أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سامي فريدي - تراجع النوع البشري














المزيد.....

تراجع النوع البشري


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3536 - 2011 / 11 / 4 - 16:44
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


شوارع لندن المسائية كرنفالات يومية لعروض الأجساد والأزياء وعروض النخاسة الرخيصة وتصافق الأذرع والأفخاذ والضحكات الماجنة.. شباب وشابات مندلقين من الجنوب والشرق، نحو هذه الجزيرة التي صنعت حياتها وتاريخها من القرصنة والأسلاب وغسيل الأموال الوسخة منذ القرن العاشر الميلادي حتى اليوم. معظم هؤلاء الشاباب ممن أعمارهم دون الثلاثين لديهم مؤهلات علمية وفنية، وجسدية جديرة بالبطولات الرياضية إلى كمال الأجسام وعروض الأزياء وملكات الجمال، يحملون بأيديهم بيانات خبراتهم العلمية والعملية بلغاتهم الأصلية واللغة الانجليزية ليحظوا أخيرا بعمل في مطعم أو فندق، لا يتعفف عن ابتزازهم واستغلالهم حسب الثغرات الفنية التي يحفل بها قانون العمل الانجليزي المنحاز للوردات وأرباب المال والأعمال أولا وأخيرا.
أين كانت فئة الشباب الما بين العشرينات ودون الأربعينات هذه، في عهد الخمسينيات وحتى السبعينيات.. عندما كان طلبة الجامعة وفئة الشباب جزء من النخبة الثقافية والطليعة السياسية والحراك الاجتماعي الرائد لعملية التحديث والتنمية. يومذاك كانت الحكومات تحسب لهذه الفئة كلّ حساب، والمجتمعات تتباهى بشبابها الطليعي الرائد والمثقف. ثورات الربيع التي استذكرها البعض مستهل هذا العام (2011) تعود أصولها إلى حركات الشبيبة الفرنسية والألمانية والتشيكية. الشيوعية السوفيتية بقيادة لينين بدأت بشباب الجامعات، والحركات السياسية العربية في النصف الأول من القرن العشرين اعتمدت على صفوف الطلبة والأساتذة، ومن بين فئة العشرينيات والثلاثينيات ظهرت قيادات العسكر التي قادت الجمهوريات – الدولة الوطنية، وبل أن الملك حسين في الأردن وغازي وفيصل في العراق كانوا من فئة الشباب عند استلامهم الحكم. وفي الجانب الثقافي والأدبي كانت الجامعات بأساتذتها وطلبتها رائدة الحداثة والثقافة عربيا أو عالميا. أليس جديرا بالتوقف والتأمل كيف أن أولئك الشباب قبل حوالي نصف قرن استطاعوا تغيير دفة الحياة في السياسة والثقافة والاجتماع، ولهم يرجع الفضل في آثار التحديث والتنمية الاجتماعية التي ما زالت بقاياها تناضل من أجل البقاء..
بالمقابل كانت فئة الشباب هذه مادة خصبة وخامة ساذجة في أيدي الاسلام الاسلامي وحركات التطرف والعنف السياسي منذ الثمانينيات والتسعينيات، والمادة الرئيسة لتغذية تنظيمات وأنشطة القاعدة الدولية. لقد تراجعت القيمة النوعية لفئة الشباب هذه رغم ما تيسر لها من مؤهلات علمية وفنية إلى نهاية الحراك الاجتماعي ثم انحطت إلى قاع العملية الاقتصادية، مع رواج سياسات الخصخصة وانهيار سياسات التنمية الوطنية. ومع انفتاح الحدود الوطنية أمام حركة الأيدي العاملة اندلقت العمالة الرخيصة نحو مراكز التجارة والمال في أسواق الخليج التجارية أم أسواق الغرب المفتوحة، وتتميز السوق البريتانية بينها بأنها الأكثر انفتاحا والأقل ضوابط وقيودا (دعه يعمل، دعه يمرّ)!.
ارتبط النوع البشري بعنصر الثقافة، وارتبطت القيمة الثقافية بالبعد الفكري والفلسفي للنشاط الانساني. ان تاريخ الفكر أو الفلسفة أو الفن الزاخر منذ عصر النهضة يتعرض للجفاف بعد مرحلة الحرب العالمية الثانية عالميا، وهذا يعني أن البشرية تعاني من أزمة حقيقية على صعيد تراجع الفكر ومعدل التسطيح والدونية البشرية.
ان الغاية القصوى لأغلبية الشباب أو الشبيبة اليوم لا تتعدى أغراض المال وترف المعيشة البرجوازية، ما يقابل انحطاطا مريعا على القيم الاجتماعية والخلقية. ومن أعراض ذلك غياب فكرة اليسار والمبادئ الاشتراكية التي كانت الثورة اتلفرنسية وثورة أكتوبر أرقى تجلياتها.
فأفكار انفتاح السوق الجديدة لم تحول البشر إلى مجرد عنصر مادي استهلاكي تابع في الاقتصاد العالمي، وانما اختزلت أي عنصر ابداع ايجابي نابع من الفكر أو النشاط إن لم يصب في مصلحة ربّ العمل..
نريد عمال ومستهلكين وليس مفكرين أو مثقفين
بل أن معيار التقييم أو الحسم الأول هو تأمين القوت، عبودية القوت.
ان تعدد الشركات والمؤسسات الاقتصادية وما شابهها من هيئات التوظيف تعتمد مبادئ وشروط ثقافية واقتصادية صارمة ومتعسفة في التشغيل. ولا يجد الأكثرية مناصا من القبول والخنوع لاكتساب المال وتغطية متطلبات المعيشة غير الرخيصة. والسؤال هنا عن قيمة الحياة أو العمل عندما تكون إنسانية الانسان أو قيم الحرية والفرد والعقيدة موضع الرهان والسمسرة!.. ولكن هذا هو العصر الأميركي، هذه مزاياه وبعض ثماره.
الهجرة وحركة الأفراد عبر الحدود وغياب القيم، يجعل مبادئ أخرى عرضة للمخاطرة، في مقدمتها العائلة والوطنية، التي تكاد تختفي أو تفقد قيمتها نهائيا.



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية (5)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (4)
- 14 يوليو 1958ن حاجة محلية أم ضرورة دولية /3
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية.. (2)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (1)
- في ذكرى أنطون سعادة
- المركزية السورية أيضا..
- المركزية السورية ومشروع انطوان سعادة
- العراق في كتابات انطون سعادة
- القوي يكتب التاريخ
- هوامش على -قميص قلقميش-
- انحطاط القيم.. ظاهرة خاصة أم عامة؟..
- ماركس والعولمة
- حكومة كاميرون تبعد لاجئين عراقيين قسرا
- ثقافة الاعتذار والتسامح في العرف السياسي
- الانتخابات البريطانية والانسان العربي
- كنائس مصر والبلدوزر.. والانتخابات!
- لماذا لا يوجد لوبي عربي في بريطانيا؟!..
- في اركيولوجيا الثقافة
- يا عشاق الجمال والخير والمحبة تضامنوا


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سامي فريدي - تراجع النوع البشري