أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - الاحتفاء بالشخصية في المجموعة القصصية- الأب دحمان- للقاص المغربي شكيب عبد الحميد














المزيد.....

الاحتفاء بالشخصية في المجموعة القصصية- الأب دحمان- للقاص المغربي شكيب عبد الحميد


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3224 - 2010 / 12 / 23 - 22:42
المحور: الادب والفن
    


يتفق معظم النقاد و المهتمين بالإبداع السردي أن ما يترسخ في الذهن بعد قراءة نص قصصي هو الشخصية ، و قليلة هي النصوص التي تولي اهتماما بالغا لهذا العنصر الهام في البناء القصصي ، فتأتي الشخصية - نتيجة لذلك- باهتة ، لا يمكن للمتلقي أن يتذكرها بعد انتهائه من قراءة النص الأدبي إلا كأشباح تتراقص دون ملامح واضحة ، ثم سرعان ما تعزب عن الذهن و كأنها و العدم سواء ، بيد أن كتابا بعينهم يجدون و يجتهدون في رسم شخصياتهم القصصية بكثير من التفاني و الصبر ، متأثرين في ذلك بالمدرسة الكلاسيكية ، التي وطدت دعائم الفني القصصي ، و خاصة مع الرواد كموباسان و تشيخوف و يوسف إدريس و غيرهم.. هؤلاء الكتاب الذين منحوا الشخصية أدوار محورية في إبداعاتهم القصصية ، و بقضل ذلك جاءت قوية و متألقة و فاعلة و ذات معنى. و هم بذلك قد ضمنوا لها الخلود في المخيلة الجمعية لمتلقي الأدب.
و من هؤلاء الكتاب القاص المغربي شكيب عبد الحميد ، الذي ما إن يقرأ المرء إحدى قصصه ، حتى تترسخ في الذهن شخصيته الرئيسية ، التي يكد الكاتب في رسمها بملاحها الجسدية و النفسية .. و مما يثيلر الانتباه في تعاطي شكيب عبد الحميد مع شخصياته أنه رسمها لا يأتي مباشرا و متكلفا ، و إنما يتخذ له بعدا متناميا ، يتطور عبر مساحات القص و التخييل ، و الشخصية عنده لا تقدم دفعة و احدة ، و إنما تتشكل بتأن و صبر ، و ينتهي رسمها بنهاية القصة ، فإذا هي حية تسعى ، ترى و تسمع و تتحرك في فضاء محدد ، تناقش و تدلي برأيها ، وتفرح و تحزن و كأنها شخصيات حقيقية.
و إذا كان الكاتب قد اختار أن يسم مجموعته ب"الأب دحمان " ، فإن هذا الاختيار غير بريء ، و هو يشي بالاهتمام الذي يوليه للشخصية ، فلا يمكن أن يمر هذا الاسم -أعني اسم الشخصية - مرور الكرام على القارئ ، و يترسخ هذا الاعتقاد أكثر عندما نطالع القصة التي تحمل هذا العنوان في طيات المجموعة و التي جاءت في الصفحة الرابعة و الأربعين ، فيقول السارد : " مستهل القرن العشرين و بالضبط في السنة الأولى منه أبصر النور ، صاح صيحته الأولى إيذانا بقدومه إلى هذا العالم من أم عراقية الأصل و أب دكالي من قبيلة الدحمانة بأولاد عزوز . عشت معه ثلاثين سنة من عمري . تربيت في كنفه . إذا رأيته رأيت رجلا ربعة القوام يميل إلى القصر ، ضخم البنية ، أسود البشرة ، غليظ الأنف كبير العين ، أصلع الرأس ، جهوري الصوت ، إذا مشى قصد في مشيته ، و إذا تحدث صدق " ص44.
و من المؤشرات الدالة التي تؤكد اهتمام الكاتب بالشخصية اختياره لعناوين القص التي تحمل أسماء شخصياتها و منها : العجوز ، و كازيمودو و الكاتب و بياتريس و الأب دحمان.
و ما أن أتيح لي الاطلاع على المجموعة القصصية "الأب دحمان "حتى علقت بذهني شخصيتان لم أستطع منهما فكاكا ، و هما شخصية الكاتب و شخصية العجوز.
ففي قصة "الكاتب " التي احتلت الصفحات 29 و 30 و 31 و 32 و 33 و 34 تهيمن على العقل و الوجدان شخصية ذلك الكاتب الذي يتقلب في جحيم الوحدة و المرض ، و هو يسترجع بأسف شريط ذكرياته ، و حين يمل من لعبة الذاكرة تعمد يده نحو خزانة كتبه ، يسحب كتابا " يطوي الصفحات طيا ن يدخل غمار السباق مع أجود الفرسان ، كافكا ، إيكو ، ابن المقفع ، أبو حيان التوحيدي ، بلزاك ، هوجو ، شاطوبريان ، زولا ، المتنبي ، نزار ، بودزاتي ، ساغان... يركض حتى العطش ، يستريح أمام الوحات الوارفة الظلال ، يعب الماء الزلال ، ثم يواصل الركض كمجنون فر من معزله ".ص 31.
كما تستولي على النفس تلك المتع الصغيرة التي يجنيها الكاتب من استقباله للأدباء الشباب ، فينتشي أيما انتشاء بقراءة أحدهم لنصوصه على مسمعه ، فيعبر لصاحب النص عن إعجابه بالنص ، لدرجة أنه يتمنى لو كان هو كاتب النص المقروء، بل و تساعد متعة النص في شفائه من أمراضه النفسية و العضوية ، التي كاد الأطباء ييأسون من علاجها.
قصة "العجوز " تأسرنا بتلك اللعبة السردية المحكمة التي ارتضاها الكاتب لبناء نصه و رسم شخصياته ، و تتمثل في توظيفه لفيلم يعرض على شاشة التلفاز ، كمعطى محوري في بناء القصة ، كما ينتقل السارد إلى خارج الغرفة بين لحظة و أخرى من خلال اتصاله بفتاة تطلب مساعدته في مذاكرة دروسها ، فضلا عن تواصله بالهاتف مع عشيقته ، لنجد أنفسنا في الأخير أمام تخييل مضاعف ، يخدم القصة بشكل بارع ، يقول السارد " يرشف . يتلذذ. الفيلم ابتدأ. أطفأ ضوء الغرفة ليركز أكثر. جميل أن يغمرك الظلام وجها لوجه مع النور المربع القادم من جهاز التلفاز ، قرر متابعة الفيلم لأنه معجب بصاحب الرواية المأخوذ عنها الشريط".
و تبقى في الأخير "الأب دحمان " من المجاميع القصصية المغربية الجديرة بالاحترام و التي تستحق المزيد من الاهتمام ، لما تقدمه للمتلقي من قص مؤسس على أصول الفن القصصي كما ترسخ في الذهن و الوجدان من خلال الاطلاع نصوص رواد الفن القصصي الناجح ، بعيدا عن الانبهار بالتقنييات السردية الجديدة التي غالبا ما تكون مقصودة لذاته عند الكثير من القصاصين ، دون أن تؤدي وظيفة عميقة في بناء القصة .
الأب دحمان- شكيب عبد الحميد- مؤسسة الديوان 2007 للنشر و التوزيع



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعدية باحدة مبدعة من الزمن الجميل*
- العوالم الافتراضية في الكتابة القصصية عند القاص المغربي محمد ...
- إيقاع الصورة الشعرية في -ظلي بقعة حبر -للشاعرة التونسية عائش ...
- كتابات ساخرة قصص قصيرة جدا لجميل حمداوي -تقديم مصطفى لغتيري.
- وقفة تأملية عند -دموع فراشة- للقاص حميد ركاطة
- مصحف أحمر رواية الثورة و الجنس المثلي و توحيد الأديان
- -خبز الله- لعمر علوي ناسنا أو ولادة جيل جديد من القصاصين في ...
- مليون توقيع من أجل جامعة مغربية فعالة و مبدعة و متنورة
- أصوات في المشهد : مصطفى لغتيري : المشهد الثقافي في المغرب : ...
- قصص قصيرة جدا لمصطفى لغتيري
- أحمري يبتلعه السواد للشاعر نزار كربوط ديوان يحتفي بالتفاصيل ...
- كائنات من غبار لهشام بن الشاوي رواية بروليتارية تحتفي بالحب ...
- التوصيات الختامية للملتقى العربي الأول للقصة القصيرة جدا بال ...
- - سنوقد ما تبقى من قناديل -مجموعة قصصية جديدة للقاص المغربي ...
- - خارج التعاليم .. ملهاة الكائن- للشاعر رشيد الخديري سمفونية ...
- لماذا حجب وزير الثقافة جائزة المغرب للكتاب؟
- الشذرية بين محوري التأليف و الاختيارمن خلال ديوان -مناورات ف ...
- حانة لو يأتيها النبيذ احتفاء بالجسد و النبيذ و الموت
- -حب .. و بطاقة تعريف- للقاص عبد السميع بنصابر جواز مرور نحو ...
- بين الأدب والتاريخ*


المزيد.....




- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي
- مهرجان الفيلم العربي في برلين: ماض استعماري يشغل بال صناع ال ...
- شاركت في -باب الحارة- و-ليالي روكسي-.. وفاة الفنانة السورية ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - الاحتفاء بالشخصية في المجموعة القصصية- الأب دحمان- للقاص المغربي شكيب عبد الحميد