أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامي بزيع - حدود الجسد العربي














المزيد.....

حدود الجسد العربي


كامي بزيع

الحوار المتمدن-العدد: 3640 - 2012 / 2 / 16 - 17:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما يشعر الاوروبي او الاميركي بانه يريد ان يكون وحيدا، بمفرده معزولا، فانه يدخل غرفته ويغلق بابها، فيعرف كل من في البيت بانه لا يريد ازعاجا وانه يريد ان يكون على انفراد. يستعمل المكان كملجأ، يحميه من الاخرين، من الخارج، ذلك ان حدود شخصيته وامتدادها تشمل ايضا مكانه الخاص، فتتحول غرفته الى جسده نفسه، حيث على الاخرين احترامها وعدم التطفل عليها، لان المحيط الخاص بالجسد يرتبط بالجسد نفسه، وان اي لمس او اقتراب من هذا المحيط انما هو مساس بالفردية واختراق للخصوصية وانتهاك للحميمية، حتى لمس الثياب نفسها يندرج في هذا السياق.
ان العربي لديه مفهوم مختلف للشخصية بعلاقتها مع الجسد، فالشخصية لا تكمن في الجسد او في امتداداته "الاقليمية" انما في مكان عميق في "الداخل"، حيث مساس الجسد لا يشكل بالنسبة اليه اهانة او تعدي كما بالنسبة الى "الغربي"، فالجسد ليس امرا مقدسا كما الروح، بل هو شيء بخس وفان، وبالتالي نجس، والعمل يكون دائما بتنظيف الجسد، حيث تشكل طهارته احد شروط قبول الصلاة.
يقول ادوار هول في كتابه "البعد الخفي": "ان شخصية العربي تتموضع في جزء ما داخل جسده، ومع ذلك، فاناه الشخصية ليست مخفية بالكامل، بل يمكن بسهولة الوصول اليها عبر الشتيمة". اذن هو محمي بوجه اللمس لانه لا يهتم بالجسد، لكنه ليس محميا بوجه الكلمة، ان العربي الذي فضاء جسده غير واضح المعالم مكانيا، وكنتيجة لذلك لا يعير اهتماما الى فضاء جسد الاخرين، يمكن انتهاك حرمته الشخصية عبر الكلمة والمثل يقول "من لا تقطع به الكلمة ، لا يقطع به السيف" في اشارة الى تأثير وفعالية الكلمة التي لها قوتها بشكل تفوق فيه حد السيف.
اهمية الكلمة هذه هي التي تدفع الانسان العربي، عندما يريد ان يكون وحيدا، منعزلا، ومستنكرا، تدفعه ليمتنع عن الكلام، اي انه يلجأ الى "شريعة الصمت"، يأكل ويشرب ويتنقل، لكنه لا يتكلم، يمتنع عن الحديث، يتوقف عن المخاطبة مع اقرب المقربين اليه، واكثر من تمارس هذا الحق هي المراة، فالمرأة التي تعجز على ان تتخذ لها فضاء خاصا تعيش فيه بانعزال او انفراد، تلجأ الى الصمت، كان الكلام هو الفضاء الاجتماعي والتاريخي لا بل الشخصي الذي يشكل العلاقة مع الاخرين سواء في العائلة او في الشارع وهو الذي يحميها بوجه الحياة.
عندما يلزم المرء الصمت، فانه بكل المعاني يتوقف عن المشاركة، ويتخلى عن العيش الاجتماعي العام، لان الكلام هو العام، بل ينزوي بذاته وحميميته غاضبا او سعيدا، مستنكرا او متأملا، فحدود جسده انما تنفتح بالكلام وتنغلق بعدمه، وعندما يصمت يصبح بشكل او بآخر غير موجود، فكأنه يوجد بالكلمات، ويغيب بتغييبها، فيصبح الكلام هو حدود الجسد العربي الذي يتشكل ماضيا وحاضرا ومستقبلا، ويصبح حضوره قائما عبره ومن خلاله، فيه تتشكل ذاته وتتمحور فرادته وحميميته فهي ملجأه ساعة تعز الاماكن وتضيع.



#كامي_بزيع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموضة الخضراء
- جدي
- المرأة والليل
- ايها الكتاب
- لماذا تسمى المراكب ؟
- واكثر
- زمن المرأة قادم
- التحرش الجنسي
- الرجولة والانوثة
- لماذا تعود الى احلامي
- مساحة الانسان
- على المائدة
- حصان طروادة
- برامج الواقع والثورة العربية
- بك اولد من جديد
- المرأة ابتكرت التكنولوجيا والزراعة والفخار
- ايفا فورست
- مفهوم اللا-مكان
- الشرف والرجولة
- مارتين هيدغر: بناء، سكن، فكر


المزيد.....




- ما هي القاذفة الأمريكية الشبح -بي-2- التي تعول عليها إسرائيل ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي: دمرنا نصف منصات إطلاق الصواريخ الإي ...
- تحمل اسم -باقري-.. العثور على حطام مُسيّرة إيرانية في جنوب ...
- إسرائيل.. حريق هائل وإصابات في استهداف صاروخي إيراني لمدينة ...
- فيديوهات الذكاء الاصطناعي تتنبأ بحرب عالمية ثالثة بطريقة ساخ ...
- إسرائيليون يفرون من القصف إلى الخارج عبر الأراضي المصرية
- الإعلامي السوري موسى العمر يعلن عن استثمارات ضخمة في جبل قاس ...
- حسّون في بلا قيود: إسرائيل من أقوى الدول النووية لكنها دولة ...
- خبير عسكري: إيران تستخدم صواريخ نوعية ومتطورة يصعب اعتراضها ...
- تمارين القوة.. سلاح ذكي لوقف زيادة الوزن المصاحبة لانقطاع ال ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامي بزيع - حدود الجسد العربي