|
هل مجتمعاتنا تتقبل الحداثة كما هي بشكلها الصحيح؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2974 - 2010 / 4 / 13 - 17:57
المحور:
المجتمع المدني
ربما يمكننا ان نعتبر الحداثة هي المظهر و الشكل و التركيب و العلاقة و التفهم الحديث للواقع الجديد فقط، و هي الموضوع الذي يشمل كل جوانب الحياة بشكل مغاير و مستجد حديث و بداية حياة جديدة لمرحلة جديدة، مهمشة للسلبيات او العوائق التي رسختها المراحل التاريخية المتعاقبة، و التي ثبتت ما يمنع التقدم في كافة نواحي الحياة. اهم نقطة ارتكاز التي يمكن ان تسير عليها العملية السياسصية الثقافية الاقتصادية و تنجح، ويمكن ان تتجمع و تتركز في مساحة معلومة من حقوق الانسان و الانسانية في التعامل كارقى فكر و عقلية حداثوية و هي الدافع الطبيعي للحداثة و ما بعدها. ان اي شكل اخر من الحياة العامة لا يشبه ما كان من قبل في اكثر جوانبه، و هذا لا يعي ان يكون الاصح مما قبل بل مغاير ، و يختلف عن الماضي الا ما يخص الانسانية ، و على العكس ما يمس الطبيعة و جمالها و محتواها و ما تتضرر منذ بدايتها. الحداثة قضية معقدة كما نعرفها من التجربة الغربية، و هي اثرت بشكل كبير على العلاقات الاجتماعية و الاخلاقية و التربوية، و ليس بشرط ان تكون مؤثرة عليهم بالاتجاه الايجابي دائما، بل وضعت كافة الاشياء تحت تصرف و رحنة و خدمة الانسان و هذا يعود بالضرر من جوانب عدة على الانسان بذاته. من ه9ذا المنطلق، عندما نقيٌم ما نحن فيه و ما تتصف به منطقتنا من كافة النواحي، الحكم و الاقتصاد و الثقافة و الوعي و التربية و التعليم و التقدم التكنولوجي، البنى التحتية و الفوقية، لم نر و نلمس ما يقال هنا و هناك عن الحداثة الا سراب و خيال لم يحن الوقت للبدء في تصنيف الوضع العام بانه دخل الحداثة كما هو حال المناطق الاخرى التي قطعت اشواطا كبيرة. مسيرة جريان العملية الحياتية بما فيها و الاستناد على جوهر الحداثة فيها و ليس المظهر و هو المطلب و يحتاج لدواعم و تغييرات جذرية، و يحتاج لعقلية و امكانيات متقدمة، و لهذا لا يمكن ان نعتبر الحداثة هنا بانها حقيقية، بل يمكن ان تنعت على انها صورية و خيالية من جميع النواحي النفسية و الاقتصادية و السياسية، و حتى لدى الفكر و العقلية و الاعتقادات الفرد، و نحن دخلنا هذا العالم من باب الخطا و خاصة في منطقتنا الشرقية لم نتنافس و نتصارع من الجاونب الفلسفية و الفكرية لمضمون الحداثة و تداعياتها و معطياتها من اجل تجسيدها بل نتجنب الانها و صعوباتها و لذلك لم ننتظر غير الفشل منذ بداياتها. و الحداثة الحقيقية لابد ان تمس كافة الفئات و الشرائح و ابناء المجتمع و الانسان بشكل عام، الا اننا نحس بان الطبقة الوسطى هي التي تهتم بهذا المفهوم و ما يعنيه بالتحديد، و لهذا و في اكثر الاحيان يمكن ان نغير القشرة فقط و لم ندخل الى اللب المطلوب من نجاح العملية التي يجب ان تشمل الجميع . و هذا لا يعني ان ننكر و ننفي ما كان الموجود بكل ما فيه و نمسحه بالكامل، لا بل في بداية الحداثةعاد المفكرون باهتماماتهم الى الافكار و الاطروحات اليونانية و التوجهات و االطر الرومانية في الفكر و العمل و من ثم تفكيكها و استنتاج الجديد او الحديث منها. و هذا ما يجبرنا ان نستفيد من التجربة الاوربية و نعيد بافكارنا الى عصور النهضة الاوربية و ما حدث لمنطقتنا ان سميناها نهضة و لكن انقلبت لغير مسار، و لكن ما تقدم في الغرب حقق الهدف بدقة متناهية، و عبرت المراحل المتنورة الطبيعية التي تصحبها و الانتقالات التي حدثت للحياة العامة هناك، و بالاحرى يمكن الاستناد على الحداثة الاوربية كجسر لعبورنا الى عالم الحداثة و التقدمية و النهضة قبل اي شيء اخر. و عليه يجب ان نتفهم واقع و تركيب و محتوى و طبيعة مجتمعنا و نستفيد من تجارب الاخرين لربط العوامل المشتركة ان وجدناها لنجاحها في منطقتنا، و هذا من الصعوبة جدا و يحتاج لعقول و ارادات و امكانيات و مؤسسات و الاستقرار التام في الاوضاع للبلاد، لكي لا يعود علينا بالضرر و ينعكس و يتضرر المجتمع بدلا من الانتقال الى مرحلة الحداثة و السير فيها و ام بعدها، و الفشل محتمل في كل الحالات. لذا يجب ان يتعاون الجميع من المؤسسات و المنظمات و العقول و النخبة في تحديد البداية الصحيحة للبدء في تطبيق هذا المفهوم المصيري العصري الذي يجب على اي بلد ان يخوض في مضماره ان اراد التقدم و الانتقال بشكل عام في حياة مواطنيه. ما يتسم به الشرق الاوسط و المشرق بشكل عام يصعب الموقف رغم ثراء تاريخه بالتجارب و العلماء الذي خاضوا في العملية الحداثوية و دخلوا المسار من باب العلم و المعرفة و الاختراعات و النظريات التي تعتمد لحد اليوم من قبل الغرب. اي اننا نملك المواد الاساسية، و ربما التشويه الذي حصل في مدى التاريخ لمنطقتنا يصعب الموقف قليلا ، الا انه المنطقة تتحمل السير نحو الحداثة بقوة، و لكن التخطيط و البرمجة و العقليات الملائمة لم يبدئوا المسيرة و لم تستهل لحد اليوم لانشغال المنطقة بالكوارث السياسية و العسكرية قبل اي شيء اخر.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انفال انفال و ما ادراك ما الانفال
-
هل ديموقراطية العراق في الاتجاه الصحيح ؟
-
كيفية تدخل الاكاديميين لايجاد الحلول السياسية لما وقع فيه ال
...
-
الحداثة و تاثيراتها على الهوية الثقافية في منطقتنا
-
ماذا يقدم الاعلام لما يحتاجه العراق في هذه المرحلة
-
بعد ترسيخ المواطنة تتفاعل العقلية المدنية
-
هل بالامكان اختزال الديموقراطية في العملية الانتخابية فقط؟
-
من يتحمل مسؤولية عبور المرحلة القادمة في العراق؟
-
ما يرن باستمرار في اذاننا هو العراق الى اين ؟
-
الى متى تطول مخاض ولادة الديموقراطية الحقيقية في هذه المنطقة
...
-
هل ما نحن فيه ازمة ام صراع مصالح القوى؟
-
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
-
مابين الاصلاح و التغيير في اقليم كوردستان
-
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
-
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
المزيد.....
-
عهد جديد للعلاقات بين مصر وأوروبا.. كيف ينعكس على حقوق الإنس
...
-
-إسرائيل اليوم-: نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبا
...
-
ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات
...
-
سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
-
شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
-
تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تدين اعتقال مراسل الجزيرة والاعتداء عليه في غز
...
-
نادي الأسير يحذّر من عمليات تعذيب ممنهجة لقتل قيادات الحركة
...
-
الجيش الإسرائيلي: مقتل 20 مسلحا واعتقال 200 آخرين خلال مداهم
...
-
وفد إسرائيلي يصل الدوحة لبدء مباحثات تبادل الأسرى
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|