أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي فريدي - العراق.. والثوابت الوطنية














المزيد.....

العراق.. والثوابت الوطنية


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3593 - 2011 / 12 / 31 - 16:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


العراق.. والثوابت الوطنية
الفقرة الاولى في الدستور العراقي تتضمن تعريفا لماهية العراق باعتباره دولة عربية وذلك بحسب النظام السائد، ففي الدستور الملكي كلن (مملكة عراقية) وفي الدستور الجمهوري كان (جمهورية عراقية) وفي دستور الاحتلال كان (دولة اتحادية). أما الشعب العراقي فهو يتكون من عدة قوميات وأعراق يشكل العرب القومية الرئيسية فيه، وفي الدستور الجمهوري تم تسمية الشعب العراقي بأنه يتكون من (القوميتين العربية والكردية)، أما دستور الاحتلال فتضمن مقدمة انشائية طويلة تضمنت قائمة اسمية لعديد الأعراق والاجناس التي استوطنت أرض النهرين منذ سومر حتى اليوم، دون توضيح الأهمية السياسية لتلك المسميات في التشكيل السياسي الجديد، مساويا بين الاقليات المندثرة والمستمرة من جهة، وما بين الاقليات الصغيرة والأغلبيات. أما على صعيد التطبيق فقد استأثرت فئتان أغلبيتان (شيعة/ كرد) بالسلطات الثلاثة. وترك للأقليات حق الانضمام والانصهار في الأغلبيات، من الناحية العملية.
فالثوابت العراقية بحسب الدستور ليست سوى طوارئ دهمت تاريخ البلاد، وبالتالي فهي شرعنة الطارئ مقابل تهميش الثابت. أن القوة المتسلطة تعمل على طبع كل شيء في البلاد بطابعها، حتى تظهر قوة جديدة تطيح بها وتفرض نفسها على البلاد. هذه الاحتلالات الشمولية المتعاقبة في تاريخ العراق، مارست تغييبا مستمرا للذات العراقية وثوابت الكيان العراقي. وهي السبب الرئيس عن تشوّه الكينونة العراقية ودمار خصائص الهوية العراقية، التي كانت الرائدة عالميا ذات فجر تاريخ قديم. تلك الخصائص الحضارية والانسانية التي سبق أن انتقلت إلى أرض سورية ومصر والاغريق والهند، تختفي في أرض المنشأ، وفي حين يحتفل أهل تلك البلاد بها وببلادهم، لما تزل تلقي الجحود والتجاهل في موطنها الأصلي.
يفضل البعض الاتجاه باصبع الاتهام نحو المثقف المنتمي الذي تنصل من دوره الوطني منساقا لمصالحه الخاصة على حساب المصلحة الوطنية أو القومية*، على اتهام أي من عناصر السلطة التي تعتمد مبدأ العقاب والثواب المباشر.
يعاني العراق من حالة راهنية مشوهة، تحتمل مسؤوليتها حكومات الراهن، لكن حالة العراق الراهنة لها عمق تاريخي وتكرار متداول بادل بين مواقع الصح والغلط والطارئ والثابت والأصيل والدخيل. وقد ترك هذا الواقع أثره السلبي على الناس في حال من حيرة وضياع للامساك بخيوط المشكلة الموصلة إلى حل. التعبير الدارج للمشكلة عند العراقيين هو (شليلة)-وهي شدّة الخيط الضايع راسها-. و(الشليلة) هي رمز للمشكلة المعقدة (complexed problem) التي لها مضاعفات وتداخلات قديمة تتجاوز الراهن والسطحي.
ان توجيه الاحترام الكامل لأهل البلاد الأصليين، وحفظ مكانهم ومكانتهم السيادية داخل المكون الاجتماعي الوطني هو احقاق للثابت القومي الذي صنع من أرض الغرين وطنا سجل الفباء المدنية والحضارة الانسانية، وجعل من سهولها وصخورها وروافدها امبراطوريات حققت من التقدم العلمي والعقلي والديني ما شكل ثوابت الحضارة والتقدم العقلي العلمي وقواعد الفكر الديني التوحيدي. لن يكون ذلك غير عودة صغيرة للذات، تضاهي مظاهر الحضارات العراقية القديمة وثمارها الشاهدة في المنجز الحضاري الانساني الذي يمكن رصده في كل مكان من العالم ما عدا أرض المنشأ. لماذا؟؟؟.
لماذا لم تتكيف الجماعات الوافدة مع خصائص المكون الأصلي، كما هو الحال في تاريخ مصر الفرعونية التي أخضعت معظم غزاتها لمنظومتها القومية وجعلت منهم ابطالا قوميين مصريين رغم اصولهم الهكسوسية والاشورية والاخمينية والرومانية، بينما عمل غزاة العراق على مسخ المكون الوطني بحسب ألونهم وأهوائهم المتغيرة مما انعكس سلبا على الأثنين (الماسخ والممسوخ). وقد فات هؤلاء أن كل غزو جديد يمسح (يمسخ) ما سبقه، وبالتالي فاتهم احتمال الاحتماء بالمكون الأصلي للوطن. وفي مصر ليس من السهل فرز عناصر الغزو المتعاقبة في تاريخها، بينما لا تكاد تجد ثمة صعوبة في الحال العراقية.
في مقابل ذلك، ما هو المنجز الحضاري والانساني، العلمي والمدني، للأغلبيات النافذة في العراق اليوم؟.. ما قيمة الكم البشري الذي لا يتوازن مع النوع الانساني؟.. ان مصانع الانجاب البشري هي بالتأكيد أنشط وأسهل من مصانع الانتاج العقلي والعلمي. واليوم تشكل الجماعات ذات الكثافات السكانية عبئا على النظام الاقتصادي والأمن الستراتيجي العالمي. ان المجموعة الأوربية هي أقلية بالقياس لقارات آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، ولكن أوربا هي التي تقود ركب العالم مذ ما يزيد على ثلاثة قرون، وقد قدمت خدمات تاريخية مدنية متصلة نقلت البشرية من الظلام إلى النور، ومن البدائية إلى حياة الحضارة والتمدن والتقدم المستمر، ومن أفضالها تعتاش كل البشرية.
لو حفظت الاغلبيات حقوق الأقليات العرقية في بلادها الأصلية، لاستمر نهر العطاء الحضاري والانساني على صعيد العقل والثورة المدنية، بدلا من الاغراق في هوس القوميات الشوفونية التي تستخدم أساليب القهر لقمع المختلف والاطباق على السلطة العمياء. في أطار هذا المنظور يتطلب مناقشة الحق المقدس للأغلبيات في سيادة البلاد وقمع انسانها ومستقبلها بين التشيع والتكريد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• لا يوجد في قاموس الثقافة العراقية تسويغ لمصطلح (قومية عراقية) أو (أمة عراقية)، ويعاني مصطلح (شعب عراقي) من خلل بنيوي على صعيد التطبيق.



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (سياسة التشيع في العراق)
- الثقافة والسيطرة
- التعليم والغربنة
- الشباب والقيادة
- تراجع النوع البشري
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية (5)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (4)
- 14 يوليو 1958ن حاجة محلية أم ضرورة دولية /3
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية.. (2)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (1)
- في ذكرى أنطون سعادة
- المركزية السورية أيضا..
- المركزية السورية ومشروع انطوان سعادة
- العراق في كتابات انطون سعادة
- القوي يكتب التاريخ
- هوامش على -قميص قلقميش-
- انحطاط القيم.. ظاهرة خاصة أم عامة؟..
- ماركس والعولمة
- حكومة كاميرون تبعد لاجئين عراقيين قسرا
- ثقافة الاعتذار والتسامح في العرف السياسي


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي فريدي - العراق.. والثوابت الوطنية