أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - كائنات من غبار لهشام بن الشاوي رواية بروليتارية تحتفي بالحب الافتراضي














المزيد.....

كائنات من غبار لهشام بن الشاوي رواية بروليتارية تحتفي بالحب الافتراضي


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 2942 - 2010 / 3 / 12 - 01:02
المحور: الادب والفن
    


دأب المؤرخون على اعتبار الرواية ملحمة البرجوازية ، و لعل السبب في ذلك أن ظهورها كشكل كتابي ارتبط بانبثاق البرجوازية إلى الوجود و سعيها الحثيث للتحكم في وسائل الإنتاج ، لتكون وريثة شرعية للأرستقراطية و الإقطاع ، فم تتوان في خلق الشكل الأدبي الذي يعبر عنها و عن طموحاتها ، و مما يؤكد هذا الطرح أن شخوص الرواية الأثيرين ، هم أولئك الذين ينتمون إلى الطبقة البرجوازية الصغيرة أو المتوسطة، من موظفين و أساتذة و أطباء و كتاب... و بطريقتها الفنية تنبري الرواية لشرح ظروفهم المعشية ،و التعبير عن همومهم الوجودية و النفسية ،و تصوير تطلعاتهم المشروعة و غير المشروعة ، و المتتبع لمسار الرواية الطويل ، سيلمس - لامحالة- صحة هذا الطرح ، سواء تعلق الأمر بالمتون المغربية أو العربية أو العالمية ، بيد أن هذه القاعدة غير مقدسة ، إذ لا نعدم بين زمن و آخر روائيين يجنحون عن هذا التوجه، فينتقون شخوصهم من الطبقات الاجتماعية المسحوقة، تلك التي تكتوي بنار شظف العيش ، دون أن يمنعها ذلك من السعى جاهدة لاقتناص لحظات المتعة العابرة ، و من هؤلاء حنا مينة و محمد شكري و غيرهما.

و أزعم أن من يقرأ رواية " كائنات من غبار " الصادرة حديثا للكاتب ، لن يتردد في إضافة اسم كاتبها هشام بن الشاوي إلى هذه الثلة من الروائيين ، الذين استهواهم المهمش و الهمشي في درجاتهما القصوى ، فالسارد في هذه الرواية ينتمي إلى الطبقة "البروليتاريا "المسحوقة ، التي تكسب رزقها بعضلاتها و عرق جبينها بمعناه الحقيقي و ليس المجازي ، فهو يشتغل في أحد أوراش البناء صحبة رفاق من طينة خاصة ،أول ما يدل على ذلك أسماؤهم، التي نحتت على المقاس حتى تناسبهم ، و هي في الغالب ألقاب يطلقونها على بعضهم، فتتغلب على أسمائهم الحقيقية، بل تمحوها إلى الأبد ، وهذه الألقاب من قبيل " كبالا " و "بعية " و " بو الركابي" ..هؤلاء الرفاق يطربون و ينتشون على إيقاعات المغني الشعبي "الستاتي " ، و هوايتهم المفضلة التحرش بالنساء بطريقتهم الخاصة ، التي تشبه ما قام به " كبالا" الذي "أفرغ الكأس في جوفه دفعة واحدة ، و ردد بصوت طفولي حاد ، كما تعود حين يرى نسوة مارات أمام الورش :

" وا باااغي اللحممم ، و اباغي لحايممممة رطيبة "، يفهمن غزله الوقح البذيء ، يتضاحكن في غنج مزهوات بأجسادهن ""ص 76.
و مما يؤجج طابع الإثارة في هذه الرواية أن السارد متورط في قصة حب افتراضي ، مع امرأة سورية ، يتواصل معها عبر الانترنيت و يجمع بينهما أحد المواقع الإلكترونية ، هذا الحب الافتراضي يتسامى به السارد عن واقعه المر ، الذي يفرض عليه حياة قاسية و صعبة مع رفاق لا يفهمون الحب إلا في الممارسة الجنسية ، و هم يسخرون من عواطفه الجياشة تجاه امرأة تفصل بينه و بينها ألاف الأميال ، و هكذا ما إن يسمعونه يحدث حبيبته ، التي تهاتفه على حين غرة ، حتى يسخرون منه " خاصة هو يتكلم بلهجة مصرية مع حبيته التي يسميها" قطته الشامية " ".
كتبت هذه الرواية بأسلوب سلس و ممتع و متين ، يفاجئ القارئ بانسيابيته ، و جمله السردية ، التي تحكم الكاتب في بنائها بشكل يفي بالمطلوب ، و هذا ما يجعلني أدعي - قرير العين - بأن هذه الرواية تؤشر على ولادة روائي مغربي قادم بقوة ، فلنتأمل هذا المقطع الوصفي من الرواية :

"في هدأة الليل البهيم ، تلوح القرى المجاورة غارقة في صمت أواخر الشتاء . يتنامى نباح الكلاب متقطعا و بعيدا . النجوم تسبح في الفضاء السحيق تحرس القمر الشاحب ، و قد توارى خلف السحب.

قبالة البيوت ، نصبت خيمة كبيرة في الساحة الواسعة ، إضاءتها الساطعة تسلب ليل القرية صمته الجليل و ظلامه الدامس . يلوح الحزن على صفحات وجوه الفلاحين ، المتناثرين داخل الخيمة ، مشكلين جماعات صغرى ، متفرقة ، متحلقين حول الصواني الشاي و أطباق الكسكس ، تحدثوا بصيغة الماضي عن الجد الفقيد - بكلمات مختصرة ، كأنما ينتزعونها انتزاعا من قلوبهم - عن تعلقه بقريته ، التي لم يفارقها إلا لماما" ص 72.





#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوصيات الختامية للملتقى العربي الأول للقصة القصيرة جدا بال ...
- - سنوقد ما تبقى من قناديل -مجموعة قصصية جديدة للقاص المغربي ...
- - خارج التعاليم .. ملهاة الكائن- للشاعر رشيد الخديري سمفونية ...
- لماذا حجب وزير الثقافة جائزة المغرب للكتاب؟
- الشذرية بين محوري التأليف و الاختيارمن خلال ديوان -مناورات ف ...
- حانة لو يأتيها النبيذ احتفاء بالجسد و النبيذ و الموت
- -حب .. و بطاقة تعريف- للقاص عبد السميع بنصابر جواز مرور نحو ...
- بين الأدب والتاريخ*
- استثمار اليومي ضمان لأصالة الكاتب
- الحوار المتمدن صرح حضاري شامخ
- ملامح السخرية في المجموعة القصصية -الخلفية - للعربي بنجلون.*
- رسالة مفتوحة إلى الشاعر حسن نجمي
- هل -بيداغوجيا الكفايات - طريقة ملتوية لتطبيق شبكة التنقيط؟
- حنان كوتاري تنقش اسمها بالحناء في مدونة القصة المغربية
- بلاغة الغموض في - أشرب و ميض الحبر - للقاص اسماعيل البويحياو ...
- ليلة إفريقية رواية جديدة للكاتب مصطفى لغتيري
- رواية -عائشة القديسة- أو الوجه الآخر لمجتمع يصارع الانفصام
- حوار مع مصطفى لغتيري حول الرواية المغربية
- حضور الذات حقيقة و مجازا في ديوان - بقايا إنسان- لكريمة دليا ...
- وقع امتداده.. و رحل- مجموعة قصصية جديدة للقاصة السعدية باحدة


المزيد.....




- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - كائنات من غبار لهشام بن الشاوي رواية بروليتارية تحتفي بالحب الافتراضي