|
هل -بيداغوجيا الكفايات - طريقة ملتوية لتطبيق شبكة التنقيط؟
مصطفى لغتيري
الحوار المتمدن-العدد: 2706 - 2009 / 7 / 13 - 03:26
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
لا ريب أن الجميع لا يزال يتذكر المعركة الحامية الوطيس ، التي دارت رحاها بين وزارة التربية الوطنية من جهة و النقابات و نساء و رجال التعليم من جهة ثانية. ففي الوقت الذي سعت فيه الوزارة إلى فرض –من جانب واحد- شبكة للتنقيط ، تهدف إلى تقييم أداء المدرسين و المدرسات قصد الترقي أو عدمه في السلالم ، انتفض المعنيون بالأمر عن بكرة أبيهم رافضين هذه الشبكة ، بعد أن تداولوا في شأنها ، مبررين رفضهم بكونها ترهن مستقبلهم المادي بين أيدي المديرين و المفتشين ، كما أن هؤلاء الأخيرين لم يستسيغوا هذه الشبكة ، و إن تعاطوا معها على مضض ، لأنها تجعل ترقيهم- هم كذلك- تحت رحمة من هم أعلى رتبة منهم في السلم الإداري. وقد انتهت هذه المعركة- كما هو معلوم – بإعلان النقابات عن الإعلان عن نيتها في تنظيم مسيرة حاشدة في مدينة الرباط ، مما ادى إلى إلغاء الشبكة ، و إن كانت الوزارة قد أعلنت عن تأجيل تطبيقها فقط لا إلغائها نهائيا. بعد ذلك بعدة أشهر ، انطلقت دورات تكوينية في بعض الأكاديميات المنتقاة ، وقد مرت هذه الأيام التكوينية في ظروف مرضية ، إذ نجحت في المزج بين التكوينين النظري و التطبيقي ، واستفاد منها المعنيون على دفعات ، استغرقت كل دفعة خمسة أيام ، أشرف عليها مفتشون و مكونون في مراكز التكوين وبعض الإداريين ، وقد تمحورت هذه الدورات التكوينية على " بيداغوجيا الإدماج" .. وخلاصة ما جاءت به هذه الأيام التكوينية أن السنة الدراسية سيتم تقسيمها إلى أربع مراحل ، تتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع ، إذ سيتم التركز في الأسابيع الستة الأولى على إكساب التلاميذ كفايات و أهداف تعليمية جديدة ، و تنقسم هذه الكفايات إلى أساسية و مستعرضة ، تتحقق باكتساب المتعلمين موارد جديد ، وهي عبارة عن معارف و مهارات و سلوكات ، في حين يتم خلال الأسبوعين السابع و الثامن توقيف أي إكساب جديد للموارد ،و التركيز على شيئين أساسين ، وهما مربط الفرس بالنسبة ل "بيداغوجا الإدماج" :
-الأسبوع السابع : إنماء الكفاية -الأسبوع الثامن : تقويم إنماء الكفاية. و يتحقق ذلك من خلال اقتراح وضعيات إدماجية تتكون من: - السياق ، وهو المجال العام الذي تندرج فيه الوضعيات المقترحة. - الأسناد :جمع سند و هي الوثائق و الجداول و الصور التي تقدم للمتعلم ضمن الوضعيات المقترحة. -التعليمة و هي الأسئلة المذيلة للأسناد ، وتحدد المطلوب من المتعلم من أجل إنجازه. و بعد أن يسهر الأستاذ على إنجازات المتعلمين ، تأتي مرحلة تقويمها ، والتي تنقسم إلى معالجة فورية و معالجة مركزة. و تتبع المعالجة خطوات دقيقة : -التشخيص و يعني التأشير على أخطاء المتعلمين و تسجيلها. -التصنيف : و يتحدد خلاله نوع الخطأ أو الصنف الذي ينتمي إليه.و من هذه الأصناف ا- الملاءمة : أي مدى فهم التلاميذ للتعليمة التي تذيل الأسناد. ب- استخدام الموارد : و يعني التحقق من مدى قدرة التلاميذ على توظيف ما اكتسبوه من موارد خلال الأسابيع الستة السالفة الذكر. ج- الانسجام : التسلل المنطقي للأفكار و مدى ترابطها. د- جودة العرض. - تفييء المتعلمين بعد تفريغ الأخطاء في شبك, خاصة عبر تصنيفها ، يعمد المدرس إلى تصنيف المتعلمين حسب الأخطاء و تواترها و شيوعها ، انطلاقا من تحديد مصادر هذه الأخطاء ، التي قد تكون نتيجة التسرع أو عدم التحكم في الكفاية أو خلل عضوي لدى التلميذ يستدعي تدخل أطراف خارجية كالأسرة أو الطبيب ... -المعالجة :و تتدرج من المعالجة الجماعية أي ضمن مجموعات ثم ثنائية ، ففردية ، حسب طبيعة الخطأ ، وقد تستوجب إعادة إكساب المتعلمين لكفاية معينة لم يتمكنوا منها ، ويتم رصد هذا التمكن و التعبير عنه بالتمكن الأقصى أو الأدنى أو الجزئي أو المنعدم. بعد هذا التلخيص المتعجل ل"بيداغوجيا الإدماج " كما جاءت في الدورات التكوينية ، و الذي نعترف بقصوره عن إعطاء نظرة شاملة و متكاملة عما تم التطرق إليه خلالها ، إذ زخرت بكم من المعطيات و الوثائق الهامة التي يتعسر حصرها في هذا المجال الضيق ، نجد أنفسنا ملزمين بتقديم بعض الملاحظات. - نجاح هذه الدورات التكوينة " برشيد نموذجا". - ضرورة استمرارها ، حتى لا تكون سحابة صيف عابرة. - المحافظة على نفس الجدية و الحماس في التعاطي معها من قبل المكونين و المستفدين منه. - التعجيل بإخراج الكراسات الموعودة إلى النور ، حتى تيسر عمل كل من المدرس و المتعلم. -توفير الوسائل التعليمية الكفيلة بإنجاح المنهجية الجدية. - ضرورة توفر كل مؤسسة على آلة النسخ. -تعويض رجال التعليم عن التنقل إسوة بالمكونين.
و على الرغم من التفاؤل الذي عبر عنه الكثيرون بخصوص هذه الدورات و تميزها عن الدورات السابقة ، فإن تخوفا مشروعا تسرب إلى الأفئدة ، مفاده أن "بيداغوجيا الإدماج " قد تكون سبيلا ملتويا ، عمدت وزارة التعليم إلى سلكه لتمرير مشروعها المجهض المتمثل في "شبكة التنقيط " غير المأسوف عليها، إذ إن نقط تقاطع بادية للعيان تجمع بينهما . فإذا كان المدرس سيخضع المتعلمين لتقييم و تقويم تعلماتهم اعتمادا على المنهجية الجديد ، فإنه هو نفسه سيخضع لنفس الشيء من قبل المديرين و المفتشين ، الذين من المنتظر أن يستفيدوا من تكوين في هذا المجال. و إذا كانت كل من "بيداغوجيا الإدماج " و " شبكة التنقيط" تتفقان في الشكل و الهدف العام أي القييم و التقويم ، فشتان ما بين النتائج التي ستترتب عن الأولى و تلك التي ستترتب عن الثانية ، فإذا كانت نتائج الأولى في صالح المتعلم و منصفة له ، فإن نتائج الثانية قد تكون كارثية بالنسبة للمدرس. لكل ذلك و لغيره لا نملك سوى أن نهمس في آذان من يهمهم الأمر بأن نساء و رجال التعليم ليسوا ضد تطوير أدائهم المهني ، والرقي بمهنتهم إلى المستوى الذي تستحقه كمهنة نبيلة ، يعول عليها في رقي الوطن و المواطنين ، فإنهم – و بلا تحفظ - ضد أن تطبق عليهم معايير تقييمية جديدة، دون التخلص من تركة الماضي ، و نعني بها تراكم أفواج المدرسين الذين حرموا من الاستفادة من الترقي في السلالم منذ سنة2003. و إذا كانت الوزارة جادة و حريصة على تحقيق الأهداف المتوخاة من اعتماد " بيداغوجيا الإدماج" ، فلتبادر – دون تباطؤ أو تلكؤ- إلى تطبيق ترقية استثنائية ، تصفي العجز المتراكم في هذا المجال، وسيكون ذلك – في حال تحققه- كفيلا بسد باب الذرائع ، ومحفزا – بالتالي- على إدماج هذه المنهجية في المدرسة المغربية بسلاسة و يسر و نجاعة ن،و إلا فإنها ستعتبر سبيلا ملتويا و مخادعا لتمرير ما تم رفضه بالأمس.
#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حنان كوتاري تنقش اسمها بالحناء في مدونة القصة المغربية
-
بلاغة الغموض في - أشرب و ميض الحبر - للقاص اسماعيل البويحياو
...
-
ليلة إفريقية رواية جديدة للكاتب مصطفى لغتيري
-
رواية -عائشة القديسة- أو الوجه الآخر لمجتمع يصارع الانفصام
-
حوار مع مصطفى لغتيري حول الرواية المغربية
-
حضور الذات حقيقة و مجازا في ديوان - بقايا إنسان- لكريمة دليا
...
-
وقع امتداده.. و رحل- مجموعة قصصية جديدة للقاصة السعدية باحدة
-
أنماط الرواية العربية الجديدة
-
على أعتاب المكاشفة
-
رسائل إلى أديب ناشئ
-
الإبداع القصصي عند يوسف إدريس
-
أنطولوجيا القصة المغربية
-
تسونامي - قصص قصيرة جدا - الكتاب كاملا-
-
الكرسي -مسرحية من فصل واحد-
-
إبداعات مغربية 2
-
ضفائر للطيفة لبصير
-
إبداعات مغربية
-
السرد الروائي في رواية - رجال وكلاب- لمصطفى لغتيري
-
روايات مغربية.. 2
-
مميزات القصة القصيرة جدا ومرجعياتها الثقافية والواقعية (أضمو
...
المزيد.....
-
أفوا هيرش لـCNN: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الجام
...
-
بوريل: أوكرانيا ستهزم دون دعمنا
-
رمز التنوع - صادق خان رئيسا لبلدية لندن للمرة الثالثة!
-
على دراجة هوائية.. الرحالة المغربي إدريس يصل المنيا المصرية
...
-
ما مدى قدرة إسرائيل على خوض حرب شاملة مع حزب الله؟
-
القوات الروسية تقترب من السيطرة على مدينة جديدة في دونيتسك (
...
-
هزيمة المحافظين تتعمق بفوز صادق خان برئاسة بلدية لندن
-
-كارثة تنهي الحرب دون نصر-.. سموتريتش يحذر نتنياهو من إبرام
...
-
وزير الأمن القومي الإسرائيلي يهدد نتنياهو بدفع -الثمن- إذا أ
...
-
بعد وصوله مصر.. أول تعليق من -زلزال الصعيد- صاحب واقعة -فيدي
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|