أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سامي فريدي - ماركس والعولمة















المزيد.....

ماركس والعولمة


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3084 - 2010 / 8 / 4 - 21:14
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



يختلف مجتمع المدينة عن مجتمع القرية من خلال التنوع الحرفي وانعكاساته الاجتماعية والثقافية. الغنى والتنوع المديني يفتح مديات وآفاق رحيبة تدعم تطلعات الأفراد نحو التغيير واستطلاع أنماط جديدة متغيرة من المعيشة والتعامل والتفكير. بينما استمرارية النمط الواحد تنعكس سلبا في إشاعة النمطية وطابع الجمود والسكونية والانغلاق وصولا إلى الخوف من التغيير.
تختلف أنواع الأعمال والمهن فيما بينها اختلافات كثيرة من زوايا متعددة؛ ويجري تقسيم الأعمال إلى فكرية، إدارية، أو جسدية عضلية بحسب طبيعة العمل. ومنها ما يكون يدويا أو باستخدام الماكنة أو الكمبيوتر بحسب اسلوب العمل. كما تختلف الأعمال في نظام العمل الفردي أو الجماعي، الجماعة الصغيرة أو الجماعة الكبيرة. كما يمكن تصنيف الأعمال بحسب مكان العمل أو نمط العلاقة مع الزبائن أو العملاء.
ان الكثير من عناصر العمل المعروفة تدخل اليوم في باب الكلاسيكيات أو التوصيف التقليدي الذي حاولت الطروحات الحداثية تجاوزه أو تقليصه أو تحويره، وبالشكل الذي يقلل من حجم التكاليف الرأسمالية الثابتة لصالح زيادة ديناميكية العمل وحركة المنتوج وفي المقدمة منها تقليص أو اختزال عنصر المكان والكادر الأداري المكتبي عبر التعويل على وسائل الاتصال الحديثة (تلفون/ فاكس ، انترنت) إضافة إلى زيادة طاقم مندوبي المبيعات ووكلاء الاعلانات والمروجين.
ويمكن تلخيص أبرز تغيرات سوق العمل في ما يلي:-
1- بدأ التحديث في الأسس مرتبطا بتصاعد وتائر الطلب في أعقاب ترسخ دعائم الاستقرار وبرامج التنمية الاجتماعية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وبلغت ذروتها في أمرين:
- الطفرة السكانية في العالم الثالث وبلدان الجنوب والشرق.
- الطفرة الانفجارية في النزعة الاستهلاكية العالمية سيما في مستلزمات المعيشة والسلع الالكترونية الحديثة.
لقد انقرضت بعض المهن من المشهد اليومي المعاصر وبعضها الآخر في طريق الانقراض، مثل محلات التسجيلات ودوائر البريد، وتقلصت كثيرا محلات صنع وتصليح الثياب والأحذية ومحلات تصليح المواد الكهربائية والالكترونية، ومكاتب السفر والسياحة وغيرها.
2- تتولى شبكة الانترنت الإلكترونية اليوم تلبية معظم طلبات الفرد الاستهلاكية والثقافية، بدء من الاتصال والتواصل الاجتماعي ومتابعة وسائل الاعلام وبرامج التلفزة والسينما ودروس التحصيل العلمي ومعاملات البيع والشراء والمشاركة في البورصة، وكل هذا عبر شاشة صغيرة (Laptop) مربوطة بالشبكة العنكبوتية.
3- النتيجة المترتبة على جملة التغيرات غير المستقرة في حركة السوق الاقتصادية أو الاستهلاكية هي بروز المال كقيمة أولى وأخيرة ليس في سوق العمل وانما مجالات الحياة كافة. أن تقييم أي علاقة اجتماعية، بناء أسرة، انتاج طفل، انما يخضع لحساب مالية التكاليف والريع قبل أي شيء آخر. فالمثل الاجتماعي القديم (من لا يملك فلسا لا يساوي فلسا) تكاد تتحقق في ظل عولمة السوق لتنتج معيارا طبقيا اجتماعيا جديدا أساسه (قيمة كل فرد بقدر ما يملك!).
4- على عكس النظام الاقتصادي التقليدي، فتحت العولمة (انفتاح- خصخصة- عولمة) أبواب العمل والاستثمار أمام الجميع بدون أية حواجز رسمية أو اجتماعية، وصار حلم الثروة والغنى في متناول كل شخص في قاع المركب الاجتماعي. فلم تعد الثروة حكرا على طبقة محدودة ورثت موقعها الاقتصادي الاجتماعي جيلا عن جيلا، وانما صار الطريق ممهدا لحركة سريعة في نظام الطبقات، فتظهر أسماء جديدة في سماء الاقتصاد بينما تتراجع وتخفت أسماء كانت لامعة على مدى أكثر من قرن. وفي حين أن عوامل المنافسة الشديدة لا تترك أسماء الأثرياء الجدد تستقر، فأن حجم الطبقة الجديدة في اتساع، بينما تستمر الأجيال الجديدة في التطلع لتسلق سماء الثروة والمجد الزائف الجديد.
*
الاجتماع.. الوجه الآخر للاقتصاد
كان تنظيم الحاجات البشرية نواة أول خلية اجتماعية وأول مبدأ في بناء الفكر الاقتصادي. ومع نمو الجماعة البشرية كان لابد لتنوع وتعدد قطاعات الاقتصاد ومستوياته. وكان التأثر والتأثير بالنتيجة بين الاقتصاد والاجتماع متداخلا على طول طريق تاريخ البشرية، وذلك بحسب معايير كان التوازن والقيمة الانسانية في مقدمتها. ولذلك ظهرت لوائح القيم الاخلاقية كمنظمات لا تقتصر آلياتها وفعاليتها على المجتمع فحسب وانما انعكست على نوعية ومستوى الاداء الاقتصادي فالأمانة والاخلاص قيمة اجتماعية مهمة، ولكن لا غنى للاقتصاد عنها.
ولكن درجة التزام الأفراد باللوائح الخلقية ليست واحدة دائما، وانما تتفاوت داخل المجتمع بحسب معايير حاول البعض تصنيفها..
1- بحسب الطبقة الاجتماعية.
2- بحسب نوعية العمل الاقتصادي للفرد.
3- بحسب درجة الالتزام الديني.
لكن الملاحظ أن قاعدة القيم الخلقية تعرضت لهزة كبيرة في خضم تحولات العولمة وسياساتها الاجرائية. فالعولمة كمنظومة سياسية اقتصادية دولية لم تتعرض للدولة والمؤسسات الكبيرة وانما تعرضت لكل فرد وكل طفل على سطح الكرة الأرضية، بشكل مباشر أو غير مباشر، كثيرا أو قليلا. فتغير المستوى الاقتصادي للأفراد لابد أن ينعكس على سلوكهم الاجتماعي، ونفس الأمر ينطبق على تغير نمط العمل الذي يمارسه الفرد.
ان ثلاثة عقود من العولمة، برغم ما توصف به من فوضى وعشوائية، أنتجت نوعا من النظام المفتوح يستعصي التصدي لآثاره أو معالجته بدون اجراء حقيقي في بنية النظام العولمي أو القاعدة الاقتصادية، وهو أمر سوف يصطدم بصخرتين:..
1- الولايات المتحدة الأميركية راعية العولمة الامبريالية الامبراطورية.
2- رؤوس الأثرياء المستفيدين والمنخرطين في منظومة العولمة والمرتبطة حياتهم ورفاههم بها.
طبقة الأثرياء الجدد خرجت في معظمها من قاع المجتمع، بما تمثل تلك الطبقة المسحوقة من منظومة خلقية اجتماعية معينة، فحملت معها إلى سطح المجتمع ثقافاتها ومبادئها الخلقية وطريقة تعاملاتها وقاموسها اللغوي، وبحسب امتداد نفوذها الاجتماعي والاعلامي انتقلت مبادئها ولغتها للمجتمع والاعلام وربما تعاملات الحكومة.
يحذر الاجتماعيون عامة من آثار الانتقالات الاقتصادية أو السياسية والعسكرية الكبرى على المجتمع والأفراد. ومعظم المجتمعات التي عاشت تجارب الحروب والفترات الانتقالية في التحول السياسي أو الاقتصادي تأثرت سلبا على المدى القريب والبعيد، فكيف إذا اجتمعت تلك الآثار بتحولات العولمة التي نسفت في سياقاتها قواعد الاستقرار والثبات في مختلف المجالات.
بمعنى آخر، ان القيم الخلقية شهدت ذوبانا عاما وانسياحا على بعضها في ماء الاقتصاد الاستهلاكي وطبائع السوق، وبقدر ما حققه هذا من تقارب بين الهويات الثقافية والجماعات الأثنية فأنه جعل الانسان كقيمة اجتماعية وعنصر فاعل ومؤثر في مهب ريح العولمة. ومن الصعب اليوم رصد أي تمايز اجتماعي أو خلقي بين المثقف والفلاح، بين الطبيب وعامل المطعم، بين السياسي أو رجل الدين والتاجر أو بائع المفرد. فالمال والتلفون الخلوي ومنتجات ثقافة الانترنت هي القاسم المشترك. موظف الحكومة والصيدلي والعطار والطالب يشتركون في ماراثون المضاربات المالية والصرعات الجديدة في الثياب والالكترونيات وأخبار نوادي الكرة.
لقد عملت العولمة على تفكيك المؤسسات البلدانية والهويات الثقافية لتسهيل اختراقها وتطويعها لبرامجها، ومن خلال تفكيك المنظومات الخلقية فأنها لا تخشى أية معارضة محتملة كما تسد الطريق على أي محاولة للنكوص عن العولمة أو البحث عن طريق آخر. ومن هنا مدى خطورة ما حدث وحراجة المرحلة التي تعيشها البشرية اليوم.



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة كاميرون تبعد لاجئين عراقيين قسرا
- ثقافة الاعتذار والتسامح في العرف السياسي
- الانتخابات البريطانية والانسان العربي
- كنائس مصر والبلدوزر.. والانتخابات!
- لماذا لا يوجد لوبي عربي في بريطانيا؟!..
- في اركيولوجيا الثقافة
- يا عشاق الجمال والخير والمحبة تضامنوا
- من يثرب إلى العراق..
- العمال والعولمة
- قبل موت اللغة..!
- براءة العراق من علي ومزاعمه..
- شتائم اسلامية في أهل العراق
- (عليّ) في العراق..
- العراق من عمر إلى علي..
- المقدس.. من السماوي إلى الأرضي.. (جزء 2)
- المقدس.. من المطلق إلى النسبي.. من السماوي إلى الأرضي
- محاولة في تعريف الدين والمقدس
- العنف والمقدس (2)
- (كوتا.. كم.. نوع!!..) المرأة العراقية والمرحلة..!
- دعوة لحماية الحيوان وحفظ كرامته واحترام حقوقه..!


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سامي فريدي - ماركس والعولمة