أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - رواية -الحافيات- للأديبة دينا سليم أو عندما تتخذ المرأة من جسدها وسيلة للاحتجاج














المزيد.....

رواية -الحافيات- للأديبة دينا سليم أو عندما تتخذ المرأة من جسدها وسيلة للاحتجاج


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3260 - 2011 / 1 / 28 - 00:42
المحور: الادب والفن
    



مصطفى لغتيري –

تمتلك المرأة الكاتبة ميزة خاصة ، تتسم كتابتها بميسم خاص و بارز ، يميزها عن كتابة زميلها الرجل ، فالتجربة الحياتية الخاصة للمرأة و طبيعة تكوينها الجسدي و النفسي ، توقظان في أعماقها أحاسيس و انفعالات ، لا يتأتى للرجل ملامستها إلا عبر الخيال و الذاكرة و المقروء ، و تصبح هذه الأحاسيس أكثر تأججا و عنفوانا إذا ما كانت الكاتبة تنتمي إلى مجتمع منغلق و متخلف ، يحجر على المرأة ، و يمنعها من تحقيق كينونتها الإنسانية المستقلة ، بما يعني ذلك حرية الاختيار و الجرأة في التعبير المكشوف عن آلامها و أحلامها و طموحاتها دون رقابة داخلية أو خارجية ،تحولان - بلا ريب- دون أن تحقق غايتها في التعبير، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالجسد ، فكتابة المرأة عن جسدها لا يزال محاطة بكثير من التوجس و الشك المريب ،حتى أن الكثيرين لا يتورعون عن الربط المباشر بين الكاتبة التي هي من لحم و دم و الساردة التي هي مجرد تقنية سردية متخيلة ، بمعنى أنها كائن من ورق أو من كلمات إن صح التعبير، فمجتمعاتنا الذكورية تأبى إلا أن تتعامل مع المرأة بمكيالين ، ففي الوقت الذي يشتهي فيه رجالها الأنثى و يسعون بكل ما يملكون من وسائل للظفر بجسدها ، فإنهم في الوقت ذاته يتشبثون بطهرانية مرضية منافقة ، لم تعد أحابيلها تنطلي على أحد.

تداعت في خاطري هذه الأفكار و أنا أتصفح كتاب الأديبة العربية المقيمة في المهجر دينا سليم، الموسوم ب "الحافيات " ، و الكتاب عبارة عن رواية تتكون من جزأين ، يحمل كل منهما عنوانا منفصلا ، أصرت الكاتبة في التفاتة موحية أن تسميهما بأسماء نساء " وفاء" و "فضيلة" و لا يخفى على القارئ الدلالة العميقة للاسمين في مجتمع تعد المرأة فيه متهمة حتى يثبت العكس ، و قلما تستطيع إثباته.

تزخر الرواية بعدد كبير من الشخوص أغلبهم نساء ، لكنها لا تعدم شخوصا رجالا كذلك ، بيد أنهم شخوص مفعول بهم على الدوام يدورون في فلك النساء ، و يتحدد مصيرهم بمصيرهن.

و مما يثير الانتباه في هذا الأثر الجميل ، الذي وظفت فيه الكاتبة لغة جميلة و سلسة تتاخم لغة الشعر في بعض الأحيان ، أن الشخصيات النسائية في المتن السردي فاعلات ، لهن أصواتهن الخاصة و أحلامهن و طموحاتهن ، يتخذن قراراتهن بأنفسهن ، و إن سايرن متطلبات المجتمع و إكراهاته لبعض الوقت ، فإنهن سرعان ما يثرن و ينتفضن معبرات عن ذلك بشتى الوسائل المتاحة ، حتى تلك التي لا يمكن توقعها ، و قد تمضي المرأة بعيدا في احتجاجها إلى درجة أن تتخذ الشخصية من جسدها العاري وسيلة احتجاجية فعالة ، تقول الساردة " داعبتني فكرة جريئة و خبيثة ، نزعت قميصي ، و بقيت في الصدرية ، نظرت إلى جسدي الأبيض ، و جدته جميلا و ناصعا كالثلج ، ابتسمت أمام المشهد و استمررت في طريقي...

اعتلت أصوات الزمامير ، و احتشدت السيارات في المسارات بجانبي ، تنبهت إلى نظرات الجميع المشدوهة ، من حولي يرحبون بفكرة التعري هذه..

كم أنا جريئة ، جريئة و فخورة بنفسي .. سأدعهم ينظرون إلى امرأة لأول مرة تتعرى لأنها تريد ذلك ، لأنها اختارت أن تكون عارية ".

و تمضي الرواية في نفس النهج ، كاشفة عن هموم المرأة الشرقية و انشغالاتها ، جاعلة من الرجال لعبتها من خلال التجائها - مثلا- للحمل من " بنك الحيوانات المنوية" مما يعني ، في أحد مستويات التأويل، أنها لم تعد في حاجة للرجل الشرقي المنفصم الشخصية .. و حين تسوء حالة هذا الرجل " تقوده إلى الحمام ، تزيل أسماله عنه ، فيبدو هيكلا بلا روح ، تقوده حتى الحوض ، تدخله كالطفل إلى المياه الدافئة ... تدعه يسترخي بين يديها " لكن ذلك لا ينفع فتيلا ، فتدرك الحقيقة قائلة " لا يستطيع لمسها ، إنه معها بجسده فقط و روحه حائمة ، يختلي بنفسه ، ينحدر إلى أسفل العالم ، مقموعا ، مهتابا منزوع القوى".

و تبقى في الأخير رواية "الحافيات "للأديبة دينا سليم نصا أدبيا يمنح القارئ فرصة التعرف عن كثب عن نظرة المرأة العربية لنفسها و للرجل ، الذي يفرض وصايته عليها ، إنها ببساطة صرخة احتجاج ضد الواقع المهين الذي تحيا بين براثنه المرأة العربية و الرجل العربي معا.

دينا سليم- الحافيات - دار أزمنة الأردن الطبعة الأولى 2008



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدباء وكتاب يتحدثون ل(الزمان) عن درجة الجرأة في الكتابة
- الاحتفاء بالشخصية في المجموعة القصصية- الأب دحمان- للقاص الم ...
- السعدية باحدة مبدعة من الزمن الجميل*
- العوالم الافتراضية في الكتابة القصصية عند القاص المغربي محمد ...
- إيقاع الصورة الشعرية في -ظلي بقعة حبر -للشاعرة التونسية عائش ...
- كتابات ساخرة قصص قصيرة جدا لجميل حمداوي -تقديم مصطفى لغتيري.
- وقفة تأملية عند -دموع فراشة- للقاص حميد ركاطة
- مصحف أحمر رواية الثورة و الجنس المثلي و توحيد الأديان
- -خبز الله- لعمر علوي ناسنا أو ولادة جيل جديد من القصاصين في ...
- مليون توقيع من أجل جامعة مغربية فعالة و مبدعة و متنورة
- أصوات في المشهد : مصطفى لغتيري : المشهد الثقافي في المغرب : ...
- قصص قصيرة جدا لمصطفى لغتيري
- أحمري يبتلعه السواد للشاعر نزار كربوط ديوان يحتفي بالتفاصيل ...
- كائنات من غبار لهشام بن الشاوي رواية بروليتارية تحتفي بالحب ...
- التوصيات الختامية للملتقى العربي الأول للقصة القصيرة جدا بال ...
- - سنوقد ما تبقى من قناديل -مجموعة قصصية جديدة للقاص المغربي ...
- - خارج التعاليم .. ملهاة الكائن- للشاعر رشيد الخديري سمفونية ...
- لماذا حجب وزير الثقافة جائزة المغرب للكتاب؟
- الشذرية بين محوري التأليف و الاختيارمن خلال ديوان -مناورات ف ...
- حانة لو يأتيها النبيذ احتفاء بالجسد و النبيذ و الموت


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - رواية -الحافيات- للأديبة دينا سليم أو عندما تتخذ المرأة من جسدها وسيلة للاحتجاج