أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - السعدية باحدة مبدعة من الزمن الجميل*














المزيد.....

السعدية باحدة مبدعة من الزمن الجميل*


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3207 - 2010 / 12 / 6 - 17:27
المحور: الادب والفن
    



يرتبط الأدب بالإنسان ارتباطا و ثيقا ، فهو شرطه اللازب ، الذي لا يمكنه الاستغناء عنه ، فالإنسان منتجه و مستهلكه ، وهو موضوعه الأثيركذلك ، و حين يقرأ المرء نصا أدبيا ما ، يجد نفسه مدفوعا برغبة لاواعية و قوية للربط بين النص و صاحبه ، فيرسم من خلال النص صورة مثالية لمبدعه ، لكن نادرا جدا ما تصيب هذه الصورة ، فقد يكون النص و صاحبه على طرفي نقيض.


و لعل الامتياز الذي يتمتع به أهل الأدب دون غيرهم يتمثل في أنهم يعرفون حق المعرفة و جهي العملة، أقصد النص و صاحبه ، و تلك لعمري ميزة لا تتأتى للكثيرين.


قد تتيح لي هذه التوطئة الحديث عن المبدعة المحتفى بها السعدية باحدة ، فقد أتاحت لي الظروف معرفة هذه المرأة إنسانة و مبدعة ، لمدة من الزمن كافية ليكون انطباعي عنها قريبا من الصواب ، و قد لا يجانبه إلا قليلا.


كان لقائي الأول بها خلال تأسيس الصالون الأدبي ، إذ كانت السعدية باحدة مؤسسة فعلية له ، كما أثثته بحضورها الدائم و تضحياتها التي ربما لا يعرفها الكثيرون ، تكررت لقاءاتنا و تشعبت ، فأتاح لي ذلك تتبعها عن كثب كإنسانة و مبدعة ، بكثير من الحماس و الشغف ، خاصة و أنني لمست في كتابتها القصصية قوة و نضجا قلما يتأتى للوالجين حديثا لدنيا الأدب، وقد تتوج كل ذلك بتقديمي لكتابها الجميل "وقع امتداده و رحل".


السعدية باحدة امراة استطاعت بكثير من الحنكة أن توفق بين دورها كزوجة و أم، و دورها كمبدعة و ناشطة جمعوية ، و لعل ذلك يعبر بعمق عن شخصيتها التي استطاعت أن تجمع ما بين طبيعة المرأة المغربية المتسمة بالحياء و الخجل و تكريس وقتها لأسرتها، و بين طموح المرأة الحديثة المتمثل في رغبتها في أن تحجز لنفسها موطئ قدم في الحياة العملية و الفكرية ، فإن كانت أخلاقها و سلوكها و هيأتها توحي بامرأة محافظة ، اتخذت من دماثة الخلق والحدب على من حولها ديدنها ، فإنها-بالإضافة إلى ذلك- تتمسك بعقلانيتها و قوة إرادتها في التعبير عن انشغالاتها و من خلال ذلك عن انشغالات المرأة المغربية الحديثة ، التي تأبى إلا أن تشارك أخاها الرجل هموم الفكر و الأدب ، و المساهمة بقبس في تنوير العقل المغربي و الدفع به قدما نحو اكتشاف قارات جديدة في الإبداع و الفكر.


رغم التزاماتها المهنية و الأسرية تواظب السعدية باحدة على حضور اللقاءات الثقافية، و تساهم فيها بفاعلية تحسد عليها ، فهي تعتبرها-كما أسرت إلي ذات لقاء ثقافي- متنفسها الوحيد ، الذي يقيها من الاختناق برتابة الحياة و روتينها ، فكاتبتنا تختلف عن كثير من النساء اللواتي يجدن متنفسا في الغيبة و النيميمة و التسوق و أشياء أخرى.


السعدية باحدة امرأة تتحدى مرضها ، فرغم ما تكابده من معاناة بسبب أمراض أتعبت جسدها و نفسيتها ، فإنها تحافظ على روحها متألقة ، تحلق بها في عوالم الخيال المجنحة ، فتكتب لنا قصصا تواسينا و تعالج أنفسنا المتعبة.


تتميزالسعدية باحدة بخصلة نادرة في زمننا الأغبر هذا ، إنها امرأة الوفاء و سيدته ، تسأل عن أصدقائها باستمرار و تطمئن عليهم ، و تواسيهم ، تفرح لأفراحهم ، و تحزن لأحزانهم ، دوما تفاجئنا بشرطها الإنساني القوي ، و قدرتها اللامتناهية على العطاء ، إنها من تلك النفوس الكبيرة المعطاء ، التي تغمر الجميع بحنانها الأخوي الجميل.


السعدية باحدة مبدعة حقيقية ، أتاحت لها قراءاتها و تكوينها و حضورها للندوات الولوج إلى مجال الإبداع من بابه الرحب ، لقد ولدت نصوصها ناضجة ، حتى أن المرء ليحار في تصنيف مجموعتها "وقع امتداده و رحل " ضمن بواكير الأدباء.


إنها تكتب قصة ناضجة شكلا و مضمونا ، تعتني بجملها بهدوء و رصانة ، فتأتي قوية و صادمة ، تتميز بحيادية خلاقة ،تؤهل كتابتها لتصنف ضمن أدب الكبار.


فلنقف تحية إجلال و إكبار لهذه المبدعة الراقية، التي تذكرنا بالزمن الجميل ، زمن الإخلاص و الوفاء و المثابرة و المحبة والعطاء المتواصل.


*شهادة ألقيت في ملتقى "فتنة الأماسي القصصية" بمدينة الفقيه بن صالح المغربية، الذي تم خلاله تكريم المبدعة السعدية باحدة.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العوالم الافتراضية في الكتابة القصصية عند القاص المغربي محمد ...
- إيقاع الصورة الشعرية في -ظلي بقعة حبر -للشاعرة التونسية عائش ...
- كتابات ساخرة قصص قصيرة جدا لجميل حمداوي -تقديم مصطفى لغتيري.
- وقفة تأملية عند -دموع فراشة- للقاص حميد ركاطة
- مصحف أحمر رواية الثورة و الجنس المثلي و توحيد الأديان
- -خبز الله- لعمر علوي ناسنا أو ولادة جيل جديد من القصاصين في ...
- مليون توقيع من أجل جامعة مغربية فعالة و مبدعة و متنورة
- أصوات في المشهد : مصطفى لغتيري : المشهد الثقافي في المغرب : ...
- قصص قصيرة جدا لمصطفى لغتيري
- أحمري يبتلعه السواد للشاعر نزار كربوط ديوان يحتفي بالتفاصيل ...
- كائنات من غبار لهشام بن الشاوي رواية بروليتارية تحتفي بالحب ...
- التوصيات الختامية للملتقى العربي الأول للقصة القصيرة جدا بال ...
- - سنوقد ما تبقى من قناديل -مجموعة قصصية جديدة للقاص المغربي ...
- - خارج التعاليم .. ملهاة الكائن- للشاعر رشيد الخديري سمفونية ...
- لماذا حجب وزير الثقافة جائزة المغرب للكتاب؟
- الشذرية بين محوري التأليف و الاختيارمن خلال ديوان -مناورات ف ...
- حانة لو يأتيها النبيذ احتفاء بالجسد و النبيذ و الموت
- -حب .. و بطاقة تعريف- للقاص عبد السميع بنصابر جواز مرور نحو ...
- بين الأدب والتاريخ*
- استثمار اليومي ضمان لأصالة الكاتب


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - السعدية باحدة مبدعة من الزمن الجميل*