أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامي بزيع - في حضرة الامير














المزيد.....

في حضرة الامير


كامي بزيع

الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 22:55
المحور: الادب والفن
    


كيف يمكن ان تكون جلسة مع امير من امراء هذا الشرق، انه لامر يثير بعض الفضول وهو ما يورده فؤاد اسحاق الخوري من كتاب "الذهنية العربية، العنف سيد الاحكام".

الامير يأمر ولا يؤمر، يعطي التعلميات ولا يتلقاها، هو يفعل ذلك حتى لو كان ذلك الشأن يتعلق بموعد اقلاع الطائرة او انطلاق القطار.
"يأتي موعد الطائرة للاقلاع ولا يستطيع ان تقول له شيئا، تجلس معه تحترق من الداخل كلما اقترب موعد اطلاق الطائرة وهو غارق في حديثه عن صيد الحباري بالصقور، غير مبالي بما يدور حوله .

الامير في مجلسه لا يضحك وقلما يبتسم، لا يمزح ولا يمازح، جدي في حديثه، رصين ورزين في مسلكه، ذلك لان المزاح والضحك يقيمان الالفة بين الناس ويضيقان الهوة والمسافة بينهم.

التقرب من الناس بواسطة الالفة يحد من سلطة الامير وهيمنته، هو يعتني بهم ويرعاهم، يدافع عنهم يساندهم، يعيلهم ويحميهم وهم بدورهم يمحضونه اي يبايعونه الود والولاء.

كل ذلك يجري بتحفظ وحذر وفقا للاعراف والتقاليد المتبعة، الامير يريك الاهتمام والرأفة والرحمة دون ان يظهر لك المحبة والحنان، فهذه سمات الضعف في شخص الامير يستمع اليك ويتجاوب مع مطلبك وهو بعيد عنك، يتجاوب معك حتى لو لم يكن في موضع يمكنه مساندتك ومساعدتك، لذلك تكثر عنده الالفاظ والتعابير التي تريحك وترضيك ولا تضرب لك موعدا "كانشالله" و "باذن الله" و"وتوكل على الله".

للامير حضرة مميزة في مجلسه، وجود شبه كلي، يفرض على الناس الاستماع والاصغاء والموافقة سلفا على مايقوله، هو صاحب الامر، هو الآمر والناهي، والمرء في مجلسه يستمع ولا يتكلم الا متى طلب منه ذلك وان حدث ان تكلم فليختصر وليقتضب فخير الكلام ما قل ودل "فالنطق خاصة الامير" هو ذو منطق ومجلسه له دون غيره.

وتتجلى سطوة الامير وحضرته في ترتيب الجلوس من حوله في ديوانه الخاص. فكلما اقترب مجلس الزائر من مقعد الامير ارتفعت منزلة الزائر الاجتماعية – على ان يكون الجلوس الى يمين الامير لا الى يساره، فاليسرى نجسة وكثيرا ما يترك المقعد الواقع مباشر الى يسار الامير خاليا، وعادة يملأ بالتلفونات المتنوعة الاشكال والالوان.
يخطئ من يعتقد ان مجلس الامير مفتوح ليلا ونهارا لكل من اراد زيارته من عامة الشعب .
فباسثناء افراد الحاشية، لا يدخل مجلس الامير الا من كان له مطلب خاص كان قد تقدم به مسبقا، واكن قد وافق الامير سلفا على تلبيته، لا يتم الوصول الى مجلس الامير والتماس مساعدته وتأييده الا عن طريق احد افراد الحاشية الموثوق بهم، وهؤلاء قليلو العدد.

في حضرة الامير لا امير غيره، والآمر والمسيطر وكثيرا ما تتجلى هذه السيطرة في طرق التسليم عليه او القاء التحية، فمنهم من ينحني أمامه، يركع ويطلب غرضه ومنهم من يقبله على انفه او جبينه ومنهم من يحك انفه بأنفه او كتفه بكتفه ولكل من هذه الحركات معنى خاص .

فالانحناء والركوع يرمزان الى الاستجداء – وهو الدور الذي لا يقوم به الا المستضعفمون في المجتمع.
اما تقبيل الانف او الكف فيشيران الى منزلة الزائر الثانوية، غير ان حك الانف بالانف والكتف بالكتف فيدل على موضع الولاء والود المتكافئ اي المشروط، جعل العرب العزة والكرامة الشخصية في الانف :"شاب انوف" اي انه ذو كرامة "مرّغ انفه في التراب اي اذله. وهناك حركات ومؤشرات اخرى ترمز كلها الى اولية الامير او القائد في التفاعل مع الآخرين منها طريقة الجلوس والنظر واستعمال الالقاب .

ان يجلس المرء في حضرة الامير واضعا رجلا فوق رجل او مادا قدميه او رجليه الى الامام امر غير مستحب لا بل ومكروه. من هنا المقعد او المتكأ العربي الذي لا يشجع الا على الجلوس القرفصاء.

اما النظر ففيه معان كثيرة، ينظر الامير الى الناس وخاصة الذين يلقاهم للمرة الاولى نظرة حادة، وهذا من باب امتحان مزاج المتفاعلين معه.
وتتطلب آداب التفاعل الا يعامل الامير هنا بالمثل، فاذا ما نظر الامير الى امرئ ما نظرة حادة على الاخير ان يخفض نظره ويطأطأ رأسه وذلك يعني الطاعة والولاء، ان يبادل المرء الامير نظرته الحادة تحد سافر لشخص الامير ومكانته الاجتماعية – هو موقف ثائر.

وعلى أمل ان لا يكون لاي منا حاجة للوقوف على ابواب الامراء، فالامر في النهاية ليس الا مذلة.



#كامي_بزيع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصم
- عيدك ياحبيبي
- المظلة ظل الالهة
- زيارة متأخرة
- مباركة انت
- الفقر المؤنث
- رسائل الصمت
- جنون العاصفة
- الجريمة
- شهيدة العلم
- الموت الجميل
- من اين يأتي الاطفال في اسكندنافيا؟
- العرب والطيب المذكر
- المرأة والغناء
- طزاجة الكلمة
- الطعم المالح
- حدود الجسد العربي
- الموضة الخضراء
- جدي
- المرأة والليل


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامي بزيع - في حضرة الامير