أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - العوالم الافتراضية في الكتابة القصصية عند القاص المغربي محمد فري














المزيد.....

العوالم الافتراضية في الكتابة القصصية عند القاص المغربي محمد فري


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3124 - 2010 / 9 / 14 - 19:50
المحور: الادب والفن
    



لا جدال في أن الثورة المعلوماتية الأخيرة أحدثت تغيرا جذريا في كثير من مجالات الحياة ، و لم يكن الأدب بمنأى عن تأثيراتها الإيجابية و السلبية ، إذ استطاعت الأجناس الأدبية -بمخلف أشكالها - التعاطي مع تقنيات الشبكة العنكبوتية ، بشكل فعال ، من خلال استعمالها كويسلة اتصال و تواصل ، استطاع بفضلها الأديب تكسير الحصار الورقي، الذي كان يحول دون أن يسمع صوته الأدبي الجميل ، كما وظف الأدب تقنيات الأنترنيت من خلال ما يسمى ب" الأدب الترابطي " ، و استلهم عوالم الشبكة العنكبوتية باعتبارها معطيات جديدة غزت حياة الأفراد و الجماعات بشكل غير مسبوق، فأثرت على سلوك الإنسان و نظرته للعالم من حوله، فاصبحت حياته الافتراضية الجديدة مؤهلة لتكون مادة أدبية خصبة.
و تنتمي المجموعة القصصية " أرضة رقمية " للقاص محمد فري سنة 2010 إلى فئة من النصوص ، استهوتها عوالم الأنترنيت ، فنسجت من أجوائها الافتراضية ثيماتها القصصية ، محاولة - بذلك- رصد هذه الظاهرة الجديدة على عالم الأدب، و مدى تأثيرها على الأديب من خلال رؤيا الكاتب الفنية .
و إذا كان العنوان "أرضة رقمية " يشي بهذا التوجه في المجموعة القصصية ، التي تضم بين دفتيها إحدى و عشرين قصة ، فإن الكاتب قد وطد العزم على تنويع ثيماته ، و يبقى الحضور القوي للكتابة و عوالمها رقميا و ورقيا قويا ، بل و يشكل محور الكتابة الإبداعية لدى القاص محمد فري ، هذا علاوة على اهتمامه بانشغالات و هواجس الإنسان المسحوق في عالم عدواني لا يعترف بفردانيته وإنسانيته ، و يسعى دوما إلى ممارسة أقصى درجات الضغط و التسلط عليه ، فلا يجد الإنسان حينذاك سوى الحلم مهربا و بلسما إلى حين ، يقول السارد في قصة "حلم ازرق" :" صعود لذيذ يخدر أعصابه ، ترتفع البالونة باستمرار ، يرتفع معها .. فيجاور الطيور في زرقة الأثير . يا سلام . لم أشعر أبدا براحة مثل هذه ، تحليق مخذر للاعصاب ، يسمو به إلى الملكوت .. إلى الأعلى .. إلى الحلم .. ما أجمل الحلم.. صعود.. صعود .. ما أفضع الحياة في الأسفل".
و إذا كان الأسلوب هو الرجل كما يقال ، فإن أسلوب الكتابة عند القاص محمد فري من خلال مجموعته القصصية " أرضة رقمية " قد تميز بخصائص عدة أذكرمنها :اعتماده على الجمل القصيرة جدا ذات الميسم البرقي ، التي تفصل بين مكوناتها نقط الحذف ،و لعل هذا مما منح القصص خفة و قوة ، يقول السارد " فجأة يحس بحركة غريبة تحدث بالوجه الملتصق به.. يتغير.. يصيبه المسخ.. تغور العينان .. يختفي الأنف.. ينكمش الفم .. يختفي الضوء.. يتصبب المكان.. ليعود الضوء تدريجيا .. يختفي الوجه.. يتحول إلى فيروس .. أرضة رقمية.. شكل غريب.. مخلوق لا شكل له".
و لا يخفى على القارئ أن هذا النوع من الجمل يمنع النص قوة و جاذبية ، خاصة في القصة القصيرة و القصة القصيرة جدا ، و تصبح هذه الجاذبية ساحرة و فاتنة إذا ارتبطت بتجسيم الأحداث ، فنراها و كأنها لقطات سينمائية أو حركات ممثلين على خشبة الركح ، و هذا ما نجحت في تحقيقة كثير من نصوص المجموعة.
و مما أضفى على قصص المجموعة مسحة جمالية خاصة تركيزها على ملمح السخرية في الكتابة ، و نجد ذلك واضحا في كثير من النصوص ، وهي سخرية تبنيها المواقف و المفارقات الوجودية و النفسية ، ففي قصة "أرضة رقمية" ،التي اختارها الكاتب لتكون عنوان الكتاب ، كما افتتح بها نصوص المجموعة ، نتابع بكثير من التشويق رحلة ذلك الكاتب المهووس بكاتبات الأنترنيت ، فيضع نفسه في مواقف لا يحسد عليها ، لا يمكن إلا أن ترسم الابتسامة على شفتي القارئ ، أما قصة " حلم أزرق" فتسمح لنا باستراق النظر إلى ذلك الموظف البائس الذي تفاجئه "المغادرة الطوعية" فتستحلب أحلامه وطموحاته، و للقارئ أن يتخيل استيهاماته و أحلام يقظته ، و في قصة "القاعة" ، نستمتع بالتلصص على ذاك الخطيب الذي انبرى لإبراز عضلاته الخطابية في قاعة فارغة من الجمهور.
و إذا كانت هذه الوقفة القصيرة عند المجموعة القصصية "أرضة رقمية " بعيدة عن أن توفيها حقها ، فإنها تسعى -على الأقل - إلى أن تثير انتباه القارئ إلى نص جميل من نصوصنا القصصية التي تستحق الكثير من الاهتمام.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيقاع الصورة الشعرية في -ظلي بقعة حبر -للشاعرة التونسية عائش ...
- كتابات ساخرة قصص قصيرة جدا لجميل حمداوي -تقديم مصطفى لغتيري.
- وقفة تأملية عند -دموع فراشة- للقاص حميد ركاطة
- مصحف أحمر رواية الثورة و الجنس المثلي و توحيد الأديان
- -خبز الله- لعمر علوي ناسنا أو ولادة جيل جديد من القصاصين في ...
- مليون توقيع من أجل جامعة مغربية فعالة و مبدعة و متنورة
- أصوات في المشهد : مصطفى لغتيري : المشهد الثقافي في المغرب : ...
- قصص قصيرة جدا لمصطفى لغتيري
- أحمري يبتلعه السواد للشاعر نزار كربوط ديوان يحتفي بالتفاصيل ...
- كائنات من غبار لهشام بن الشاوي رواية بروليتارية تحتفي بالحب ...
- التوصيات الختامية للملتقى العربي الأول للقصة القصيرة جدا بال ...
- - سنوقد ما تبقى من قناديل -مجموعة قصصية جديدة للقاص المغربي ...
- - خارج التعاليم .. ملهاة الكائن- للشاعر رشيد الخديري سمفونية ...
- لماذا حجب وزير الثقافة جائزة المغرب للكتاب؟
- الشذرية بين محوري التأليف و الاختيارمن خلال ديوان -مناورات ف ...
- حانة لو يأتيها النبيذ احتفاء بالجسد و النبيذ و الموت
- -حب .. و بطاقة تعريف- للقاص عبد السميع بنصابر جواز مرور نحو ...
- بين الأدب والتاريخ*
- استثمار اليومي ضمان لأصالة الكاتب
- الحوار المتمدن صرح حضاري شامخ


المزيد.....




- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - العوالم الافتراضية في الكتابة القصصية عند القاص المغربي محمد فري