على أساس حركيتها من داخلها وليس بتأثير قوة خارجية, وبالتالي فهذه العلمانية قد تكون ملحدة, وإن لم يكن الإلحاد هدفا إجتماعيا لها, بمعنى.. لكم دينكم ولي ديني.
ربما علينا أن نبحث للعلمانية السياسية عن تسمية أخرى لغرض أن لا يجري الخلط بينها وبين النوع الثاني الذي يتعدى شكلها السياسي إلى شكلها العلمي, لكن هذا ما طبعنا عليه, أن يكون هناك شكلان للعلمانية, سياسي وعلمي. وتبقى إشكالية خلط الشكلين ليست بريئة من التحريفات التي يوظفها بعض رجال الدين, وأكثرية رجالات الدين السياسي من أجل غلبة تعتمد الضرب تحت الحزام.
قد تجد علمانيا سياسيا ملحدا لأنه يؤمن بالنوع العلمي منها أيضا, وقد تجد بالمقابل علمانيا سياسيا مؤمنا بالدين ومتمسكا بطقوسه. وإن كلاهما, قد يتواجد في حزب سياسي واحد ولا علاقة له بقضية التدين, فالذي يجمعهما هو شأن له علاقة بقضية بناء الدولة وصلاتها مع الجميع, أرضا وبشرا وحيوانا ونبات.
في هذا الحزب تجد المسيحي والمسلم والصابئي وغيرهم, وتجد من يؤمن ويتمسك بالطقوس, وتجد من يؤمن لكنه لا يتمسك بالطقوس, وإن أمر وجود الجميع ضمن حالة واحدة لا يثير اية إشكالية ما دام الواحد منهم يترك للآخر حرية إختيار دينه أو مذهبه. أما إذا قال لك أحد من رجالات الدين السياسي أنه لا يفرق بين المسلم والمسيحي والصابئي على أساس درجات المواطنة فلا تصدقه أبدا لأنه بالتالي سيكون في حالة نفاق, أما معك أو مع حزبه, لأن الحزب الوطني هو صورة الوطن بكل ما فيه من مساواة إجتماعية, اما الحزب الديني فهو يقوم على فقه الأمة الدينية التي ترتب المواطنين درجات وفق مفهوم الفقه الديني ( أهل الذمة.. وما شابها من تعريفات) فإن هو تطرق إلى قضية المساواة فسيتطرق لها من باب الأفضال على الديانات الأخرى وليس من باب الحقوق القانونية التي يتساوى فيها الجميع ضمن الوطن الواحد.
ومن المهم هنا ان نشير إلى حقيقة هامة يجب أن يتبينها الجميع وهي أن قسما من رجال الدين بات يؤمن بالعلمانية السياسية التي تفصل الدين عن الدولة لمعرفته بأن زج الدين في عالم السياسة من شأنه أن أن يخلق إرتباكات كبيرة للطرفين.
لكن على مستوى أحزاب الدين السياسي فإن رجالات هذه الأحزاب هم جميعا من يزج الدين في عالم السياسة. هذا الأمر غريب حقا ومثير للدهشة, فالصراع مع أحزاب الدين السياسي لم يعد يتم على أيدي المؤمنين بالعلمانية السياسية من السياسيين فقط وإنما من قبل رجال دين أيضا, من أولئك الذين لا يريدون الخوض في عالم السياسة, وذلك لهدف حماية الدين من العمل في ميدان اللامقدس واللامطلق, وفي مساحة تتكرر فيها الأخطاء.
في العقود الأخيرة من عمر العراق ثمة مشهدين أساسيين يؤكدان على هذا المنحى, الأول منهما جمع بين رجلين كبيرين في عالم الفقه الشيعي, الأول هو مرجع الشيعة حينها, في الأيام التي رافقت تأسيس حزب الدعوة, ألا وهو أية الله السيد محسن الحكيم, والثاني هو مؤسس حزب الدعوة, أو أحد مؤسسيه, وهو آية الله السيد محمد باقر الصدر. في كتاب عادل رؤوف أحد قيادي الحزب والمعنون (الصدر بين دكتاتوريتين) هناك إشارة إلى أن السيد الحكيم كان وقف ضد زج الشيعة كمذهب في قضايا السياسة مؤكدا على أن ذلك سيلحق بهم ضررا كبيرا
ربما لم يكن السيد الحكيم قد قصد بذلك سوى الأضرار التي ستلحق بالشيعة من قبل السلطات الحاكمة, أما الآن وحينما سيذكر أمامه ما أحدثته أحزاب الإسلام السياسي من أضرار كبيرة بعد إستلامها السلطة فسيجد حينها أن من واجبه ان يعيد ترتيب أفكاره تلك لكي تضم نصوصا تؤكد على عدم جواز قيام أحزاب دينية من واقع ما ستسببه من أضرار للدين أساسا. إذ لم تعد الأضرار هي تلك التي تنال من الجسم الشيعي على يد السلطة الخصم وإنما هي بالدرجة الأساس تلك التي تصيب الدين على يد الحزب الديني. في كل الأحوال استطيع ان اقول أن الرجل, وأيا كان مقصده, قد كان "علمانيا" من واقع دعوته لإبعاد "الطائفة الشيعية" عن السياسة.
أما اليوم فلست اشك ان عددا لا يستهان به من رجالات الدين بدأ يستفيق على حقية التخريب الذي حدث في العراق على يد أحزاب الدين السياسي, وذلك هو المشهد الثاني.
ولأن من المعتاد أن تحسب أخطاء العلمانين على العلمانيين أنفسهم تجد أن من الصعوبة بمكان أن تحسب أخطاء الأحزاب الدينية على أعضائها فقط من دون أن تكون لها أضرارها الكبيرة على الدين نفسه, ولذا فإن واجب حماية الدين, الذي يقع على رجل الدين بالدرجة الأساس ستجعل هذا الأخير يدعو إلى العلمانية السياسية كحل أكيد.
ولن أذهب بعيدا حينما أتمنى على رجل كهذا أن يصدر فتواه لتحريم تأسيس أحزاب سياسية على اساس ديني وتحريم الإنضمام إليها من قبل المواطنين وذلك بعد أن تأكد بالملموس مقدار ما تلحقه هذه الأحزاب من اضرار للدين نفسه وحيث ان الأمر لم يعد يتأسس على إجتهات نظرية أو فكرية عامة.
وأجد إن عالم الدين الحقيقي, الحريص على دينه وشعبه ووطنه, هو ذلك الذي يؤمن بالعلمانية السياسية, وليس العكس أبدا.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السقوط بالتقسيط
- الوطنية والعمالة.. بين المعنى المخابراتي والمعنى الأخلاقي
- أصل المشكلة .. الإسلام السياسي.
- مرة ثانية... أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء
- هل تقوم الحرب الأهلية وهل يتقسم العراق
- أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء
- العلمانية عراقيا....... (2)
- صلح الفرسان ... ناس بلا وطن أم وطن بلا ناس
- الرجل الذي كسر قرن الثور
- العلمانية... عراقيا
- مرة أخرى... تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا
- تفتيت الإرادات أم تقسيم الجغرافيا.
- الطائفيون وتظاهرات الأنبار
- إزاحة المحمود.... بين إتقان القيادة وإتقان المعارضة
- من سطوة المحمود إلى سطوة الإجتثاث
- دولة الشراكة أم دولة المشترك
- هل كان بإمكان أوباما أن يجلس في حضرة رجل أبيض.
- من سيذهب إلى الجحيم.. أكَلَة الخنزير أم أكَلَة الناس
- أزمة الدولة العراقية الوطنية مع الأحزاب الأيديولوجية
- حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - رجل الدين الصحيح ... علماني